آن أوان قراءة ما يقوله النزاع الروسي - الأوكراني على الغاز في صدد علاقات الغرب بروسياوأوكرانيا، بعد حل هذا النزاع المبهم. فالغرب يتوهم توقف أوكرانيا عن الدوران في فلك روسيا ولحاقها بالغرب، وتسديد روسيا ثمن هذا الانتقال. ولكن المعطيات تشير الى خلاف هذا الوهم. فإلى وقت غير بعيد، منحت روسياأوكرانيا مساعدات طاقة بلغت قيمتها خمسة بلايين دولار سنوياً. وهذا مبلغ يفوق حجم المساعدات الاوروبية التي مُنحت الى أوكرانيا منذ استقلالها في 1991. وعلى رغم إبداء الإدارة الأميركية إعجابها بثورة أوكرانيا البرتقالية ودعمها اياها، لم تتجاوز المساعدات الأميركية المئة وأربعة وسبعين مليون دولار في 2005. وقياساً على الاسعار العالمية، يبقى سعر الغاز الروسي الى أوكرانيا سعراً تفضيلياً. وفي حين يصعب على الاوكرانيين الحصول على تأشيرة عمل الى البلدان الغربية، يستفيد الاقتصاد الاوكراني من حوالات ملايين العمال الاوكرانيين المالية العاملين بروسيا. وعندما حاول يوشكا فيشر، وزير الخارجية الالماني السابق، تخفيف شروط دخول الاوكرانيين الى ألمانيا، تعالت صرخات هستيرية شوفينية منددة بتدفق المجرمين وعاملات البغاء من أوكرانيا. وفي الايام المنصرمة، كثرت الخطب الاخلاقية في وسائل الاعلام الاميركية والاوروبية المنددة بجعل روسيا الطاقة أداةً سياسية. ولكن على الفرنسيين والاميركيين سؤال أنفسهم عن فرص منح بلادهم مساعدات بحجم المساعدات الروسية من دون مقابل سياسي واقتصادي. ويخفي الكلام على مسار اوكرانيا الأوروبي رغبة معظم حكومات اوروبا الغربية ومسؤولي الاتحاد الاوروبي في تأجيل البحث في عضوية اوكرانيا في الاتحاد الاوروبي، الى ما بعد انتهاء مفاوضات العضوية التركية. وبينما لم تجزم الحكومات الاوروبية في مساعدة أوكرانيا على اصلاح اقتصادها، يرى سياسيون اميركيون في عضوية اوكرانيا في الناتو حلف الشمال الاطلسي ثمناً بخساً لخروجها من روسيا، ومكسباً لمصانع السلاح الأميركية. ولا شك في أن الديموقراطية في اوكرانيا هشة. والتباس سياسة نخبها السياسية والاقتصادية إزاء الاصلاحات الاقتصادية، واضح. فروسيا تُمنى بخسائر اقتصادية وثقافية وسياسية كبيرة في حال نجحت أوكرانيا في الخروج عليها. وشرط الحؤول دون تكبد روسيا هذه الخسائر هو النجاح في إلحاقها بالغرب. ومعارضة روسيا تهديد الغرب مصالحها أمر مفهوم على ضوء التاريخ. ويجب ألا يأمل الغرب تحمل روسيا ثمن هزيمتها. عن أناتول ليفين باحث في مؤسسة اميركا الجديدة بواشنطن، "ذي انترناشنال هيرالد تريبيون" الاميركية الدولية، 6/1/2006