تزهو مدينة مسقط بمبانيها التاريخية من قلاع وحصون وبوابات ومبان أثرية. وتمتزج فيها العراقة الدالة على ماضيها العريق بمشاريع التنمية الحديثة التي وضعتها في مصاف المدن المتقدمة. كانت مسقط ولا تزال، بحكم موقعها الإستراتيجي على خليج عمان، مركزاً بحرياً مؤثراً في حركة الاتصال بين آسيا وأفريقيا وأوروبا. كما كانت نقطة اتصال بين الشرق الأوسط والشرق الأقصى. وقد أسهب الرحالة والجغرافيون المسلمون في وصف موقعها وأهميته كثغر على الخليج تحيط به جبال شاهقة فتأمن السفن الراسية فيه من أخطار العواصف واضطرابات البحر. وإذا كان من الصعب تتبع تاريخ مسقط القديم في الحقب البعيدة، فإن كتب التاريخ حفظت لنا تاريخها منذ العصور الإسلامية الأولى، ويستدل على ذلك من وصف ابن ماجد الذي قال:"ميناء مسقط لا يوجد له مثيل في العالم، حيث أنه يختص بالبحار والسفن". وتحافظ مسقط اليوم على العديد من ملامحها القديمة، والتي نستطيع ان نوجزها في الفقرات التالية: أسوار المدينة وأبوابها: أحاط بمسقط منذ العصور الوسطى على أقل تقدير أسوار وكتل كبيرة من الصخور الطبيعة كانت تقوم مقام السور، وكان سمكها يبلغ مثلي او ثلاثة أمثال ثخانة السور المبني. إلا أن تلك الأسوار القديمة تهدمت بمرور الزمن، فأعيد بناؤها على ما هي عليه بين عامي 1623 و1626. وتعتبر هذه الأسوار الخط الدفاعي الأول بالنسبة الى تحصين المدينة وحمايتها، فقد كانت تحيط بمسقط التي يبلغ طولها من الشرق إلى الغرب قرابة نصف ميل وعرضها أي بعدها عن البحر قرابة ربع ميل، إحاطة السوار بالمعصم، اللهم الا في الجانب الشرقي حيث تحمي المدينة جبال شديدة الانحدار. وهكذا نرى أن أسوار مسقط تحيط بالجانبين الغربي والجنوبي منها فقط، أما الجانبان الشمالي والشرقي فيحميهما خليج مسقط والجبال الشرقية. ويتخلل الأسوار على مسافات تكاد تكون متساوية أبراج مستديرة الشكل، يبعد كل منها عن الآخر 300 متر. وتتكون الأبراج من طابقين الأول منهما مصمت، أما الثاني فيحتوي على غرف ودهاليز لإقامة الجند. كما يوجد في جدران الطابق الثاني مزاغل أي فتحات للسهام ويعلو الأبراج فتحات كبيرة مستديرة تسمح المسافة بينها لوضع فوهات المدافع. ويبلغ عدد الأبراج ثمانية، ثلاثة منها فى الضلع الغربي وخمسة في الضلع الجنوبي. وتحتوى الأسوار على ثلاث مداخل، الأول يقع في الركن الغربي أسفل قلعة الميراني ويعرف باسم باب المتاعيب، والثاني، عند نهاية الضلع الغربي للأسوار ويؤدي إلى معظم الطرق التي توصل إلى ضواحي مسقط وإلى مدينة مطرح ويعرف باسم الباب الكبير، أما الثالث فيقع في منتصف الضلع الجنوبي، وهو مدخل رئيسي مماثل للمدخل السابق ويعرف باسمالباب الصغير. كما يحصن مسقط ويراقب مداخلها من البر والبحر مجموعة من الأبراج التي تعلو الجبال المحيطة بضواحيها، وقد بنيت هذه الأبراج بالصخور السوداء، ما جعلها تبدو وكأنها منازل على قمم الجبال، ومهمة هذه الأبراج من مجموعة من الصخور السوداء، مما جعلها تبدو كأنها منازل على قمم الجبال، ومهمتها إعطاء إشارات ضوئية للقلاع والحصون حتى تستعد للدفاع عن المدينة او الميناء. ومن أهم أبراج مسقط وأشهرها والتي لا تزال باقية حتى الآن برج سعالي في الركن الجنوبي الشرقي للمدينة وبرج بوستو خلف منتصف المدينة، وكذلك برج المربع وهو على مسافة قريبة من وادي الكبير، وبرج دامودر في الطرف الغربي للمدينة... وهذه الأبراج جميعها لا عمل لها الآن. قلاع مسقط تعتمد مسقط في حمايتها على قلعتي الميراني والجلالي الواقعتين على الصخور التي تشغل طرفي المنطقة الرملية على الشاطئ، إذ تقوم كل منهما على جوف صخري يبلغ ارتفاعه 150 قدماً عن سطح البحر، ويمكن الوصول اليهما