توفي في العاصمة البريطانية ليل الاحد - الاثنين، عن 89 سنة، سير ادوارد هيث ابن النجار الذي كان اول"ابن بلد"تولى زعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة 1970 - 1974 ممهداً الطريق بعده لحكم مارغريت ثاتشر"ابنة البقال"والذي دام اكثر من عشر سنين! هيث، صاحب الرقم القياسي الأطول في عضوية مجلس العموم الذي امضى فيه51 سنة... العازب وقبطان اليخوت وعازف البيانو الملهم الذي قال يوماً"الموسيقى كل حياتي"، لم يغفر أبداً لثاتشر اطاحته من زعامة الحزب عام 1975 على رغم انه قاد المحافظين الى خسارة ثلاث انتخابات عامة. اثنتين منها في سنة واحدة امام هارولد ويلسون وكان يصف كل أعمالها بأنها"خطأ كبير". وتميز حكم ادوارد هيث، الذي أدخل بلاده الى اوروبا وسوقها المشتركة عام 1973 على رغم كل التحفظات في حزبه وبين المعارضة العمالية، بعدم الاستقرار الاجتماعي وبمواجهات بين النقابات والحكومة. وشهدت الفترة الأخيرة من حكمه موسم اضطرابات واضرابات عمالية، يتذكر منها اللندنيون كيف تشكلت في شوارع مدينتهم جبال من القمامة، وكيف حُرموا من التدفئة نتيجة اضرابات عمال المناجم وارتفاع اسعار النفط بعد الازمة النفطية عام 1973. وعندما اقتصر العمل في بريطانيا على ثلاثة ايام في الاسبوع. وتتذكر دول الخليج ان الحكومة البريطانية اتخذت في عهد ادوارد هيث قرار الانسحاب العسكري من شرق السويس، بعد سطوع نجم"العملاق الاميركي"كلاعب اساسي في المنطقة... وكيف انه ارسل اشارات الى الدول المنتجة للنفط بأن بلاده ستُنسق مع الدول المستهلكة البحث في قرار لتجميد أرصدتها في مصارف لندن والغرب اذا لم تتخل عن خفض الانتاج وزيادة أسعار الخام. ولد هيث عام 1916 في عز الحرب العالمية الاولى، وكان لوالدته التأثير الأكبر في حياته وهي شجعته على العلم ليدخل بعد تحصيله العلمي في المدارس الحكومية الى جامعة اكسفورد التي كانت غالبية طلابها من أبناء الطبقة الثرية وكانت طريقهم الى المراكز القيادية في السلك الديبلوماسي او الادارات العليا او العمل السياسي. وعندما تخرج كان يتحدث بلكنة"أبناء الذوات الانكليز"، خدم في الدولة قبل ان يُجند اثناء الحرب العالمية الثانية ليحارب في صفوف ضباط المدفعية وليتم اختياره عام 1950 نائباً عن حزب المحافظين عن دائرة شديدة الولاء، بقي يمثلها حتى تقاعد عام 2001 بعدما نال لقب"أب المجلس"من دون ان يقبل الانتقال الى مجلس اللوردات عام 1992 بعدما منحته الملكة اللقب الشرفي. وكان هيث انتخب زعيماً للحزب عام 1964 خلفاً لسير الك دوغلاس هيوم، لينتزع عام 1970 رئاسة الحكومة من العمالي هارولد ويلسون ثم ليخسر الحكم عام 1974 بعدما تحدى الناخبين عبر سؤالهم"من يحكم بريطانيا... انا ام الاتحادات العمالية؟"لم تُجدد بريطانيا ثقتها فيه واختارت بدلاً منه اعادة حزب العمال الى الحكم بزعامة ويلسون ولو من دون غالبية مطلقة. ثاتشر التي كان هيث يصفها ب"تلك السيدة"، نعته امس ووصفته بأنه"الرجل الكبير الذي ندين له بكل شيء"على رغم انها كانت وصفت رحلته الشهيرة الى بغداد عام 1990، لمحاولة اقناع صدام حسين بالافراج عن الرهائن الغربيين بعد احتجازهم اثر أزمة احتلال الكويت، بأنها"خطأ لا يُغتفر".