أثبتت الأبحاث الجيولوجية في جزيرة لانكاوي الواقعة عند الشاطئ الشمالي لشبه الجزيرة الماليزية، على الحدود مع تايلاند، أن عمر هذه الأرض يصل إلى ما يزيد على 500 مليون سنة. يدل على ذلك الأرض التي تزخر بالجبال والكهوف المختلفة التي تزينها الصواعد والنوازل، عدا عن الغابات التي تم تصنيفها على أنها"جدُة"الغابات في العالم بما تضمه من عجائب طبيعية وكائنات حيّرت العلماء بتنوعها وكثرتها وحتى في ندرتها. على هذه الأرض التي يلف هواءها الغموض، تكثر الأساطير والحكايات. وقد يكون موقعها الذي ينتصف جزر لانكاوي المئة الأخرى، وطبيعتها الخلابة الهادئة المزينة بألوان قوس قزح، هو ما حوّلها إلى تربة خصبة لحياكة الأساطير. ففي كل ركن قصة وفوق كل بقعة حكاية. وتبقى قصة الأميرة ماهسوري سيدة أساطير المنطقة، إذ يقال أن هذه الأميرة الجميلة التي أحبها أهل القرية بإخلاص لما تتمتع به من جمال وأخلاق رفيعة تزوجت من إبن حاكم القرية. لكن حماتها دبرت لها مكيدة تتهمها فيها بشرفها، فصدقها أهل القرية الذين حكموا على الأميرة بالإعدام بحد سيفها الخاص، وعند تنفيذ الحكم ظهرت براءتها عندما سال دمها غزيراً أبيض وغطى البلدة وحوّل شواطئها إلى رمال بيضاء. وقبل أن تلفظ الأميرة أنفاسها الأخيرة أطلقت لعنتها على البلدة بأن لا ترى إزدهاراً أو راحة لسبعة أجيال قادمة. اليوم، وفي أعقاب مرور مئتي عام، وبعد أن فكّت الأسطورة لعنتها كما يزعم السكان، تعود لانكاوي من جديد لتزدهر حيوية وجمالاً، ولتجد لنفسها موقعاً مهماً على الخريطة السياحية. لم يطلق عبثاً على لانكاوي اسم أرض الأساطير، فحكاية ماهسوري هي واحدة من الأساطير التي تحاصرها. فكل من يزور الجزيرة، لا سيما العرسان الجدد، لا بد وأن يعرج على شلالات بحيرة الفتاة الحامل، إذ يقال أن مياه هذه البحيرة الغامضة تساعد الأزواج على الإنجاب. كذلك لا تنجو شلالات الينابيع السبعة التي تخترق الغابات الخضراء من بعض الحكايات، فيقال أن مياهها تشفي من كثير من الأمراض. وعلى بعد 14 كلم فقط تقبع شلالات قرية هانغات آيا التي تمتاز بينابيعها الساخنة وتتجمع حولها المحلات التجارية والمطاعم، وتقوم فرق موسيقية راقصة بتقديم لوحات من الفولكلور الماليزي للزوار. ولا بد من ذكر كهف الأساطير، واحد من أهم الكهوف في منتجع تانجنج رو حيث نُقش على جدرانه كتابات لم يُفك غموض لغتها حتى يومنا هذا. وسواء كان ذلك كله حقيقة أم خيالاً إلا أن أهل البلدة يجزمون بصحة ما تستطيعه أرضهم ومياهها من أعاجيب. عند الوصول الى لانكاوي لا بد من زيارة الجزء المخصص للسياحة من غاباتها. ويستحسن القيام بهذه الجولة مع دليل سياحي يتم اقتراحه من الفندق أو من أي من المكاتب السياحية المتفرقة في المنطقة، ليس فقط لأن فرصة الضياع في أدغالها كبيرة وإنما لأن ذلك سيوفر للسائح فرصة الاستمتاع بمشاهدة الحيوانات والنباتات الفريدة عن قرب ومعرفة خصائصها وميزاتها ونوادرها أيضاً. ولا تحتاج هذه الرحلة لأكثر من يومين، وقد شُيدت المنتجعات لتمكين السائح من الإقامة فيها خلال زيارته الاستكشافية. غير بعيد عن هذه الأدغال الخضراء ترقد الشواطئ البيضاء تحيط بها الصخور السوداء الغرانيتية والغابات الخضراء كخلفية أنيقة لصورة فنية تحتضن مياه البحر اللازوردية ما أهلها لأن تحتل مرتبة متقدمة في جداول أفضل المنتجعات السياحية في العالم بما تؤمنه للسائح من رياضات مائية ونشاطات ترفيهية. وقد تكون بولاو بيار أهم موقع سياحي لمحبي السباحة والغوص، حيث تتجمع أربع جزر لتشكل المكان الفريد الذي يضم أكبر وأبرز تجمع لأكثر من 90 نوعاً مختلفاً من الكائنات البحرية التي تتنافس لتجد لها موقعاً في هذه المنطقة التي تعج بالشعاب المرجانية. تبعد بولاو بيار حوالي الساعة عن لانكاوي وتتوافر القوارب والزوارق السريعة على الشواطئ لتقل السواح إليها لاكتشافها والتعرف عليها خلال رحلة يوم واحد. التجول في أرجاء لانكاوي وبين جزرها والكهوف والمغارات المائية والغابات يقدم للزائر المتعة والترفيه ممزوجين بالثقافة والمعرفة عدا عن التمتع بالسباحة في مياه البحر الدافئة والاسترخاء تحت شمس شواطئها أو في أدغالها أو حتى التجول في أزقة مدينتها الرئيسية كوا التي تزخر شوارعها وأسواقها بالبضائع المعفية من الضرائب، خصوصاً للسواح الذين تتجاوز مدة إقامتهم 48 ساعة، ما يجعل الأسعار متهاودة جداً. ومهما كان الغرض من الزيارة إلا أن أفضل ما يبقى من ذكرى للسائح بعد إنقضاء رحلته، الابتسامة التي لا تفارق وجوه الماليزيين. أفضل أوقات الزيارة ماليزيا على العموم بلاد دافئة وحارة على مدار العام ولا تتجاوز درجات الحرارة فيها 32 درجة مئوية ما يجعلها مركزاً سياحياً مهماً في أي وقت من السنة، غير أنها تتعرض لأمطار موسمية فترتفع نسبة الرطوبة فيها ما قد يشكل بعض الصعوبة في التحرك والاستمتاع بالاجازة عند بعض الأشخاص، ويحدث ذلك في الفترة الواقعة بين تشرين الثاني نوفمبر وآذار مارس.