تعتبر سوق الأسهم السعودية، التي وضع خطواتها الأولى المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز، الأكبر عربياً من جهة القيمة السوقية للأسهم المتداولة، إذ تستحوذ على نحو نصف القيمة السوقية للأسواق العربية مجتمعة، كما أنها أسرع هذه الأسواق نمواً لما تتميز به المملكة العربية السعودية من استقرار اقتصادي، إذ ارتفعت القيمة السوقية للأسهم السعودية في نهاية تعاملات 31 تموز يوليو 2005 الى 1.9 تريليون ريال 507.5 بليون دولار. وتعد السوق السعودية سوقاً حديثة من حيث النشأة، إذ تكونت بتأسيس بعض الشركات المساهمة القليلة، وكانت الشركة العربية للسيارات صفيت، التي تأسست عام 1935، أول شركة مساهمة تطرح أسهمها للاكتتاب العام برأس مال 21 مليون ريال. وتعد شركة الأسمنت العربية أقدم شركة مساهمة طرحت أسهمها للاكتتاب العام، وذلك في عام 1954، ثم تتابع بعد ذلك تأسيس الشركات المساهمة في مواكبة للاحتياجات الأولية للتنمية الاقتصادية في تلك المرحلة. ويمكن تحديد بداية ظهور سوق الأسهم في المملكة العربية في نهاية السبعينات، عندما تزايد عدد الشركات المساهمة في شكل ملحوظ، وقد قامت الحكومة بدمج شركات الكهرباء في شركات موحدة ما أدى إلى توزيع أسهم إضافية من دون مقابل على مساهميها، إضافة إلى قيام الحكومة بسعودة المصارف الأجنبية العاملة في السعودية، إذ تم طرح أسهمها للاكتتاب العام. وساهمت هذه العوامل في زيادة عدد الأسهم، المتاحة للتداول بين الجمهور، ونشأت من ثم الحاجة إلى تبادل تلك الأسهم بينهم. ففي أواخر السبعينات نشأت سوق غير رسمية لدى مكاتب غير مرخصة لم تكن تخضع لأي إشراف حكومي، قامت بممارسة نشاط الوساطة في بيع وشراء الأسهم. وكانت تلك المكاتب تعمل كمؤسسات أفراد وليس كشركات وساطة متخصصة إذ كانت تفتقر إلى الإمكانات المهنية اللازمة. وكان يعمل كل مكتب كبورصة شبه مستقلة، كما أن أسعار الأسهم الناتجة من عمليات التداول لم تكن أسعار توازن لأنها لا تعكس كامل العرض وكامل الطلب لسهم ما في لحظة ما، بل تتفاوت الأسعار من مدينة إلى أخرى ومن وسيط وآخر. ولأن تلك المكاتب تعمل إضافة إلى أعمال الوساطة في المتاجرة بالأسهم لحقائب استثماراتها الخاصة، فقد نشأ نوع من التنافس غير المشروع بين المكاتب. ونتيجة لانعدام الخيرة والأسس السليمة في التعامل في هذا المجال الاستثماري ولغياب التنظيم والرقابة، ظهرت في السوق بعض الممارسات غير القانونية كالمبيعات الوهمية، أو البيع بالعقد المفتوح، وتجميع بعض الأسهم واحتكارها للتأثير في أسعارها السوقية، وبث الاشاعات المغرضة للتأثير في مستوى السوق، ما خلق فرصة ملائمة لارتفاع الأسعار في شكل غير طبيعي. بداية تداول الأسهم وكشف هذا الوضع الحاجة الماسة إلى تطوير السوق وتنظيمها، وخصوصاً فيما يتعلق وضع ضوابط وأنظمة صارمة للتحكم في عمليات التداول. وبالفعل بدأ تطوير سوق الأسهم السعودية عندما صدر الأمر السامي الرقم 1230/8 في 25 نيسان أبريل 1983بحصر تداول الأسهم من طريق المصارف المحلية، وتشكيل لجنة وزارية مكونة من وزير المالية والاقتصاد الوطني، ووزير التجارة، ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، وذلك للإشراف على تطوير سوق الأسهم السعودية، ورسم السياسيات المتعلقة بها، ووضع الأنظمة والتعليمات والضوابط المنظمة لها، التي تكفل قيامها بدور أساسي وحيوي في الاقتصاد الوطني. وشكلت اللجنة الوزارية لجنة إشراف مكونة من الوكلاء المختصين من الجهات الحكومية الثلاث، وأوكلت لها مهمات مراقبة تطبيق التعليمات والقواعد الصادرة بذلك من اللجنة