سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"أمل" و "حزب الله" وعون يرفضون التشكيلة المقترحة ولحود يتحفظ عنها . السنيورة على طريق الاعتذار عن عدم التأليف وكتلة المستقبل تصر على أكثرية الثلثين للمعارضة
لم يعد أمام الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة فؤاد السنيورة من خيار سوى التقدم من رئيس الجمهورية اميل لحود بكتاب يعتذر فيه عن عدم تأليف الوزارة، بسبب العراقيل التي بدأت تعترض طريقه الى السرايا الحكومية بدءاً بتحفظ الاخير عن التشكيلة الثلاثينية التي حملها الى بعبدا مساء أول من امس، واشتراطه توزير شارل رزق، اضافة الى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الياس ميشال المر الوارد اسمه أصلاً في التركيبة الوزارية ومروراً باصرار"حزب الله"وحركة"أمل"على ان تكون الحصة الشيعية كاملة من نصيبهما ومطالبتهما بوزير مسيحي وانتهاء برفض رئيس التيار الوطني الحر النائب العماد ميشال عون الاشتراك الا برفع حصة تكتل الاصلاح والتغيير الذي يتزعمه من اربعة وزراء الى خمسة. والتوجه السائد لدى السنيورة بالاعتذار سيقود حتماً الى نشوء أزمة حكم يستحيل على الاطراف الفاعلين تفاديها، في المدى المنظور، ما لم يقدموا"تنازلات"لمصلحة تعويم التشكيلة المقترحة مع بعض التعديلات التي تسرع ولادتها على رغم ان الاجواء الراهنة تستبعد أي تعديل في المواقف. وكانت ازمة تشكيل الحكومة بدأت فور مبادرة السنيورة، بعد التنسيق مع الغالبية النيابية التي ينتمي اليها، الى رفع عدد اعضاء الحكومة من 24 وزيراً الى 30 بحجة ان توزير الياس سكاف وحزب الطاشناق وآخرين مقربين من لحود استدعى هذه الزيادة. وحمل السنيورة التشكيلة الثلاثينية الى بعبدا للتشاور بها مع لحود بعدما كان ابلغ ممثلين عن حركة"أمل"و"حزب الله"رغبته بزيادة العدد من دون الدخول معهما في الاسماء الجديدة المقترحة على التشكيلة السابقة او الاسباب التي املت عليه رفع العدد. وتبين ان لدى"أمل"والحزب اعتراضاً على زيادة العدد ما لم الوزير الشيعي السادس من نصيبهما، اضافة الى حقهما في تسمية وزير مسيحي، لكن السنيورة أصر على موقفه من ان الاستعجال في اعلان الحكومة أصبح اكثر من ضرورة بعد محاولة اغتيال الياس المر وان الظروف الضاغطة على البلد لم تعد تسمح بالتأجيل. الا ان لحود تحفظ عن التشكيلة التي لقيت لاحقاً معارضة من الثنائية الشيعية والتيار الوطني الحر والكتلة الشعبية برئاسة سكاف. وعلمت"الحياة"ان بوادر ازمة ثقة بين السنيورة والحركة والحزب بدأت تشق طريقها الى العلن، في مقابل اصرار عون على ان يتمثل سكاف شخصياً في الحكومة خلافاً لاتفاقه الاحد الماضي مع السنيورة في حضور رئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الدين الحريري، على تسمية احد المقربين منه في الحكومة. واعتبرت مصادر مقربة من السنيورة ان عون أخل بالاتفاق وان موقف الحركة والحزب لم يكن في الحسبان بعدما كان تفاهم معهما على كل التفاصيل وان زيادة عدد اعضاء الحكومة كانت ضرورية لتوسيع رقعة المشاركة. وبصرف النظر عن الاسباب الموجبة التي يتمسك بها كل طرف لتبرير وجهة نظره سواء كانت سلبية أم ايجابية فان الخلفية الاساسية للتبدل الذي حصل في اللحظة الاخيرة في مواقف القوى التي كانت مدعوة للمشاركة في الحكومة تكمن في ان السنيورة وجد نفسه في ضوء رفض لحود والحركة والحزب والتيار الوطني للوزارة الثلاثينية امام لوحة سياسية تفقده الحماسة لتولي رئاسة الحكومة وفي مقدم اسباب ذلك: - اصرار الثنائية الشيعية على احتكار التمثيل الشيعي في الوزارة الجديدة ورفضها المجيء بوزير من خارجها. - رغبة السنيورة في الاحتفاظ بثلثي اعضاء الحكومة من المنتمين للغالبية النيابية في البرلمان في مقابل شعوره بأن الآخرين يقاتلون من اجل منعه من الوصول الى ما يصبو اليه ويحاولون الامساك بالثلث