بعد شهور على انتهاء مفعول ما يسمى"السهم الذهبي"آي الفيتو الذي كان بإمكان الحكومة الإسبانية استعماله لحماية شركة البترول الاسبانية الارجنتينية"ريبسول"من تعرضها المحتمل لعروض شراء عامة، أصبحت هذه الشركة الآن مكشوفة الجوانب. إثر هذا الموقف الجديد، أخذت أنظار شركات البترول الكبرى مثل"شيفرون"الأميركية وپ"توتال"الفرنسية تتطلع باتجاهها. ومن المعروف ان صندوق توفير"لا كايشا"في برشلونه، اكبر المساهمين في شركة البترول الاسبانية- الارجنتينية، يملك 14.12 في المئة منها. كما تملك"تشايز نومينيس"10.08 في المئة و"كايشا هولدينغ"9.10 في المئة و"ستايت ستريت بنك"6.75 في المئة و"وريباينفس"6.10 في المئة وپ"بيميكس"4.8 في المئة، الى جانب مساهمين آخرين مثل"غاز ناتورال"وغيرها. وامام الأخطار المحتملة مثل التقدم بعملية شراء الشركة رغماً عن مساهميها، التي نجت منها حتى الآن بفضل ما تملكه في اميركا اللاتينية، بدأت خلال ايلول سبتمبر الماضي مفاوضات بين رئيس شركة البناء"ساثير فايي إيرموسو"لويس ديل رفيرو ورئيس ريبسول"انطونيو بروفاو"ورئيس"لاكايشا"و"غاز ناتورال"ريكاردو فورنيسا، تمخضت عن اتفاق سري يقضي بشراء الاولى 9.24 في المئة من"ريبسول"بنحو 25.23 يورو للسهم الواحد لتبلغ قيمة الصفقة 2855 مليون يورو. وهكذا يكون مصرف التوفير وشركة البناء تملكا نحو 25 في المئة من اسهم"ريبسول"وقاما بتصفيحها ضد جميع احتمالات الاستحواذ. وفي حين اكدت مصادر اقتصادية ان"ساثير"ترغب في شراء ما بين 15 و 20 في المئة من شركة النفط، وانها لم تعلن ذلك تحاشيا"لطلب ترخيص"اللجنة الوطنية للطاقة"التي تفرض قوانينها ذلك لدى شراء 10 في المئة او اكثر من أسهم أي شركة، نفى رئيسها نيته شراء اية نسبة غير تلك التي توافق عليها بالتراضي مع"ريبسول"و"لا كايشا"، موضحاً ان اسباب دخول شركته قطاع الطاقة هو امر استراتيجي سيسمح بزيادة ارباحها بنسبة 60 في المئة العام المقبل بين 240 وپ260 مليون يورو. أما رئيس"ريبسول"فيبدو انه ما زال يخطط لبيع نسبة أخرى من الأسهم الى شركة نفطية أجنبية، أميركية أو أوروبية لا فرق، ليخلق مجموعة تتسم بالاستقرار في مجلس الإدارة. وتشير التكهنات الى احتمال حصول الأميركيين على هذه الحصة، بالذات لأن البترول أصبح بالنسبة اليهم حاجة وضرورة ماسة جداً. وتأتي هذه العملية في اطار التحركات التي يشهدها قطاع الطاقة في أوروبا. فعلى رغم مؤشرات تدل على ان شركات البناء سارعت لإنقاذ شركات الطاقة من هجمة الغرباء، لا تقف القراءة المقنعة عند هذا الحد. إذ حازت شركات البناء أخيراً على سيولة نقدية ضخمة جداً، وذلك بسبب ارتفاع حجم نشاطها خصوصاً الى جانب شركات الطاقة بعد ارتفاع أسعار المحروقات والعقارات. وعلى إثر ذلك، بدأت"عمليات الصيد"خارج نطاق عملها لتوزيع الأخطار المحتملة لرؤوس اموالها وكسب الارباح من طريق الحصول على مشاريع تعميرية من شركات الطاقة، ومشاركتها في اعادة تنظيم هذا القطاع الذي يشهد تحركات مهمة وتدعيم رأسمالها على المدى البعيد وتثبيت نسبة معينة من الارباح، اضافة الى ضرورة ان تحل شركات اسبانية مكان المؤسسات المصرفية التي لم تعد تسمح لها القوانين المالية الجديدة بتملك نسب معينة في قطاع الطاقة. لذا، اشترت"اكسيونا للبناء"10 في المئة من"انديسا"للكهرباء، ثم تملكت آي سي اس نسبة 35 في المئة من"فينوسا"واكثر من 10 في المئة من"ايبيردرولا"للكهرباء. ومما يدل على تغير الأمور، أن رئيس"ريبسول"الحالي"انطونيو بروفاو"حاول عام 2003 شراء"ايبيردرولا"عندما كان رئيساً لمصرف"لاكايشا"وشركة"غاز ناتورال"، فرفض رئيس"ريبسول"آنذاك هذه العملية واجاب عليها بشراء شركة النفط نحو 30 في المئة من شركة الغاز. واستمر"بروفاو"في مطالبه، خصوصاً في الفترة الأخيرة، إذ ناشد الحكومة الإسبانية تغيير القوانين لتسهيل انشاء شركة طاقة وطنية كبيرة. وفي حين حذر الاتحاد الأوروبي حكومة إسبانيا من إجراء تعديلات على قوانينها تتعارض مع ما يعمل به في أوروبا، لم يتكهن المحللون بنيات رئيس"ريبسول". وهذه الأهداف باتت شبه واضحة اليوم. وهي تكمن في احتمال تأسيس نواة شركة كبيرة تضم مجموعة البناء"أي سي اس"وپ"ابيبيردرولا"وپ"فينوسا"وتتداخل فيها"غازناتورال"وربما تنضم اليها"ريبسول". وشركة عملاقة بهذا الحجم وبهذه التخصصات الطاقوية المختلفة من نفط وغاز وكهرباء سيكون لها ثقلها دولياً، وبشكل خاص في الدول العربية واميركا اللاتينية.