الوزارية ووضع المقترحات والتوصيات المتعلقة بتطوير السوق وتحسين كفاءة عمليات شراء الأسهم وبيعها. ووضعت اللجنة القواعد التنفيذية لتنظيم عملية تداول الأسهم من طريق المصارف في عام 1984، وعهدت إلى مؤسسة النقد العربي السعودي ساما بعد ذلك بمهمة التنظيم اليومي للسوق، وتم حصر الوساطة في تداول الأسهم من طريق المصارف التجارية بهدف تحسن الإطار التنظيمي للتداول، وأُسست الشركة السعودية لتسجيل الأسهم، وتقدم هذه الشركة تسهيلات للتسجيل المركزي للشركات المساهمة وتقوم بالتسوية والتقاص لجميع عمليات الأسهم. ودخل هذا النظام حيز التنفيذ في 23 كانون الأول ديسمبر 1984 من طريق 12 وحدة مركزية لتداول الأسهم تابعة للمصارف التجارية. ومع أن التنظيم اعتبر خطوة إيجابية في ذلك الوقت إلا أن السوق ظلت تعاني الكثير من المشكلات، فالتنسيق المتوقع بين المصارف لم يتحقق، وظلت السوق مفتتة، ما أبقى على الاختلاف الكبير بين أسعار الصفقات التي تتم في اليوم الواحد، كما أن إجراءات التعامل والتسجيل كانت تستغرق وقتاً طويلاً، إضافة إلى ضعف فاعلية دور لجنة الإشراف لتعدد أماكن التداول، ما قصر دورها في الإشراف أو المراقبة اللاحقة. وكانت بعض الصفقات تنفذ خارج النظام المصرفي تماماً، باستغلال ثغرة في النظام، تمثلت في السماح بإتمام الصفقات مباشرة بين البائع والمشتري من دون وساطة أو عمولة لطرف ثالث وذلك في مكاتب تسجيل الأسهم مباشرة من دون الرجوع للمصارف. وبما أن النظام الأساسي لم يتطرق إلى مكاتب الوساطة، فقد ظلت تلك المكاتب تمارس نشاطها بتوريد صفقات جاهزة إلى غرف التداول لاستكمال الإجراءات الشكلية فقط. وقد رحبت المصارف باقتسام العمولة مع تلك المكاتب لدورها في تنشيط السوق، إضافة إلى أن نظام مراقبة المصارف لا يسمح لها بشراء الأسهم لحسابها الخاص، كما لم تكن هناك أي مؤسسات رسمية أخرى صانعة للأسواق، ما أدى إلى تأخير في إتمام الصفقات. وأدت تلك الأسباب مجتمعة، بالتضافر مع التراجع العام في النشاطات الاقتصادية ومشكلات السيولة، إلى تراجع مستمر في أسعار الأسهم وحجم التداول، وصل في بعض الأحيان إلى 80 في المئة خلال أشهر من بدء تنفيذ ذلك التنظيم. وكان لا بد من وجود نظام بديل لقاعدة التداول التقليدية، وهو طرح نظام تعامل إلكترونياً في بداية النصف الثاني من عام 1990، وذلك في شكل تدريجي. وكان النظام عبارة عن نظام آلي متكامل للتداول والتسويات، حيث ترتبط وحدات التداول المركزية بالمصارف"الوسيطة"مع مؤسسة النقد من طريق حاسب آلي مركزي، ويقوم الوسطاء من خلال الوحدات الطرفية المتوافرة لدى الوحدات المركزية بإدخال عروض البيع وطلبات الشراء الخاصة بالمستثمرين وتنفيذها وتسوية المبالغ ونقل الملكية مباشرة بطريقة إلكترونية، كما يوفر النظام معلومات آنية عن أسعار الصفقات المنفذة وأحجامها، إضافة إلى معلومات عن الشركات المساهمة المتداولة أسهمها. ووفر النظام الآلي لمعلومات الأسهم للسوق مميزات عدة لعل من أهمها تضييق فروق الأسعار وتحقيق العدالة والمساواة لجميع المتعاملين، إضافة إلى شفافية المعلومات سواء ما يتعلق منها بالتداول أو المتاح من معلومات الشركات، وتحقيق الكفاءة والسرعة في نظام التسويات. وتتم تسوية الصفقات المنفذة بموجب إشعارات في مساء اليوم نفسه. ومع أن النظام الآلي حقق الكثير من خلال إصداراته المتلاحقة التي تحاول التغلب على الكثير من العيوب المتكشفة بعد التطبيق، الا أنه لم يصل إلى مستوى طموحات القائمين عليه والمتعاملين، كرغبة بعض المستثمرين توفير إمكانية البيع والشراء للسهم الواحد في اليوم