اتهم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان يان برونك الحكومة السودانية بخرق اتفاق أبوجا للسلام في دارفور، بعد أسبوع من قرار الخرطوم طرده بسبب حديثه عن تعرض جيشها لهزيمتين على أيدي المتمردين قرب الحدود مع تشاد. ورد المندوب السوداني لدى الأممالمتحدة على الاتهامات التي وجهها برونك لبلاده خلال جلسة لمجلس الأمن، قائلاً إن المبعوث الدولي"مصاب بالفصام". وأدلى برونك أمام اجتماع مغلق لمجلس الأمن في نيويورك مساء أول من أمس، بإفادته الأخيرة بصفته موفداً دولياً إلى السودان. ووزعت الأممالمتحدة نص إفادته على الصحافيين. وقال برونك إن"انتقاداتي المتكررة"كانت السبب وراء قرار حكومة الخرطوم التي"لا تزال تسعى إلى حل عسكري في دارفور، على رغم توقيع اتفاق أبوجا للسلام واتفاق وقف إطلاق النار". وأضاف:"يجري تجاهل قرارات مجلس الأمن التي تحظر العمليات الجوية الهجومية. وبدل نزع سلاح الميليشيات، يُدمج الجنجاويد في قوات الدفاع الشعبي شبه العسكرية". وأعرب المبعوث الدولي عن"خيبة أمله"لقرار طرده. ونفى أن يكون استغل سلطاته أو تجاوز تفويضه. وقال:"لم أتخط ولايتي ... وقلت للحكومة إنها إذا كانت تعتقد أنني أهنت الجيش، فتلك لم تكن نيتي على الإطلاق". وأضاف أن هدف تعليقاته كان بعث رسالة إلى المتمردين مفادها:"قد تظنون أنكم ربحتم مرتين، لكن الحكومة قوية جداً وستربح في المرة الثالثة... هذا ليس الطريق إلى السلام، فكفوا عن مهاجمة الحكومة". وفي المقابل، اتهم السفير السوداني لدى الأممالمتحدة عبدالمحمود عبدالحليم المبعوث الدولي بأنه مصاب"بانفصام في الشخصية على الصعيد المهني". وقال للصحافيين عقب جلسة مجلس الأمن:"في وقت نجري حواراً هشاً ومهماً مع الأممالمتحدة، نحتاج إلى شخص صبور لا يؤجج مشاعر الناس. لكننا وجدنا أنفسنا عالقين بين موقفين: موقف يأتي به برونك في الصباح بصفته مبعوثاً للأمم المتحدة، وموقف مختلف في المساء ينشره على موقعه على الإنترنت". وعبّر رئيس مجلس الأمن السفير الياباني لحزو أوشيما عن"تقدير أعضاء المجلس البالغ، للعمل الثمين الذي قام به برونك في السودان... تحت ظروف صعبة". وأعرب عن أسف المجلس لقرار الخرطوم، مشدداً على"أهمية تعزيز الحوار وتكثيف الجهود الديبلوماسية مع الحكومة السودانية لإقناعها بقبول إرسال قوات دولية إلى دارفور لتعزيز القوات الأفريقية العاملة في الإقليم". وكان ناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قال إن برونك سيعود إلى السودان الشهر المقبل، تمهيداً لتسليم مهماته للمبعوث الجديد الذي سيخلفه. لكن عبدالحليم نفى إخطار بلاده بعودة برونك. وقال إن"الحكومة لن تسمح له بمواصلة مهماته في السودان". وأضاف:"إذا كانت هناك دوائر تريد إنقاذ ماء وجه برونك، فينبغي أن لا يكون على حساب القرار السوداني... ملف برونك أغلق تماماً ولا رجعة فيه". خلافات حكومية إلى ذلك، برزت الخلافات بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وجناح مساعد الرئيس السوداني في"حركة تحرير السودان"مني أركو مناوي. وهاجم الناطق باسم الحركة محجوب حسين قرار طرد برونك. وقال إن حركته"ترفض قرار المؤتمر الوطني القاضي بطرد برونك، وهي لم تشارك في هذا القرار". واعتبر أن القرار يعبر"عن فشل المؤتمر الوطني في إدارة الأزمة، ويعكس مدى تخبط وديكتاتورية المؤتمر الوطني في صنع القرار السوداني، كما سيزيد من تفاقم الأزمة، ليس في دارفور فحسب، بل في عموم السودان".