ما زالت عملية شراء شركة إنديسا من جانب غاز ناتورال، التي هزت قطاع الطاقة في اسبانيا امس معلقة في الهواء، على رغم الاعلان عنها بعدما نضجت فكرتها وحان وقتها. وتشير كل الادلة الى انها محكومة بالنجاح، ما سيضع الشركة الجديدة في قطاع الطاقة العالمي في المرتبة الثالثة. ولم يؤثر"عرض الشراء العلني"الذي تقدمت به شركة"غاز ناتورال"لحيازة كامل اسهم شركة"انديسا"للكهرباء في القطاع الاقتصادي فحسب، بل تعداه الى حياة البلاد السياسية، وفتح جدلاً ربما ستكون عواقبه وخيمة، اذا لم يعمل المسؤولون بسرعة على استدراك نتائج التوسع به. ورفض مجلس ادارة"انديسا"هذا العرض الذي تبلغ قيمته 22549 مليون يورو ووصفه بأنه"عدائي وغير كاف ويثير الشكوك حول الحفاظ على حقوق صغار المساهمين". يشار الى ان مبيعات شركة"غاز ناتورال"بلغت 6265 مليون يورو في العام الماضي، ووصلت ارباحها الى 634 مليون يورو، في حين بلغت مبيعات انديسا 17866 مليون يورو وبلغت ارباحها 1370 مليون يورو، اي ان الصغير سيبتلع الكبير. ولا ينتظر ان يختنق به لأسباب عدة اهمها عدم وجود مساهمين معارضين في شكل راديكالي في"انديسا"يرفضون العرض، واعتبار"لاكايشا"ثاني اكبر المساهمين في"انديسا"في شكل مباشر وربما اكبرها في شكل غير مباشر بعد صندوق توفير مدريد الذي يمتلك 9 في المئة من الاسهم. فضلاً عن مباركة وزير الصناعة الاسباني، وهو من مقاطعة كاتالونيا، العملية بعدما فاتحه صندوق التوفير"لاكايشا"بالموضوع الشهر الماضي اذا لم يكن له فيه دور غير معلن منذ بدء العملية خلال تموز يوليو الماضي. ومن هذه الاسباب ايضاً ان"لاكايشا"تملك 12 في المئة من ريبسول التي ستخفض بدورها رأس المال الذي تملكه في"غاز ناتورال"الى ما دون 10 في المئة لتضخه في الشركة الجديدة. كما يبدو ان دعم الحكومة المركزية لهذه العملية التجارية لم يقتصر على وزير الصناعة فقط بل كان حاكم المصرف المركزي مطلعاً على تفاصيلها. كما ان الاتفاق الثلاثي بين الاشتراكيين وقدامى الشيوعيين والقوميين الراديكاليين الكاتالانيين، الذي تمكن من خلاله الاشتراكيون الكاتالانيون من تشكيل حكومة في اقليم كاتالونيا، تضمن بنداً تعهد فيه الحزب الاشتراكي الذي يحكم في اسبانيا تسهيل هذه العملية التي بدأت فكرتها منذ ايار مايو 2004. والسبب الاخير يعود الى ان شركة"ايبردرولا"الكهربائية ثاني شركة كهرباء اسبانية تؤيد هذه العملية وستشتري اسهماً فيها بنحو ثمانية بلايين يورو. وعلى رغم اعلان"انديسا"عن بدء معركتها ضد عرض"غاز ناتورال"، وعلى رغم ان الحزب الشعبي الذي يعارض الصفقة لأنها تضع قطاع الطاقة في اسبانيا في يد مقاطعة كاتالونيا التي ترتفع اصوات الحاكمين فيها مطالبة بالانفصال عن اسبانيا، فإن العملية تسير الى الأمام وربما ستصبح فعلاً عامل ضغط لمقاطعة كاتالونيا على الحكومة المركزية وعلى الاتحاد الاوروبي لكسب ما لم تتمكن من الحصول عليه بالتفاوض.