مع بدء الدراسة الجامعية في بريطانيا تُطبق وزارة الداخلية، بالتنسيق مع الجامعات والمعاهد العليا، سلسلة اجراءات حماية احترازية سبق أن اعتمدت مثلها في عز الحرب الباردة عندما كان العالم ينقسم الى معسكرين"غربي وشرقي". واستهدفت اجراءات القرن الماضي مراقبة الأجانب واليساريين فقط، إلا أنها، بعد اعتداءات تموز يوليو الماضي على شبكات النقل في العاصمة والتهديدات المستمرة من عمليات ارهابية، تطورت لتشمل البريطانيين المتطرفين، خصوصاً الاصوليين المسلمين منهم. ومع نشر احصاءات متتالية في أجهزة الاعلام عن"الخطر الجديد"حضت وزيرة التربية البريطانية روث كيلي الجامعات على التجسس على الطلاب الناشطين ما دفع قياداتهم الى القول إن"الحرم الجامعي تحول مسرحاً لنشاط أمثال جيمس بوند العميل السري لجلالة الملكة". ومع التدقيق المكثف في طلبات تأشيرات دخول الطلاب الأجانب الى المملكة المتحدة، خصوصاً القادمين من الشرق الاوسط وآسيا... تُظهر دراسة، ستُنشر الاسبوع المقبل، ان ما يصل الى 30 جامعة ومعهداً عالياً، من 120 جامعة ومعهداً، تضم متطرفين من الاسلاميين و"البريطانيين"وحتى المدافعين عن"حقوق الحيوان". وسيشير التقرير، الذي سُربت فقرات منه الى الصحافة، الى ان للاصوليين نشاطات ملموسة ورئيسية وبارزة في 22 جامعة ومعهداً أبرزها"امبيريال كوليدج"و"معهد الدراسات الشرقية والافريقية"سواس في لندن، اضافة الى المعاقل التقليدية للإسلاميين في جامعات"مانشستر"و"نيوكاسل"و"نوتينغهام"و"يورك"و"لندن سكول اوف ايكونوميك". ويعتبر التقرير، ان بين الجامعات التي قد"تُخرّج"متطرفين اسلاميين، جامعات برمنغهام وبرونيل وكوفنتري وكرانفورد كوميونيتي كوليدج وديربي وداندي ودورهام وكينغستون وليدز وليسستر ولوتون وريدينغ وساوثبنك وسوانزي وولفرهامبتون. وطلبت وزارة الداخلية من السفارات البريطانية التدقيق في طلبات الراغبين في الانتساب الى هذه الجامعات والبحث، مع الحلفاء،"قدر الامكان"في خلفياتهم وما اذا كانت لهم ملفات امنية او انهم من المشبوهين. ومقابل المتطرفين الاسلاميين تنشط في جامعة كامبريدج جماعة من انصار"الحزب الوطني البريطاني"بي ان بي المتطرف جداً الداعي الى ابعاد"الغرباء"والمسلمين تحديداً. في حين تنشط في جامعة اوكسفورد الجماعة المتطرفة من انصار الدفاع عن حقوق الحيوان. ويلاحظ التقرير، الذي أعده البروفسور انتوني غليز مدير مركز الاستخبارات والدراسات الأمنية في جامعة برونيل، ان"حزب التحرير الاسلامي"، الذي سماه رئيس الوزراء توني بلير كأول المستهدفين باجراءات مكافحة التطرف، يعمل مع جماعة"المهاجرين"في غالبية الجامعات تحت مسميات مختلفة. وكانت تقارير أشارت الى أن غالبية الطلبة الاسلاميين المتطرفين تدرس في كليات علمية ويتركز تأهيلها في كليات الطب والكيمياء والفيزياء وعلوم البيولوجيا ما عزز مخاوف بعض الأطراف من ان الهجمات المستقبلية على الغرب ستكون بيولوجية او كيماوية .... وفي بريطانيا ما يصل الى نصف مليون مسلم في عمر الدراسة الجامعية. ويصل عدد الطلبة الأجانب حالياً في الجامعات البريطانية، التي تضم اكثر من مليوني طالب، الى 270 ألف يؤمنون لموازناتها ما يصل الى 1.5 بليون جنيه استرليني وللاقتصاد الوطني ما يُقدر بنحو ثلاثة بلايين استرليني. ويُنتظر ان يرتفع عدد الأجانب الى 870 ألف طالب سنة 2020 ما سيؤمن 13 بليون استرليني للاقتصاد. وكانت الجامعات طالبت بموازنة استثمارية يصل حجمها الى 8079 مليون استرليني للسنة الدراسية 2007 - 2008 نصفها تقريباً للبحوث ولتأهيل الطلاب الجدد. ورفعت الحكومة البريطانية أخيراً كلفة تأشيرة دخول الطالب الأجنبي الى بريطانيا من 36 الى 85 جنيهاً استرلينياً، كما ضاعفت كلفة تمديدها من 125 الى 250 جنيهاً وحتى الى 500 جنيه اذا اراد الطالب الحصول عليها خلال 24 ساعة. وتؤمن الجامعات البريطانية نحو 23 في المئة من الباحثين في المجالات العلمية من بين الأجانب الذين تستعين بافضلهم للتدريس أو لمواصلة الابحاث العلمية التي تصب في خانة خدمة الشركات ومعاهد الابحاث الصناعية البريطانية.