سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"حماس" تحذر من أي "تفكير عابث بالانقلاب على الحكومة الفلسطينية" . المحال التجارية تفتح أبوابها في غزة وسط هدوء حذر بعد الاقتتال الدامي وعباس يدعو الى تشكيل حكومة وطنية وحدة تنجح في كسر الحصار
عاد الهدوء الحذر الى شوارع قطاع غزة امس بعد يوم دام سقط خلاله سبعة فلسطينيين في اشتباكات مسلحة عنيفة حولت محيط المجلس التشريعي البرلمان في المدينة الى ساحة حرب حقيقية. واختفى جميع المسلحين التابعين للرئاسة أو الحكومة والقوة التنفيذية من شوارع القطاع، خصوصاً مدينة غزة، التي شهدت اعنف المواجهات. ولم يسجل أمس سوى حادث اشتباك مسلح واحد في مدينة غزة بالقرب من مستشفى الشفاء بين عناصر من القوة التنفيذية ومسلحين اثناء تشييع جثمان احد القتلى السبعة وليس تسعة بعدما تبين ان اثنين من القتلى قتلا في شجار عائلي منفصل عن الاحداث الدامية. واصيب في هذه الاشتباك ثلاثة فلسطينيين. وفتحت المحال التجارية أبوابها في شارع عمر المختار، وهو الشارع التجاري الرئيس في مدينة غزة، وعادت السيارات واخترقت الشوارع التي اغلقت اول من امس، ودارت فيها حرب شوارع بين عناصر القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية ومسلحين من رجال الأمن الفلسطيني بمن فيهم الحرس الرئاسي الذي شارك للمرة الاولى في صراعات داخلية دامية. وبدت المنطقة القريبة من البرلمان وحديقة الجندي المجهول الحيوية وسط المدينة حزينة باردة على رغم حرارة الطقس، وسادها صمت مريب، خصوصا بعد ما ازيلت خيمة الاعتصام التي اقامها موظفون عموميون لم يتلقوا رواتبهم منذ سبعة شهور بسبب عجز الحكومة التي تقودها حركة"حماس"عن توفير قيمة فواتير رواتب نحو 165 ألف موظف. ولم يقطع الصمت في المنطقة سوى هدير محركات سيارات تمر في المكان او استخدام السائقين صافرات السيارات الزامور في شكل صاخب، اضافة الى الضجيج الصادر عن عشرات الموظفين الذين تجمعوا امام بوابة"بنك فلسطين المحدود"لتسلم سلفة بقيمة 1500 شيكل قدمتها لهم السلطة الفلسطينية. لكن الهدوء الحذر على الارض قابله سجال سياسي مستمر ومتواصل منذ نحو اسبوعين، عندما بدأ فريق موال للرئيس محمود عباس باتهام الحكومة وحركة"حماس"بالتراجع عن اتفاق تم بين عباس ورئيس الحكومة اسماعيل هنية حول محددات البرنامج السياسي، وفريق موال لهنية باتهام الرئيس عباس بالرضوخ للابتزاز والضغط من جانب الولاياتالمتحدة اثناء زيارته لمدينة نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة. هذا السجال تطور خلال الاسبوعين الماضيين وكان من من نتيجته المباشرة صدام مسلح دام بين الطرفين، بعدما تفاقمت الاوضاع على الارض. وعادت حركتا"فتح"و"حماس"للسجال امس، بعد اتهامات متبادلة بين الطرفين حول المسؤولية عن الاقتتال الداخلي الذي أودى بحياة سبعة وجرح اكثر من 100. وطالبت كتلة"حماس"البرلمانية الرئيس عباس"بعدم الاستجابة للضغوط الاميركية والاسرائيلية التي تحاول ابتزازنا الى ما لا نهاية وجرنا الى مستنقع التنازلات في ظل استمرار ابتلاع الارض وانتشار المستوطنات والاعتداءات المتواصلة". ودعا الناطق باسم كتلة"حماس"البرلمانية في غزة صلاح البردويل الرئيس عباس"بسرعة اقرار وثيقة الوفاق الوطني وثيقة الاسرى اساساً لحكومة وحدة وطنية". ودان البردويل في مؤتمر صحافي عقده في مقر وكالة"رامتان"المستقلة للانباء في مدينة غزة امس ما وصفه ب"الاحداث المؤسفة التي جرت في قطاع غزة وامتدت الى الضفة"وقال انه"لا يجوز الانقلاب على الخيار الديموقراطي للشعب الفلسطيني". وفي مقابل الانتقادات اللاذعة من حركة"فتح"لوزير