بدأ الرئيس بشار الاسد مساء امس زيارة لطهران قال انه سيبحث خلالها ملفات على رأسها العراق والارهاب وعملية السلام في الشرق الاوسط. وكان في استقباله الرئيس الايراني الجديد محمود احمدي نجاد الذي اكد ان سورية والاسد هما في الخط الاول للدفاع عن الامة الاسلامية، وان دور طهرانودمشق مهم جدا ومصيري في مستقبل المنطقة. وتراهن القيادة السورية على احداث تغييرات في الموقف الايراني من بعض الملفات الاقليمية، خصوصا ما يتعلق بالعراق بعد الخلاف في وجهات النظر الذي رافق الزيارة الاخيرة التي قام بها الاسد قبل سنة الى طهران وسبقت الانسحاب السوري من لبنان والتطورات التي رافقته. طهران، من جهتها، وان كانت ترى ان الظروف الاقليمية في ما يتعلق بلبنان وفلسطين طرأ عليها الكثير من التغيير بما يستدعي التعاطي معها بكثير من الايجابية والمرونة، فانها غير مستعدة لادخال تغييرات على مواقفها الاقليمية التي اتبعتها منذ الهجوم الاميركي على افغانستان ولاحقا احتلال العراق، خصوصا ان هذه السياسة عادت عليها بالكثير من الايجابيات على صعيد علاقاتها مع المجتمع الدولي، خصوصا الاوروبي والاميركي، وبالتالي شكلت لها ورقة داعمة في التفاوض في ازمة ملفها النووي حتى الان. وترى العاصمة الايرانية ان المراهنة السورية على احداث تغييرات في موفق طهران من الملفات الاقليمية بعد وصول احمدي نجاد الى الرئاسة في غير محله، خصوصا ان الثابت الاساس في النظام الاسلامي في ايران هو السياسة الخارجية، وان وصلت حدة الخلافات والصراعات الداخلية الى حد المواجهات، وذلك لان من يرسم هذه السياسات الخارجية في مرحلة الاصلاحيين او المحافطين، هو مرشد الثورة آية الله السيد علي خامنئي الذي ينطلق من مبدأ اكد عليه واخذه عن مؤسس الثورة الامام الخميني بان"مصلحة النظام في ايران فوق كل الاعتبارات". واذا ما كانت الزيارة السورية في هذه المرحلة الى ايران تهدف الى ايصال رسالة الى المجتمع الدولي، خصوصا الاميركي، بأن دمشق لا تعيش في عزلة سياسية اقليمية ودولية، فان طهران، ومع التصعيد الدولي الذي يرافق ازمة ملفها النووي في هذه المرحلة، ليست على استعداد لتقديم ذرائع لهذا المجتمع الدولي بالخروج على السياق العام لتعاطيها الاقليمي من خلال الدخول في مغامرة مع دمشق. كما ان طهران، ومن خلال الممارسة والمواقف المعلنة تجاه العراق، وجهت رسائل الى العالم تؤكد فيها، على خلاف الموقف السوري، انها تدعم الامن والاستقرار في العراق وتدعو الى منحه فرصة لبناء قواته الامنية والعسكرية والادارية كي يتمكن من استلام السلطة، الامر الذي يساعد على خروج القوات الاجنبية بأسرع وقت ممكن من هذا البلد، وهذه النقطة الاساس في الافتراق الايراني - السوري حول العراق بحيث ترى دمشق ان تأزيم المسألة في العراق يساعد على ابعاد شبح المساعي الاميركي من الانتقال لها. واذا ما كانت دمشق تراهن على بقايا دور في لبنان وان باستطاعتها تقديم دعم للمقاومة الاسلامية و"حزب الله"في مواجهة التحديات التي فرضها القرار الدولي 1559 ونزع سلاح المقاومة، فان طهران تبدو اكثر واقعية في قراءة الساحة اللبنانية ومستقبل"حزب الله"فيها، وترى ان الحوار الداخلي اللبناني الى جانب العقلانية الكبيرة التي ابداها الحزب في التعاطي مع هذا الموضوع، كفيلان باخراجه من عنق الزجاجة التي وضع فيها من دون ان يكون له دور فيها، وهو ما يحمل اشارات على تحميل المسؤولين الاخرين الذين مهدوا الطريق امام الضغوط الاميركية والاوروبية في هذا الامر. ووصول احمدي نجاد الى رئاسة الجمهورية، وان كان يمثل التيار المحافظ الايراني، الا ان هذا التمثيل يبقى في اطار الصراع الداخلي الايراني بين التيارات السياسية، لكنه يبقى محكوما بالسقف الذي ترسمه القيادة الايرانية على صعيد العلاقات الخارجية التي طالما هي رسمت افقها ومستوياتها وادارتها بشكل مباشر. وهذا ما يدفع الى الاعتقاد بان الموقف الذي استشف او وقف عليه الاسد في الزيارة التي قام بها قبل سنة الى ايران، لن يطرأ عليه اي تعديل او تغيير جوهري، باستثناء التعاطي الايراني مع مستجدات الوضع اللبناني التي ترى طهران انها ملزمة بايجاد مخارج ديبلوماسية وسياسية له تساعد في الحفاظ على موقع ومكانة"حزب الله"حليفها السياسي والايديولوجي، اضافة الى التأكيد على النهج السياسي الذي تتبعه في التعاطي مع الملف العراق والدفاع عن مصالحها مصالح حلفائها في هذا البلد.