ازدحمت محطات الوقود في العاصمة الأردنية بالسيارات والمواطنين الذين توافدوا عليها لشراء المحروقات، قبل صدور قرار متوقع بزيادة أسعار الوقود، ينتظر الإعلان عنه خلال اليومين المقبلين. وبادرت بعض هذه المحطات الى رفض بيع كميات كبيرة من المحروقات وخصوصاً البنزين، في لعبة شد وجذب لتوفير بعض المال من جانب المواطنين قبل تطبيق القرار، ولزيادة الأرباح من جانب أصحاب المحطات. وكانت التوقعات قد اشتدت أيام حكومة السيد فيصل الفايز السابقة بزيادة أسعار المحروقات ولكن الملف بأكمله رحل إلى حكومة السيد عدنان بدران التي لم تبادر إلى اتخاذ القرار، لأن رئيسها كان قد أعلن عن نيته تعديل حكومته، وهو ما تم قبل أيام قليلة، مما جعل اتخاذ القرار ممكناً في أي لحظة. وتوقع بعض المواطنين جرياً على تجارب سابقة أن يتخذ مجلس الوزراء قراراً برفع الأسعار ليصادف يوم جمعة تكون فيه حركة المواطنين هادئة. ارسلت حكومة السيد بدران عدداً من الرسائل الضمنية والعلنية عن نية الحكومة رفع أسعار المحروقات، كان أكثرها وضوحاً ما صدر عن السيد مروان المعشر الناطق الرسمي باسم الحكومة، وهو المنصب الذي حصل عليه في التعديل الوزاري الأخير، إذ قال أول من أمس في لقاء أسبوعي يتحدث فيه إلى الصحافيين، إن وضع المحروقات في البلاد يحتاج إلى معالجة، وإن تحديد موعد رفع أسعار المحروقات أمر يقرره رئيس الوزراء. وأضاف أن كل يوم تأخير في رفع أسعار المحروقات يكلف الخزينة نحو 600 ألف دينار، وأن العجز المتوقع في العام الجاري يزيد على 950 مليوناً وهو وضع لم تشهده المملكة من قبل. وأعلن أن المنحتين الكويتية والإماراتية انتهتا ولم تجدداً، فيما جددت المنحة السعودية بعد تخفيضها. وهو كان أبلغ الصحافيين قبل أسبوع من الآن أن عهد المنح النفطية انتهى. وفي حين أكد وزير النقل سعود النصيرات أن أجور نقل الركاب على جميع الخطوط سترفع بعد تحديد نسب رفع أسعار المحروقات، تعهد المعشر بتأمين المواطن بحزمة الأمان الاجتماعي التي ستتضمن رفع رواتب الموظفين المتدنية وإبقاء سعر الخبز على حاله وكذلك الكهرباء. وكانت الحكومة أعدت الموازنة للعام الجاري على أساس أن حجم المال المخصص لدعم المشتقات النفطية يبلغ نحو 310 ملايين دينار وعلى أساس أن سعر برميل النفط هو 42 دولاراً، ولكن هذا السعر ارتفع إلى 59 دولاراً للبرميل. وصدرت تصريحات متعددة عن مسوؤلين أردنيين تحذر من أن استمرار هذا السعر يعني ارتفاع فاتورة الدعم للنفط في الموازنة من 310 ملايين دينار إلى 760 مليوناً، أي بفارق 450 مليوناً دينار، فضلاًَ عن الفارق بين المساعدات المتحققة وتلك المنتظرة لهذا العام. ولم تحدد الحكومة نسب الزيادة التي ستقررها على أسعار المحروقات والمشتقات النفطية، ولكن قياساً على حالات سابقة رفعت فيها الحكومة أسعار المحروقات، فإنها كانت متفاوتة بين مادة وأخرى مع التأكيد على أن أسعار الغاز المنزلي لن ترفع. وكان اتخاذ قرار رفع أسعار المحروقات في المملكة قضية صعبة جداً تتجنبه الحكومات، وذلك منذ العام 1989، حين اتخذت حكومة السيد زيد الرفاعي آنذاك قراراً مماثلاً، فاندلعت انتفاضة انطلقت من مدينة معان الجنوبية ثم امتدت إلى الشمال، وهو ما اضطر العاهل الأردني الراحل الملك حسين آنذاك إلى قطع زيارة له إلى أوروبا والعودة لمعالجة الأمر بنفسه، فتراجعت الحكومة عن القرار آنذاك، لكنها عادت ورفعت الأسعار أمام الضغط الاقتصادي، مرات عدة منذ العام 1992.