ركز فريق التحقيق الدولي في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، تحقيقاته مع مسؤولين عسكريين سوريين وصلا الى فيينا، على"معرفة مدى علاقاتهما بعملية الاغتيال". وشمل الاستجواب العميد رستم غزالي رئيس جهاز الاستطلاع والأمن في القوات السورية العاملة في لبنان حتى فترة انسحابها والعميد جامع جامع المسؤول عن الجهاز في بيروت، اللذين عادا امس الى دمشق، وسيستمع غداً الى كل من العميد عبد الكريم عباس أحد أبرز مسؤولي فرع فلسطين في جهاز الاستخبارات السورية والعميد ظافر يوسف اضافة الى العقيد المتقاعد سميح القشعني بصفته"شاهداً"في القضية. وعلمت"الحياة"ان القاضي الالماني ديتليف ميليس"يعتزم المغادرة عندما تنتهي ولايته لكنه سيُساعد في المرحلة الانتقالية كي تكون هادئة". ومع"استجوابات فيينا"تركز الاهتمام في بيروت على متابعة قضية"اكتشاف المقبرة الجماعية"في منطقة عنجر وعلى اجتماع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع العماد ميشال عون. واستعان المحققون الدوليون في"استجوابات فيينا"التي يُتوقع ان تختتم غداً، بمحاضر شهادات أدلى بها عدد كبير من الشهود في الفترة التي سبقت رفع ديتليف ميليس تقريره الأخير الى مجلس الأمن الدولي راجع ص 7. وأوضحت مصادر تحدثت الى"الحياة"ان المحققين الدوليين استندوا في استجواب الشهود، وفي مقدمهم العميد غزالي، على نصوص تسجيلات لمكالمات هاتفية"تمت بينه وبين شخصيات سياسية لبنانية". وعلى"معرفة طبيعة مهمة ودور الضباط السوريين"الذين سبق ان تولوا مسؤوليات أمنية في لبنان قبيل تفجير موكب الحريري، وعلاقة بعضهم بشخصيات وأفراد ادعى شهود، انها"ساهمت، مباشرة أو غير مباشرة، في عملية التحريض أو الإعداد لعملية الاغتيال". ورفض المحامون السوريون والنمسويون، الذين تولوا تقديم النصيحة القانونية للمسؤولين السوريين الإدلاء بأي معلومات مشيرين الى احترام الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الأممالمتحدة والحكومتين السورية والنمسوية للمحافظة على سرية التحقيق. وقالت مصادر في الأممالمتحدة ان"التحقيقات ربما ستستكمل بصورة أدق وأشمل مطلع السنة المقبلة". ومع التحقيقات، التي كانت تجري في مقر الاممالمتحدة، شهد محيطه تجمعات لسوريين بعضهم يناهض الضغوط على دمشق، وبعضهم طالب بالمضي فيها. وقالت مصادر قريبة من الوفد السوري ل"الحياة"ان فريقاً كبيراً من المحامين السوريين يرافق"الشهود"بينهم عميد كلية الحقوق السابق عبود السراج والدكتور خليل تعلوبة ورازي ديب ومازن خضو وباسل حمدان وهائل اليوسفي، اضافة الى المستشار القانوني الدكتور رياض الداودي والمستشار الدكتور احمد التقي. وفي باريس أكد رئيس الحكومة الصيني وين زياو باو، بعد اجتماع عقده والرئيس الفرنسي جاك شيراك، التزام بلاده القرار 1636 ورغبتها الكشف عن الحقيقة في اغتيال الحريري ومحاكمة"من تثبت مسؤوليته". وتمنى أن تستمر لجنة التحقيق الدولية في عملها وأن"تتعاون الأطراف المعنية معها، وأن يستمر أعضاء مجلس الأمن في حوارهم الوثيق في شأن القضية". وأكد شيراك بدوره أن"كل ما تتمناه فرنسا من سورية هو التعاون مع لجنة التحقيق الدولية وأن ليس لديها هدفاً آخر". وتفيد معلومات في العاصمة الفرنسية أن رئيس لجنة التحقيق القاضي ديتليف ميليس" لا يزال غير راغب بالاستمرار في مهمته"وأن من بين اسباب رفضه التجديد"عراقيل الأمانة العامة للأمم المتحدة"لكن المساعي قائمة لاقناعه بالبقاء. وأوضحت مصادر ان فرنسا"تفضل استمرار ميليس لأنه يحظى بثقتها التامة"وتعتبر ان بقاءه مفيد جداً. واشارت الى