الداخلية سعيد صيام وقراره التصدي بالقوة لرجال الامن والشرطة الذين نزلوا الى الشوارع للاحتجاج على عدم تلقيهم رواتبهم، ثمن البردويل لوزير الداخلية"الدور الوطني في حماية المنجزات الوطنية". واشاد بالمسؤولية العالية للوزير في سحب القوة التنفيذية امتثالاً لطلب الرئيس عباس. وكان صيام اعلن في ساعة متقدمة من ليل الاحد - الاثنين عن سحب عناصر القوة التنفيذية من الشوارع امتثالا لطلب من الرئيس عباس الذي وجه خطاباً الى الشعب الفلسطيني. ودعا الرئيس عباس في خطابه منتسبي الاجهزة الامنية"الى العودة فوراً الى مواقع عملهم والقيام بواجبهم ووقف التظاهر"وكذلك سحب القوة التنفيذية من الشوارع واعادتها الى مواقعها. كما دعا الى"تشكيل حكومة وحدة وطنية منسجمة مع الظروف المحلية والعربية والدولية تنجح في كسر الحصار المفروض على شعبنا وسلطته". بدوره، وصف هنية في خطاب مماثل موجه للشعب الفلسطيني ان مسار الاضرابات التي يقوم بها رجال الامن"لم يقف عند الحد المعقول بل تجاوز ذلك الى ان وصل الى اطلاق النار وتجاوز القانون، ومثل هذه التصرفات لم يكن ليقبلها حر وشريف". وشدد هنية على ان الاوامر كانت واضحة بضرورة انضباط افراد الاجهزة الامنية، الا ان بعضهم لم يلتزم ومارس عمليات تخريب واستخدام للسلاح". وكان هنية تباحث مطولا مع عباس عبر الهاتف حول الاحداث الدامية التي جرت في القطاع. من جانبها، جددت حركة"حماس"في بيان اصدرته امس تحذيرها من الانقلاب على الحكومة والعملية الديموقراطية التي اوصلتها الى سدة الحكومة بعدما ازاحت حركة"فتح"عنها بعد فوزها ب 74 مقعدا في المجلس التشريعي الفلسطيني من اصل 132 في كانون الثاني يناير الماضي. وحذرت"حماس"بشدة من أي"تفكير عابث بالانقلاب على الحكومة الفلسطينية". وشددت على انها"لن تقف مكتوفة الايدي امام ما يجري من احداث مبرمجة ومخططات مشبوهة تستهدف تخريب المجتمع الفلسطيني وضرب نظامه السياسي والاجتماعي". وتتهم الحركة عادة تياراً في حركة"فتح"بأنه يساند الحصار الغربي المفروض على الحكومة منذ تشكيلها في آذار مارس الماضي وحذرت قائلة:"ليعلم الجميع ان لصبرنا حدوداً". من جانب آخر، دانت"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"امس في بيان لها الاقتتال الداخلي، ودعت حركتي"فتح"و"حماس"الى ضبط النفس وتهدئة الاوضاع وتغليب المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الفئوية الضيقة. ووصفت"الشعبية"كل من يطلق النار على ابناء شعبه بانه"مجرم"، داعية الى تشكيل حكومة ائتلاف وطني تستند الى وثيقة الوفاق الوطني كمخرج من الازمة الراهنة. كما دعت"الجبهة الديموقراطية"في بيان لها امس الى التوحد لمواجهة العدوان الاسرائيلي المستمر على الشعب والاستعداد لمواجهة ما يلوح به الاحتلال الاسرائيلي من اجتياح لقطاع غزة. ودانت"الديموقراطية"سقوط سبعة ضحايا من ابناء الشعب الفلسطيني، داعية الى حوار وطني جاد سبيلا وحيدا لحل كل القضايا السياسية والاجتماعية. وكانت لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والاسلامية عقدت اجتماعاً طارئا لها في ساعة متقدمة من ليل الاحد - الاثنين لبحث تداعيات الصدامات الدامية في غزة. ودانت اللجنة الاحداث الدامية، ودعت الى سحب المسلحين من الشوارع ووقف الصدامات الدامية واللجوء للحوار لحل كل المشاكل والخلافات العالقة. كما بذل الوفد الامني المصري جهوداً حثيثة مساء اول من امس لوقف الصدامات وتطويق الاحداث والتوصل الى تفاهمات بين حركتي"فتح"و"حماس". وتزامن عقد الاجتماع مع اشتباكات وقعت في مخيم البريج للاجئين وسط القطاع اسفرت عن مقتل مواطن واصابة 35 آخرين بجروح.