المعطل في مجلس الوزراء. - ان السنيورة يرفض ان تحتسب حصة الحزب والحركة في الحكومة من ضمن الثلثين وهذا ما كشف عنه في خلال اتصالاته معهما وترتب عليه لاحقاً اعتذارهما عن عدم المشاركة. - هناك بوادر ازمة ثقة بين السنيورة والثنائية الشيعية اضطرته بعد العودة الى التشاور مع الغالبية النيابية في البرلمان الى التمسك بثلثي اعضاء الحكومة كخطوة وقائية لا بد منها. خصوصاً ان أمام مجلس الوزراء سلة من القرارات الحاسمة تحتاج الى موافقة الثلثين. وهكذا فان السنيورة، ومن خلاله المعارضة يصران على ضمان ثلثي اعضاء الحكومة انطلاقاً من التجربة المريرة التي عانى منها الرئيس الشهيد رفيق الحريري طوال رئاسته لحكومتين في عهد لحود والتي حالت دون تحقيق الاصلاح خلافاً لما كان تعهد به امام مؤتمر باريس -2. ففي الحقبة السابقة لم ينجح الحريري في تأكيد صدقيته امام المجتمع الدولي بسبب العوائق التي واجهته في مجلس الوزراء، والتي أدت الى شلل اداري وسياسي لأن الغالبية كانت في مكان آخر وتحديداً في يد دمشق التي جيّرتها الى لحود. وعليه فان السنيورة لا يستطيع ان يغامر ويوافق على تشكيلة وزارية يعجز فيها سلفاً عن اعادة لبنان الى الخريطة الخارجية لطلب مساعدة المجتمع الدولي في التغلب على مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية والمالية. فالجتمع الدولي سيحمل السنيورة ومعه المعارضة التي تستعد للانتقال الى السلطة المسؤولية ولن يحمل الآخرين وزر أي تقصير في الاصلاح لأن المعارضة وحدها تشكل الغالبية في البرلمان. ويرفض السنيورة ان يتحمل المسؤولية ما لم تمسك المعارضة بزمام المبادرة والقرار في مجلس الوزراء وهذا ما يفسر مصارحته الآخرين بعدم قبوله الاستمرار في مهمة تشكيل الوزارة في حال شعر بأن الاكثرية في البرلمان تتحول الى اقلية في مجلس الوزراء، في اتخاذ القرارات المطلوبة على قاعدة ما دامت غير فاعلة لتعذر حصولها على ثلثي الاعضاء. كما ان السنيورة صارح المفاوضين عن"أمل"النائب علي حسن خليل و"حزب الله"الحاج حسين الخليل بأنه يسعى للتوفيق بين رأي الكتل والاكثرية النيابية، وكان جوابهما انه الا يحتسبهما في عداد الثلثين وبالتالي يصنفهما في خانة الفريق الآخر، وعندها لا مبرر للاشتراك في الحكومة وان في وسعه تشكيلها من دونهما. وقالت مصادر في الحركة والحزب ان الحوار الذي دار بينهما والسنيورة ينم ازمة ثقة طالما ان الرئيس المكلف رفض التشاور معهما في الزيادة التي ادخلها على الحكومة قبل ان يتوجه الى بعبدا ليسلم لحود لائحة باسماء الوزراء الجدد. ولفتت المصادر الى ان المشاورات التي سبقت الاتفاق على تركيبة وزارية من 24 عضواً، كانت انتهت الى توافق على ضرورة اقرار دفعة من التعيينات الديبلوماسية والادارية والامنية ولم تكن هناك مشكلة تعوق تعيين سفير جديد في واشنطن خلفاً للسفير الحالي فريد عبود، إضافة الى التفاهم على الاشتراك في الحكومة حتى لو لم ينضم اليها التيار الوطني الذي عاد ووافق ثم عدل اخيراً وعزف عن المشاركة. واذ استغربت هذه المصادر موقف السنيورة بزيادة عدد اعضاء الحكومة من دون التشاور مع الحزب والحركة قالت اوساط مقربة من السنيورة ان تمسكه بثلثي اعضاء الحكومة للمعارضة"لا يعني اننا على وشك الاعداد لصفقة تتعلق بالقرار 1559". وأكدت ان موقف السنيورة وقوى الغالبية النيابية في البرلمان، واضح من القرار 1559"وان لا مجال للعودة عنه سواء كنا في الحكومة أم بقينا في المعارضة، ونحن نرى ان سلاح"حزب الله"شأن داخلي وخاضع للحوار بين اللبنانيين". وقالت هذه الاوساط ان السنيورة ومن يمثل في اشارة الى كتلة"المستقبل"النيابية ليس في وارد الانقلاب على موقفه من ال 1559، مؤكدة ان لا خلفية اقليمية أو دولية للاصرار على الثلثين في الحكومة بمقدار ما ان السبب هو استعجال القرارات التي لا بد منها لتحريك ملف المساعدات للبنان.