وضعت الأم خدها على جبين طفلها فصرخت قائلة:"حرارته مرتفعة"، فكان رد فعلها الاول التوجه الى صيدلية المنزل للبحث في"دهاليزها"عن دواء لخفض الحرارة... ليس ارتفاع الحرارة مرضاً بل هو علامة على بداية المرض، وهو بالنسبة الى الأم علامة غير سارة يجب مكافحتها بشتى الوسائل. ان حرارة الجسم ثابتة تدور في فلك ال37 درجة مئوية مع فارق ضئيل بين النهار والليل، والطريقة التي يلجأ اليها الأهل لقياس حرارة الطفل باللمس باليد أو بالجبين هي وسيلة غير مجدية وكثيراً ما تعطي قراءة مغلوطة، ولذلك يجب قياس الحرارة بالميزان الطبي المعد خصيصاً لهذا الامر من طريق الفم تتأرجح الحرارة ما بين 36.4 و37.2 درجة مئوية، ومن طريق الإبط تقدر بپ36.4 درجة مئوية، ومن طريق الأذن والشرج تصل الى 37.5 درجة مئوية، أما قياس الحرارة بالشريط اللاصق فهو وسيلة غير مجدية لاعطائها قراءات مغلوطة. هناك أسباب عدة تقود الى ارتفاع درجة حرارة الطفل عن معدلها المتعارف عليه الا ان العوامل الفيروسية والجرثومية غالباً ما تكون مسؤولة عن سخونة الطفل. ان الالتهابات التنفسية الناجمة عن الفيروسات تسبب عادة ارتفاعاً شديداً في الحرارة قد تبلغ حدود الأربعين درجة مئوية او ربما اكثر. ان ارتفاع الحرارة الشديد عند الصغار قد يعرضهم الى الإصابة بالجفاف ضياع السوائل من الجسم والتشنجات، وهذه الأخيرة نراها بكثرة عند الاطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و5 سنوات، وهي كثيراً ما تثير هلع الأهل. ليس هناك قاعدة ثابتة لحدوث التشنجات فهناك أطفال يتعرضون لها عندما تصل الحرارة الى حد ال39 درجة مئوية، في حين ان آخرين لا تداهمهم التشنجات الا اذا وصلت درجة الحرارة الى أرقام عالية 40-41.... يعتقد الأهل ان التشنجات الحرارية تؤثر في مخ الطفل لكن الواقع هو ان لا خطر منها على دماغ الصغير فالطفل ينمو ويترعرع بشكل طبيعي حتى ولو تعرض لتلك التشنجات الحرارية، ان هذه التشنجات تذهب الى غير رجعة متى بلغ الطفل السادسة من العمر. ما هو التصرف السليم عند اصابة الطفل بارتفاع في حرارته؟ قبل كل شيء، يجب على الأهل ان يعرفوا ان ارتفاع الحرارة عند الطفل لا يشكل خطراً عليه الا في احوال نادرة للغاية ان لم تكن استثنائية، وان خير ما يمكن فعله لمواجهة الحمى عند الصغار هو ما يأتي: - تخفيف حمل الطفل من الملابس قدر المستطاع. - عدم اللجوء الى تغطية الطفل بكثرة. - جعل حرارة جو الغرفة التي يتواجد فيها الطفل في حدود المعقول والمقبول. - اعطاء الطفل الماء والسوائل قدر الامكان. - استعمال أحد خافضات الحرارة اذا دعت الضرورة لذلك، مع الحرص على التقيد بالجرعة الدوائية وعدم المزاوجة بين الادوية لأن هذا من شأنه ان يخلق آثاراً جانبية لا لزوم لها ولا مصلحة للطفل فيها. - الحذر من استعمال مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية او عقار الأسبرين عند اصابة الطفل بالجدري. - لا حاجة للمغطس المائي الفاتر فهي موضة قديمة لا فائدة ترجى منها. - وفي الختام، نذكر أنه يجب قياس الحرارة بالميزان وليس باللمس، وان درجة حرارة الجسم ترتفع مقدار نصف درجة مئوية في نهاية النهار أو عقب القيام بجهد، ويجب قياس الحرارة على بعد 30 دقيقة من تناول وجبة الطعام. أ. ن.