حفل رمضان بمسلسلات متنوعة عالجت مسألة الإرهاب وثقافة العنف والتطرّف الديني في المجتمعات العربية. وفي العراق أثار عرض الفضائية العراقية"الشرقية"لمسلسل"ميليشيا الحب"من كتابة طلال هادي واخراج فاروق القيسي انقساماً في الشارع حول دور الفن في الحياة وغاياته. إذ يتعرّض المسلسل الى مشكلة الخطف السائدة في العراق منذ سقوط النظام السابق، ووقوع البلد فريسة للعصابات الإجرامية والإرهابية والمليشيات المسلحة"المسيّسة". وهي ظاهرة تتحجّب خلف ستار"المقاومة"للاحتلال في معظم الأحوال، وضحاياها المباشرون في معظم الأحيان هم من المدنيين والناس العاديين. وفي مسلسل"مليشيا الحب"... الضحايا هم طالبات جامعيات، تخطفهن عصابة إجرامية، ويتعرضن الى التعذيب والاعتداء.... والقتل بعد أخذ الفدية كي لا تترك العصابة أي شهود على أفعالها ... كل هذا في سياق تلفزيوني ينتقد الأوضاع العراقية الراهنة، وخصوصاً ظاهرة تشكيل المليشيات والعصابات المسلحة التي تخدم في كثير من الأحيان أجندات ومخططات خارجية او ترتبط بحركات او أحزاب سياسية، من أجل زعزعة الوضع العراقي الداخلي، او تخريب العملية السياسية السلمية، ما يؤدي الى تزايد الاعتماد على قوات الاحتلال وهجرة العائلات العراقية وتحويل العراق، في نهاية الأمر، الى"ديموقراطية بوليسية"بامتياز. لكن المسلسل يبشر أيضاً وبطريقة غير مقنعة بتشكيل ميليشيا مختلفة من أقارب وأحباب وأصدقاء الضحايا... لتدافع عن قيم الحب، وتحارب المليشيات"الشريرة"الأخرى التي تخرّب البلد وتحيل حياة الناس الى جحيم على الأرض. بالطبع، فان هذا المسلسل"الانتقادي"المثير للجدل مصنوع على عجل، خارج العراق، ويسوده الكثير من التصنّع والافتعال والمبالغة في الأداء، ويثير أعصاب المشاهدين ويستفزّهم الى أبعد الحدود... إذ يدخلهم إلى هذا العالم البغيض لأنه لا أحد من الناس يريد ان يتصور ان ابنته الشابة قد تتعرّض الى الاختطاف وما يلحقه من آلام ومصائب خصوصاً في هذه الأوقات بالذات، حيث تروج ظاهرة خطف النساء والفتيات بطريقة غير مسبوقة في مناطق متعددة من بغداد العاصمة، ما ادى الى نشر الخوف بين الكثير من العائلات وامتناعها عن إرسال بناتها الى المدارس والجامعات، وحتى الى العمل، بانتظار حصول تغيّر جذري في الأوضاع. الأكيد ان معالجة موضوع الخطف في الأعمال الدرامية قد تمرّ في شكل عابر في أي بلد آخر عدا العراق، لكنها هنا تأخذ منحى آخر. كما تبرز هذه المشكلة في مسلسل عراقي آخر بعنوان"18" الذي ينتقد الأوضاع السياسية القائمة والفساد الاداري والمالي واستخدام العنف والمليشيات من أجل الوصول الى البرلمان والحكومة. وفي نقاش مع كتّاب واعلاميين وفنانين حول مسؤولية الدراما العراقية في التعبير عن مشكلات عراق اليوم، انقسمت الآراء وتضاربت حول مسلسل"ميليشيا الحب"، وحول توقيته والغاية منه، وهل يخدم دوافع سياسية او مواقف ايديولوجية معينة... والأهم من هذا سأل كثر: هل يساهم او يؤدي عرض المسلسل - ربما بصورة غير مباشرة في انتشار ظاهرة خطف الفتيات في هذا الوقت تحديداً؟