يقول خبير اقتصادي عالمي انه إذا تحولت الصين الى دولة تستخدم سيارات النقل على نمط الدول الغربية، فانها ستحتاج الى استهلاك ما ينتجه الشرق الأوسط من نفط سنوياً. وهناك تقرير للبنك الدولي يدعو الصين الى تغيير نمط نموها لأنه يؤدي الى مخاطر بيئية يومية ومأسوية بسبب استهلاكها للفحم في انتاجها الاقتصادي. ولا شك أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى الصين بالغة الأهمية، وكذلك بالنسبة الى الهند. فالمملكة السعودية لديها أكبر احتياطي نفطي في العالم وهي الممول الأول للصين بالنفط، فهي تستورد 17 في المئة من امداداتها من المملكة. والصين تبحث عن شريك اقتصادي يساهم في تأمين حاجاتها من النفط. في الوقت ذاته، فإن أسعار النفط بلغت مستويات وصفها العاهل السعودي بأنها"أعلى من اللازم"وقد تجاوزت مستوى 68 دولاراً للبرميل في نيويورك. وكان لافتاً في هذا الاطار ان تنشر صحيفة"لوفيغارو"الفرنسية في أعلى صفحتها الأولى صورة للعاهل السعودي أثناء زيارته الى الصين حيث استقبله الرئيس الصيني هو جنتاو، مرفقة بعنوان يقول"نفط وغاز ونووي الصدمة العالمية الجديدة". ويتخوف الغرب كله من صدمة نفطية مع تهديدات ايرانية بتخفيض الانتاج الايراني نتيجة الصراع بين ايران والغرب ونتيجة الاضطرابات في قطاع النفط في نيجيريا. وتتحدث أوروبا عن إعداد خطة نفطية موحدة، فيما تطرح فرنسا مذكرة حول خطة اوروبية في مجال الطاقة، توصي بتنويع المصادر. وتعتمد فرنسا بشكل كبير على الطاقة النووية في مجال الكهرباء، لكنها توضح ان مذكرتها ليست للدفاع عن الطاقة النووية وانما للحث على تنويع مصادر الطاقة، اذ انها مدركة ان هناك في أوروبا من يعارض الطاقة النووية مثل ألمانيا وغيرها. ومخاوف الغرب من بلوغ أسعار النفط مستويات مؤذية للاقتصاد العالمي مرتبطة بالأزمة مع ايران التي غالباً ما تهدد بخفض انتاجها. وهذا التهديد الايراني من شأنه ان يخيف دولاً مثل الصين التي وقعت أخيراً عقداً مع ايران لكنه ليس بكميات ضخمة فهو بمستوى 70 ألف برميل في اليوم. وصدرت السعودية الى الصين 400 ألف برميل في اليوم سنة 2005، ووقعت"ارامكو"السعودية مع الشركة الصينية"سينوبك"ومع"موبيل"مشاركة لتوسيع مصفاة في اقليم جنوب شرقي الصين. وهي تسعى للعمل على بناء مصفاة مع"سينوبك"في شمال شرقي الصين. والعلاقة المتطورة بين السعودية والصين من شأنها طمأنة ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولاياتالمتحدة لأمن امداداته، علماً أن نمو الطلب الصيني هو أحد العوامل المؤدية الى ارتفاع الأسعار، إضافة الى المضاربات في الأسواق المالية وغيرها من توترات مع إيران وفي نيجيريا ومشكلات الخلافة في الكويت. وتعقد منظمة الدول المنتجة للنفط"أوبك"اجتماعاً استثنائياً يوم الثلثاء المقبل في فيينا، كان تقرر خلال مؤتمرها الأخير في الكويت. وكانت الدول الأعضاء خلال المؤتمر الأخير، على اعتقاد بأن الطلب على النفط سينخفض في الربع الثاني من السنة، وان هناك مخاطر على صعيد انخفاض الأسعار. إلا أن اجتماع فيينا المقبل يعقد في ظل أوضاع مناقضة لذلك، ما يجعل من المتوقع أن تجمد"أوبك"وضعها الانتاجي. وباستثناء السعودية، فإن دول"أوبك"تنتج بأقصى طاقتها، فيما العراق خارج نظام الحصص، إذ أن انتاجه لا يزال أدنى من مليوني برميل في اليوم. وفي ظل أزمة طاقة تقلق أوروبا بعد لجوء روسيا الى قطع الإمدادات الغازية عن أوكرانيا وجورجيا بسبب خلاف ظاهره سعري، لكن خلفيته سياسية، تزداد أهمية موقع أكبر دولة منتجة للنفط في العالم وهي السعودية. وتبني السعودية سياستها على تأمين استقرار السوق العالمية من ناحية العرض والطلب ضمن"أوبك"، بهدف الحفاظ على اسعار مقبولة. لكن أهمية مؤتمر"اوبك"مردها الى أنه سيكون بمثابة مختبر للتساؤلات العديدة حول ما إذا كانت إيران في ظل رئاسة محمود أحمدي نجاد ستلجأ الى مناورات لتأزيم الأوضاع، أم أنها ستعتمد البراغماتية لبيع نفطها الذي تحتاج الى عائداته.