تكرر في هولندا امس، السيناريو نفسه الذي حدث في فرنسا خلال الاستفتاء على الدستور الاوروبي، اقبال مرتفع ورفض مرده الاستياء من الاوضاع الداخلية. وتجاوزت نسبة اقبال الناخبين الهولنديين على الاستفتاء نسبة ال30 في المئة، ما وضع الائتلاف السياسي الحاكم والذي يضم ثلاثة أحزاب والحزب الاشتراكي الديموقراطي، المعارض الرئيسي، في مواجهة مباشرة مع الشعب الرافض للدستور بنسبة 60 في المئة. راجع ص 10 وفرض المواجهة، تعهد الطبقة السياسية الحاكمة التي ايدت نسبة 80 في المئة منها الدستور الاوروبي الجديد، بإيلاء اهتمام بنتيجة الاستفتاء، على رغم انه غير ملزم دستورياً. واعتبر الاقبال على الاستفتاء مرتفعاً، مقارنة بنسبة المشاركة في الجولتين الاخيرتين من الانتخابات البرلمانية والتي لم تتجاوز 20 في المئة، في حين قاطع 60 في المئة من الناخبين الهولنديين الاقتراع الخاص باختيار نواب البرلمان الاوروبي العام الماضي. وكما حصل في فرنسا، قبل ثلاثة ايام حين تسببت ال"لا"الحاسمة في دفع رئيس الوزراء جان بيار رافاران الى الاستقالة وتسليم الحكم الى دومينيك دوفيلبان، لا يستبعد ان تشهد هولندا تغييرات سياسية داخلية. وبدا ان ال"لا"الفرنسية حررت الناخبين الهولنديين من تحميلهم وحدهم مسؤولية رفض الدستور الجديد والذي يحتاج اقراره الى موافقة الدول ال25 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي. ولم ينل الدستور حتى الآن موافقة الا في تسع دول، سواء عبر استفتاءات شعبية او اقتراعات برلمانية. وتراجعت حماسة الطبقة السياسية الهولندية في حشد التأييد للدستور، الامر الذي تجسد ميدانياً في غياب اي نشاط للسياسيين المؤيدين له امام مراكز الاقتراع امس، بعدما كان معظم وزراء الائتلاف الحاكم واعضاء احزاب المعارضة معاً، أمضوا اليوم الاخير الذي سبق الاستفتاء في التحدث الى الناس والطلاب وتوزيع منشورات تحضهم على الاقتراع لمصلحة الدستور. وبدا ان رئيس الوزراء يان بيتر بالكينيندي واجه التحدي وحده حين صرح في اعقاب الادلاء بصوته في مركز للاقتراع قرب روتردام، بأن التصويت ب"لا"يتعارض مع مصلحة هولندا وأوروبا، علماً انه كان دعا في نداء وجهه الى الامة عشية الاستفتاء الى عدم التصويت ضد حكومته التي يرى كثيرون انها خيبت الآمال في التعامل مع ملفات كثيرة، بينها ملف اليورو الذي رفع اعتماده الاسعار في شكل كبير. ولا يخفى ايضاً تأثر خيار الناخبين الهولنديين في الاستفتاء بالمخاوف الناتجة من انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي ومسألة الهجرة، ما جعل البلجيكية صوفي فانهوكر التي تشغل منصب مديرة كلية الدراسات الاوروبية، تؤكد ان الهولنديين باتوا اكثر انطواءً على انفسهم منذ اغتيال بيم فورتيون، زعيم اليمين المتشدد، العام 2002.