بينما كانت الدراما السورية منهمكة في إنتاج الفانتازيا التاريخية، كمسلسلات"البركان"وپ"الجوارح"وپ"الكواسر"وپ"البواسل"وپ"الموت القادم من الشرق"... الخ، ثم توجَّهت نحو التطرُّق لسِيَر الشخصيات التاريخية درامياً، كپ"الزير سالم"وپ"المتنبي"وپ"صلاح الدين"وپ"خالد بن الوليد"وسواهم، كانت السينما والدراما التلفزيونية المصرية بدأت إحياء رموز مصر السياسيَّة والفنيَّة، مثل جمال عبدالناصر والسادات وأم كلثوم وعبدالحليم... ولا شك في ان تناول حياة رمز سياسي أو ثقافي تلفزيونياً، من حيث الخوض في تفاصيل الأمور وأدقّ دقائق حياته، والإحاطة بالمناخات التي ساهمت في تكوينه والمحطَّات البارزة في تجربته، هو أكثر أريحية من العمل السينمائي، كون الأخير محكوماً بمدَّة زمنية ضاغطة، قد لا تسعفه في تناول تلك المسائل في حياة ذلك الرمز، قياساً بالعمل التلفزيوني. العمل الدرامي الذي أخذ لقب هرم من أهرامات مصر الفنية، وأحد أهم أصوات الزمن الجميل، العندليب الأسمر، عبدالحليم حافظ، يُعتبر الخطوة الثانية التي تناولت حياة هذا الفنان الكبير، بعد الفيلم السينمائي"حليم"... ونجح مسلسل"العندليب"في تسليط الضوء على تفاصيل حياة عبدالحليم حافظ، وعذاباته في فترة الطفولة، يتيم الأم والأب، وهموم فترة الشباب، وعناء إثبات الوجود فنياً في زمن العمالقة، وصولاً الى المجد والشهرة. لكن، أحياناً، سقط العمل سهواً في فخ التطويل، عبر تعبئة زمن الحلقة اليومية من المسلسل بمشاهد طويلة صامتة، لا حوار فيها، عدا الموسيقى التصويرية. وقد يكون هذا مطلباً إنتاجياً، ليكون العمل على مقاس أيام رمضان الثلاثين. لكن الثغرة الأهم، كمنت في التطرق الى الحال السياسية لمصر وقتها بشيء من الإسهاب. بمعنى، تناول انقلاب عبدالناصر وتحولات السلطة والاصطدام مع الأخوان، إلى جانب الخوض في تفاصيل التجاذبات بين أقطاب مجلس قيادة"الثورة"، والاصطفافات الداخلية والخارجية، إبان حكم عبد الناصر، في شكل جعل الأمر ملتبساً على المشاهد، ودفعه الى طرح السؤال الآتي: هل يشاهد مسلسلاً عن حياة الفنان عبد الحليم أم عن حياة الزعيم عبدالناصر؟