انه"اذا قرر ميليس انهاء مهمته، فإنه على مدى مهمته درب فرقاً ومهنيين وأنه اذا كانت سورية تعتقد ان انهاء عمل ميليس يعني توقف التحقيق، فإنها ترتكب خطأ فادحاً". وذكرت المصادر ان ميليس كان ركز نطاق تحقيقاته، استعداداً لتقديم تقريره في 15 كانون الأول ديسمبر الحالي، وبات لديه المزيد من الأدلة وهو يعمل على إعداد التقرير الذي سيُجهز في الأيام المقبلة، خصوصاً ان استجوابات فيينا قد تسفر عن عناصر جديدة ذات أهمية، خصوصاً انها تتم في فيينا وبعيداً عن دمشق. وفي الاممالمتحدة قال ستيفان دوجاريك الناطق باسم الأمين العام ان فريق التحقيق"قابل في فيينا الاثنين اثنين من المسؤولين الأمنيين السوريين توجها الى مقر الأممالمتحدة للاستجواب". وأكد أن ميليس"يعتزم المغادرة عندما تنتهي ولايته"لكنه"سيساعدنا في المرحلة الانتقالية كي تكون هادئة". وابلغ دوجاريك"الحياة"ان ميليس"لن يرمي بنا وكأننا بطاطا ساخنة"وأنه"لن يتوقف"عن العمل بحلول منتصف الشهر الجاري بعدما يقدم تقريره الى مجلس الأمن، كما قال سفير المانيا لدى الأممالمتحدة غونتر بلويغر ل"الحياة". وحسب بلويغر"لقد تحدثت شخصياً معه ميليس ومع برلين العاصمة، وقراره هو أنه"سيعتزل بعدما يقدم تقريره الى مجلس الأمن"في 13 الشهر الجاري. وأوضح السفير الألماني ان محادثاته الشخصية مع ميليس جاءت قبل أسابيع، لكنه أشار الى استمرار اتصالاته يومياً مع برلين"ولم أسمع ان موقفه تغيّر أو أنه مستمر في العمل بعد 15 الشهر الجاري". وأضاف ان"عقده ينتهي في 31 كانون الأول ديسمبر الجاري، انما ما بين منتصف الشهر وآخره فترة عيد الميلاد"، ولذلك سينهي أعماله بعد تقريره الى مجلس الأمن". وأكد بلويغر:"رأينا هو أن الأمر عائد قطعاً الى السيد ميليس ان كان وافق على التمديد أو رفضه اذ اننا نحترم قراره وهو قال لنا في الفترة الأخيرة انه اتخذ قراره النهائي بالمغادرة لأسباب شخصية ومهنية". وأشار بلويغر الى عنصر"الخطر"على المحقق الالماني، وقال:"لا نريد ان نضغط عليه اذ لو حدث له شيء، سنشعر بالذنب والمسؤولية". ورفض دوجاريك"وضع اطار زمني"للفترة الانتقالية. وحسب مصادر أميركية"الأرجح ألا تنجح جهود اقناعه ميليس بالبقاء لكنه لن يهجره بحلول 1 كانون الثاني يناير". وأضافت المصادر:"السؤال المطروح الآن يتعلق بالزمن الذي ستستغرقه الفترة الانتقالية... ولا أحد يعرف الجواب تحديداً". واتفقت الديبلوماسية الأميركية والألمانية في"استيائها من الأمانة العامة"لعدم ايجاد خلف لميليس فور ابلاغه الامانة العامة بعدم رغبته البقاء. الى ذلك، أشار الناطق باسم الأمين العام رداً على سؤال حول المقابر الجماعية في لبنان الى ما عبر عنه مبعوث الأمين العام في لبنان غير بدرسون من"عميق القلق"من هذه التقارير وضرورة"التدقيق فيها"مشيراً الى أن السلطات اللبنانية بدأت التحقق من هوية الضحايا"والأممالمتحدة ستتابع الأمر معها عن كثب". وفي بيروت اتسع الاهتمام السياسي ب"اكتشاف المقبرة الجماعية"في منطقة عنجر حيث وجدت هياكل عظمية لما بين 20 و25 جثة دفن معظمها في حفرة كبيرة واحدة، وسيكون الموضوع مدار نقاش في جلسة المجلس النيابي التي تعقد اليوم من اجل رد الحكومة على اسئلة النواب. وشددت كتلة"المستقبل"النيابية، التي يرأسها النائب سعد الحريري في بيان لها مساء امس، على ان المحاكمة الدولية"حاجة لبنانية عامة"وأكدت تمسكها بالمطلب ورفضت"أي نوع من أنواع الابتزاز السياسي لتعطيل الكشف عن الحقيقة في اغتيال الحريري". ورأت في استجواب المسؤولين السوريين في فيينا"مؤشراً ايجابياً الى مواصلة التحقيق في الاتجاه الصحيح".