عن طريق مجموعة من الدرجات المنحوتة في الصخر. كما أقامت القوات البرتغالية كشافات أو مناظير كشفية فى صيرة الشرقية، لمعاونة القلعتين في الدفاع البحري، على الشاطئ الشرقي للميناء. وفي داخل مسقط مخازن لتجميع المياه تقع على بعد نصف ميل من وادي الكبير وتحميها قلعة مربعة الشكل تحتوي على ساقطات تعرف عند أهل عمان باسم راوية. قلعة ميراني تقع هذه القلعة الى الغرب من مسقط أقامها البرتغاليون في عهد الملك فيليب ملك أسبانيا بعد استيلائه على البرتغال سنة 1580م، وقد قيل أن الحصن عرف باسم ميراني نسبة الى الكلمة البرتغالية ALMIRANTE التي أخذت بدورها من الاصطلاح العربي أمير البحار. وقد تم بناء هذه القلعة سنة 1587م على يد القائد بلكلور على البقعة ذاتها التي كان القائد دون جوا اللشبوني أقام فيها قلعته سنة 1522م والتي هدمها أمير البحر العثماني الريس بيري بعد ان استولى على مسقط لفترة وجيزة، ولما عاد الأتراك واستولوا على مسقط مرة أخرى سنة 1582م لم يجد البرتغاليون مندوحة إلا أن يطلبوا من نائب الملك فى الهند الأذن لهم ببناء قلعتين فى مسقط للدفاع عنها وتزويدهما بكل ما يلزم من وسائل الدفاع والحراسة. واهتم البرتغاليون اهتماماً خاصاً بهاتين القلعتين، وقد تواليت عليهما التجديدات والترميمات والإضافات، ففي 1610م أقيم برج كبير بمستوى البحر ملحق بقلعة ميراني. وقد ذاعت شهرة قلعة ميراني حتى اصبح يضرب بها المثل في القوة والمنعة. قلعة الجلالي وتقع في مقابلة قلعة ميراني في الجهة الشرقية من مسقط، وقد تم بناؤها بعد قلعة ميراني بعام واحد أي سنه 1588م. ويقال ان القلعة أخذت اسمها من اسم القائد البرتغالي SANJOA. وحينما سقطت القلعتان بيد العمانيين، كان من الضروري إدخال تعديلات عليهما لتوفير مكان كاف لعدد كبير من الجنود الذين يقيسون قوتهم على أساس قدرتهم على القيام بطلعات وغارات خارج محيط قلاعهم. ونتج عن الإضافات التي ادخلها العمانيون على القلعتين تغيير كبير في معالمهما الأولى، ويرى بعض الباحثين أن تخطيط القلعتين تأثر كثيراً بتخطيط قلعة صحار. بيوت مسقط الأثرية تضم أحياء مسقط القديمة بعض البيوت التي يرجع تاريخها الى القرن السادس عشر الميلادي، وهي تعطي فكرة واضحة عن تخطيط البيوت العمانية. فقد كان المنزل يتكون من فناء مكشوف تحيط به غالباً المباني من جهاته الأربع ويمكن الوصول إليه عن طريق مدخل رئيسي بوابة كبيرة، وهو من النوع المنكسر وسقفه غالباً مقبى. والغرف مرتفعة السقوف للحصول على تكييف طبيعي، وقد زخرفت جدران قاعات الاستقبال المكسية بالخشب الجيد، وكذا سقوفها برسوم زيتية ملونة قوامها عناصر نباتية وهندسية. كما أحيطت أفاريزها بلوحات تحتوي على كتابات قرآنية وأحاديث نبوية وبعض الأشعار المحلية، كل ذلك بخطوط جميلة بديعة التكوين. وأهم هذه البيوت هي: بيت جريزة، بيت السيد شهاب بن فيصل، بيت السيد نادر بن فيصل، بيت فرنسا المتحف العماني - الفرنسي، بيت السيد عباس بن فيصل، بيت راتلسي، بيت البير، بيت السفارة الهندية، بيت مغب، بيت السفارة الأميركية، بيت السفارة الإنكليزية، بيت الزواوي. وحرصت بلدية مسقط على أن تعود مباني المدينة إلى الطراز المعماري الإسلامي مرة أخرى، خصوصاً بعد أن طغى الطابع المعماري الحديث على مبانيها، فأنشئت العديد من المباني التي تحمل الطابع الإسلامي ومنها مبنى مجلس التنمية، ومبنى وزارة الخارجية الذي حصل على جائزة المشروع المعماري من منظمة المدن العربية سنة 1986م كمشروع متميز صمم على نسق يجمع بين أحدث أساليب البناء والتكنولوجيا المعاصرة، كما يعكس في الوقت نفسه جانباً من التراث وفنون العمارة العمرانية التقليدية باعتبارها عمارة إسلامية.