حل عيد الأضحى فهرع الأطفال في بغداد الى حدائق طالما تحرقوا شوقاً اليها، في حين راح الاهل يراقبونهم، خائفين من سيارة مفخخة او انتحاري مزنر بالمتفجرات يقطع فرحة العيد عليهم وعلى فلذات أكبادهم. في مدينة الصدر توزع اطفال هذه الضاحية الشيعية المكتظة في ساحات ومتنزهات نصبت فيها اراجيح متواضعة على مقربة من منازلهم. وقالت ايمان حمزة 10 سنوات بغصة"ابي لا يأخذنا الى حديقة الالعاب ولا حتى الى حديقة الحيوان خوفا من الانفجارات". واضافت"يقول ابي ان الارهابيين يقتلون كل من يتجول في الشوارع". وينظر علي عدنان 9 سنوات بفضول الى من حوله وهو يحمل رشاشه البلاستيكي، لعبة اطفال العراق المفضلة. نسأله لماذا يحمل الرشاش لا لعبة اخرى فيجيب مترددا"اقتل بها كل ارهابي يحاول ان يفجر بالقرب من دارنا". ويتجمع الاباء بشكل ملحوظ حول الساحة التي يلعب فيها اطفالهم، يراقبون بانتباه شديد كل ما يدور حولهم عل ذلك يساعدهم في تجنيبهم أي خطر مفاجئ. واصطحبت حنان عبد الكريم ثلاثة من اطفالها وقالت"لا يمكنني تركهم لوحدهم فقد يحدث انفجار في اي دقيقة وانا افضل الموت معهم على البقاء بعيدة عنهم". ويقول حامد حسين 36 عاما وهو يشير بيده الى ولديه رائد 7 سنوات واحمد 6 سنوات"الوضع خطير. لا يمكن لأب ان يترك ولده لوحده. الانفجار عندما يقع لا يفرق بين الاطفال والشيوخ". يذكر ان الحدائق قليلة في بغداد التي يسكنها حوالي سبعة ملايين نسمة. ثمة حديقة للعب الاطفال في الرصافة شرق وحديقة الزوراء على جانب الكرخ غرب التي كانت تجمع انواعا كثيرة من الحيوانات ولم يبق فيها اليوم سوى الاشجار. وفي حديقة الزوراء، اوسع منتجع للترفيه في العاصمة، تجمعت عشرات العائلات عند المدخل تنتظر دورها للدخول وسط اجراءات امنية مشددة. وفيما اغلقت سائر المداخل اقامت الشرطة نقاط تفتيش عند المدخل الوحيد حيث يجري تفتيش كل سيارة تريد الدخول الى الموقف ويتم التحقق من راكبيها. ومع ان هذا التشديد في الاجراءات الامنية يعيق الدخول فان العراقيين لا يتأففون بل يشعرون بالارتياح وهم ينتظرون دورهم للدخول الى الحديقة. واعرب كامل محسن 40 عاما الذي جاء مصطحبا اطفاله الثلاثة وزوجته عن سعادته بهذه الاجراءات قائلا"مهما تكن صعبة ومزعجة فانها تحمي اطفالنا وتحمينا من الموت الذي يطاردنا كل يوم". وقالت سناء رشيد 52 عاما التي جاءت مع حفيديها فؤاد ورنا"اشعر بالراحة والأمان عليهما وانا قريبة منهما". على رغم الهدوء الذي ساد ارجاء بغداد ومدن العراق في اول ايام العيد يصعب على العراقيين ان ينسوا حوادث العنف التي وقعت عشية العيد عندما قتل 28 من رجال الشرطة واصيب 25 في تفجيرين انتحاريين نفذهما تنظيم"القاعدة في بلاد الرافدين"الذي يتزعمه ابو مصعب الزرقاوي.