يبدو ان الأتراك بدأوا يشكلون عاملاً أساسياً في الانتخابات الأوروبية. حدث هذا في الانتخابات المحلية الفرنسية الأخيرة، عندما بنى بعض المرشحين حملتهم على أساس الهجوم على تركيا، ورفض عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وحدث هذا أيضاً في النمساوهولندا، وفي التصويت على الدستور الأوروبي في هولندا وفرنسا، تماماً كما حدث في الانتخابات الألمانية. فالسيدة ميركيل التي تتزعم الحزب المسيحي الديموقراطي لم تتردد في إعلان رفضها لتركيا في كل مناسبة انتخابية. ولكن دعايتها الانتخابية تلك كانت مملوءة بالتناقضات. فهي تقول انه في حال انضمام تركيا الى أوروبا، فإن الاتحاد يحيد عن الهدف الذي أسس من أجله، ويصبح شيئاً آخر مختلفاً. ولكننا إذا أمعنا النظر في طرح الديموقراطيين المسيحيين لوجدناهم أقرب الى طرح الليبيراليين الأوروبيين - الذين يدعمون تركيا - في كثير من القضايا! فالمسيحيون الديموقراطيون يرون ضرورة الاصلاح، وإنقاذ البلاد من أيدي الاشتراكيين. وكلامهم على اقتصاد السوق الحر والليبيرالية والتحرر يكاد يطابق دعوات بلير وبيرلوسكوني! علماً أن بلير لم يخف قط انه يدعم ميركيل في الانتخابات. فذلك الخط الليبيرالي ليس مع أوروبا منغلقة على نفسها، وإنما مع اتحاد أوروبي قوي اقتصادياً ومؤثر. وهذا ما تسعى اليه ميركيل أيضاً في ألمانيا. فما مصدر التناقض في سياساتها؟ هل المسألة رفض عضوية تركيا أم رفض الأتراك؟ أعتقد ان الجواب هو الشق الثاني. وما الحديث عن رفض عضوية تركيا إلا غطاء. فلا أحد في أوروبا يلوم ميركيل على موقفها من تركيا. ولكنهم يغضبون كلهم إن هي أخذت موقفاً من الأتراك، لأن ذلك يعتبر عنصرية قومية، ويهدد ألمانيا والاتحاد الأوروبي. ولعل النتيجة التي حصدتها ميركيل في الانتخابات، وتراجع شعبيتها في شكل سريع أواخر الحملة الانتخابية، يثبتان تداعيات سياسة العداء للأجانب في أوروبا. عن فراي طينش: الأتراك والانتخابات الألمانية، حرييت التركية، 18/9/2005