نفسه. وفي 6 تشرين الأول أكتوبر 2001 أطلق نظام تداول أحدث نقلة نوعية وذلك بإدخال تقنيات متقدمة وإضافة مزايا وخصائص جديدة. وكجزء من التطورات التنظيمية الواسعة التي تهدف إلى مواكبة التطورات العالمية وتحسين البيئة الاستثمارية، قامت المملكة بمراجعة الكثير من الأنظمة القائمة وتحديثها، وإصدار أنظمة جديدة وحديثة تلبي متطلبات التنمية والتحديث. وكان في مقدمة هذه الأنظمة إصدار"نظام السوق المالية"الذي يهدف إلى إعادة هيكلة سوق المال بالمملكة وفق أحدث الأسس والمعايير الدولية المطبقة في هذا المجال. نظام السوق المالية وصدر"نظام السوق المالية"بموجب المرسوم الملكي رقم م/30 في 31 تموز يوليو 2003، وأصبح نافذاً بعد 180 يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. ويهدف النظام إلى إعادة هيكلة السوق المالية بالمملكة على أسس جديدة متطورة من شأنها تعزيز الثقة والجاذبية للسوق والمستثمرين بما يضمن تعزيز الإفصاح والشفافية فيما يتعلق بالأوراق المالية، وتوفير العدالة في التعامل وحماية المتعاملين بالأوراق المالية. ووفَّر النظام للمرة الأولى مظلة ومرجعية نظامية متكاملة للسوق توضح الهياكل والمؤسسات التنظيمية والإشرافية والتشغيلية للسوق وتحديد صلاحياتها ومهماتها بكل وضوح من خلال الفصل بين الدور الرقابي والإشرافي والدور التشغيلي للسوق من خلال استحداث مؤسسات جديدة للسوق ولجان للفصل في المنازعات تتمثل فيما يأتي: هيئة السوق المالية، والسوق المالية سوق الأوراق المالية، ومركز إيداع الأوراق المالية، ولجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية، ولجنة الاستئناف. تطور أداء السوق وتطور أداء سوق الأسهم السعودية منذ إنشائها حتى نهاية عام 2004، فبلغت الكمية المتداولة العام الماضي 10.3 بليون سهم بلغت قيمتها 1.77 تريليون ريال 473 بليون دولار من خلال 13.3 مليون صفقة. وفي عام 1985 بلغت الكمية المتداولة 3.93 مليون سهم، بلغت قيمتها 759.97 مليون ريال 203مليون دولار، من خلال 7842 صفقة. وفي عام 1990 ارتفعت الكمية إلى 16.9 مليون سهم، بقيمة 4.4 بليون ريال 1.17 بليون دولار، عبر 85298 صفقة. وفي عام 1995 بلغت الكمية المتداولة 117 مليون سهم بلغت قيمتها 23.2 بليون ريال 6.19 بليون دولار، من خلال 291742 صفقة. وفي عام 2002 بلغت الكمية المتداولة 1.7 بليون سهم بقيمة 133.8 بليون ريال 35.7 بليون دولار، عبر 1.03 مليون صفقة. وسجل المؤشر العام في نهاية عام 1985، 691 نقطة، وصعد في نهاية عام 1990 إلى 980 نقطة، فيما ارتفع إلى 1367.56 نقطة في نهاية عام 1995، وسجل المؤشر العام أعلى مستوى في تاريخه في 20 حزيران يونيو 2005 حيث بلغ 13798.5 نقطة. وكان عدد الشركات المساهمة محدوداً في البداية، إذ بلغ عددها المتداولة أسهمها خمس شركات فقط في الفترة قبل عام 1960، ارتفع إلى 8 شركات في الفترة من 1960 1969 بنسبة ارتفاع 60 في المئة، ثم ارتفاع إلى 34 شركة في الفترة من 1970 - 1980 بنسبة ارتفاع 325 في المئة وهي أكبر نسبة ارتفاع في عدد الشركات وجاءت مع تأسيس بعض الشركات، وسعودة المصارف الأجنبية العاملة في السعودية ثم ارتفع عدد الشركات في الفترة من 1980 - 1989 إلى 60 شركة بنسبة ارتفاع 76.5 في المئة، ووصل العدد حتى مطلع العام الجاري إلى 76 شركة بعد إضافة عدد من الشركات الجديدة من طريق الاكتتاب العام مثل الصحراء للبتروكيماويات، واتحاد اتصالات، والتعاونية للتأمين، وبنك البلاد للاكتتاب، وسدافكو، وقريباً سيتم تداول اسهم شركة المراعي في السوق المالية، بعد أنتهاء عملية التخصيص.