أكد أحد شهود الإثبات أمس، للمحكمة الجنائية العراقية العليا التي تُحاكم الرئيس المخلوع صدام حسين وأعوان له بتهمة ارتكاب"إبادة جماعية"في حق الأكراد خلال"حملة الأنفال"، أنه رأى شاحنات تنقل القرويين الأكراد إلى الصحراء ويُعدمون بإطلاق النار ويُدفنون هناك. وأضاف الشاهد أنه تمكن من الهروب ليلاً واختبأ في أحد الخنادق التي حُفرت خصيصاً كمقبرة تقع في حقل كبير. يُذكر أن هذه أول شهادة عن قضية القبور الجماعية المتعلقة بضحايا حملة"الأنفال"ضد الأكراد التي راح ضحيتها حوالي 182 ألف شخص خلال عامي 1987 و1988، بحسب المدعي العام. وتحدث الشاهد الذي رفض كشف إسمه من خلف الستار عن كيفية تدمير الجيش العراقي قريته واعتقاله ومراحل السجن التي مرّ فيها. ووصف الشاهد كيف نُقل رفاقه في المعتقل في شاحنات الى الصحراء من معتقل في مدينة كركوك الى ساحات في صحراء في محافظة الأنبار. وقال إن"الطريق كان غير معبّداً وأن شاحنتنا غرست بالرمال، ولم نستطع التحرك، وبعد لحظات سمعنا أصوات طلقات نارية، وصراخاً على مسافة بعيدة منا". وأضاف:"بعدما خيم الليل اقتاد الجنود مجموعة من المعتقلين ووضعوهم أمام السيارة على شكل ثلاثة أو أربعة طوابير وترجل السائق وأطفأ نور السيارة الامامي، وأطلقوا النار عليهم". ومن جهتها، قالت شاهدة تدعى"أنوار"كانت بين المعتقلين:"أديت الشهادة وتهيأت للموت في تلك اللحظة، إنه وقت الاستغفار للناس، وكنا مستعدين للموت". وأضافت"أنها تحدت الحراس الذين بدأوا باطلاق النار على المعتقلين في صورة جماعية وهربت"، بحسب المحكمة. وأوضحت:"هربت من اطلاق النار وسقطت في خندق كان ممتلئاً بالجثث. وشاهدت كثيراً من الحفر القبور والتلال". وتابعت:"رأيت اناساً مقتولين بالرصاص، وكانت الصحراء مليئة بالتلال التي دفن تحتها الضحايا". واستؤنفت محاكمة صدام من دون حضور هيئة الدفاع عنه على رغم ابرام اتفاق معها لإنهاء مقاطعتها الجلسات. ولا يزال صدام ومساعدوه الستة يمثلون أمام محامين منتدبين من المحكمة على رغم موافقة القاضي محمد عريبي الخليفة على حضور هيئة الدفاع. وكان وزير الدفاع السابق سلطان هاشم احمد طلب في جلسة أول من أمس من المحكمة السماح لهيئة الدفاع عنهم الحضور للمرافعات، الأمر الذي وافقت عليه المحكمة. ويحضر الجلسة جميع المتهمين في القضية الذين يحاكمون فيها منذ 21 آب اغسطس الماضي أمام المحكمة في"المنطقة الخضراء"المحصنة وسط العاصمة العراقية، وهم يواجهون عقوبة الاعدام. وتقاطع هيئة الدفاع جلسات المحكمة منذ الشهر الماضي بدعوى تدخل الحكومة في شؤونها وتعيينها قاضياً جديداً. يذكر أن المحكمة استمعت حتى الآن الى أكثر من 45 شاهداً من الأكراد بينهم عدد من النساء اللواتي أشرن الى حالات اغتصاب واجهاض وولادة وسط ظروف صعبة جداً. ويحاكم صدام وأعوانه في قضية حملات"الأنفال"التي اسفرت عام 1988 عن مقتل حوالي مئة ألف كردي وتدمير ثلاثة آلاف قرية وتهجير آلاف.