لم تكن محاولة قبيلة هندية من الامازون الصيد وسط قوارب الغندول التي تشتهر بها مدينة البندقية الايطالية تندرج ضمن برنامج بينالي الرقص في المدينة، لكنها تعكس موضوعه لهذا العام وهو كيف يعيش الانسان في العالم الفوضوي سريع التغير ويتكيف معه. وقال اسماعيل ايفو الراقص البرازيلي الذي يخرج عروض بينالي هذا العام:"قالوا سنذهب للصيد، فأجبت ماذا تعنون بانكم ستذهبون للصيد، لا يمكن الصيد في البندقية. ستصطادون زجاجات فقط". وكان ايفو وجه الدعوة للقبيلة لتقديم احدى رقصاتها التقليدية في البينالي الذي يستمر حتى الثاني من الشهر الجاري. ويعدد وهو يجلس في ميدان صغير قرب ميدان القديس مارك المكتظ بالسياح المشكلات التي واجهت القبيلة الهندية في البندقية. اذ ان معظم افرادها لا يتحدثون حتى البرتغالية. وفي الوقت عينه، فانهم ليسوا سذجاً وتفاوضوا حتى حصلوا على أجر جيد يستثمرونه في بناء مدارس ومستشفيات للقبيلة. ويسعد مثل هذا التناقض الواضح ايفو الذي تنقل شخصياً في جميع ارجاء العالم. وقد بدأ رحلته المهنية في ساو باولو ثم انتقل الى نيويورك وبرلين ويترأس الان مسرح رقص في مدينة فيمار الالمانية. وهذه المرة الاولى التي يخرج فيها بينالي الرقص وهو جزء من واحد من اشهر المهرجانات الابداعية التي تشمل ايضاً الفن المعاصر وافلاماً وحفلات موسيقية في مواقع في جميع أنحاء البندقية. ويقول:"بالنسبة الي، يكشف الجسم العواطف والافكار والرؤى. ونحن الراقصون نترجم هذه الافكار الى فن". وتشكل العولمة والهجرة محور عرضه في البينالي ويطلق عليه اسم"ارنديراس". وهو مستوحى من قصة قصيرة للكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز حول سيدة عجوز تسافر في مسكن متنقل وتدفع حفيدتها للعمل كبائعة هوى من أجل كسب قوتهما. وتركز فكرة ايفو عن الرقص المعاصر على التطور الشخصي للراقص والنتيجة النهائية للعرض على حد سواء. واخذ ايفو فرقته الى ساو باولو لمقابلة بائعات هوى وامهات اختفى اطفالهن ومن المحتمل انهن يعملن في الدعارة. ويقول:"لا اصدر حكماً على الجدة في الرواية بانها محقة ام مخطئة، طيبة او شريرة. تحاول فقط ان تبقى على قيد الحياة ونقل المسكن المتنقل الى مكان افضل". وتابع:"تحاول اوروبا ابعاد هؤلاء الناس، لكنهم ما زالوا ينجحون في الوصول. تشيدون جداراً يحفرون من تحته ويتسللون الى الداخل... يريدون الحياة". ويعتقد ايفو انه ليس الفقراء وحدهم من يشعرون بالضياع وسط العالم الحديث في مسعاهم من اجل البقاء. فالخوف من الهجمات الارهابية والولع بالشباب والجمال والتطور السريع للعلوم كلها امور غيرت لغة جسمنا وشعورنا تجاهه. ويصف كيف يذهب كثيراً الى المطارات حيث يجلس لساعات يراقب الناس يأتون ويذهبون وكيف تغير سلوكهم عقب هجمات 11 ايلول سبتمبر 2001. واضاف:"قبل بضع سنوات كان الناس يجلسون في حالة استرخاء في انتظار طائراتهم. اليوم هناك شعور معين بالحذر في الجو. اذا رفعت اي قطعة من متاعك ووضعتها على الجانب الآخر فستجد على الفور كل الأنظار مركزة عليك".