ساد جوّ من التشاؤم في تركيا أمس، بعد الكشف عن تفاصيل اللقاء الذي جمع بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي جورج بوش. فبعدما سعى أردوغان إلى تحقيق مطالبه الخاصة بحزب العمال الكردستاني والقضية القبرصية، أفادت التقارير بأن بوش لم يعط وعوداً جدية في هذا الشأن، وتذرّع بعدم الاستقرار الأمني في العراق، وأنه وعد بتضييق الحصار على أنصار الحزب ومنع نشاطهم السياسي، كما استجاب لطلب تركيا بإعطاء الأمر بإلقاء القبض على قياديي الحزب في حال مصادفتهم لا عبر البحث عنهم أو مطاردتهم. وفي ما يتعلق بمطالبة أنقرة رفع الحصار عن شمال قبرص التركية، إذ أيد بوش الطلب التركي من دون أن يوضح ما يمكن أن تقدمه واشنطن في هذا الإطار، واكتفى بالقول إنه سيبحث الأمر مع مساعديه. وأكدت مصادر تركية في واشنطن أن الإدارة الأميركية وضعت معايير من أجل عودة العلاقات بين أنقرةوواشنطن إلى ما كانت عليه سابقاً، لافتة إلى تراجع بوش عن استخدام وصف الشراكة الاستراتيجية بين البلدين واستخدامه تعبير العلاقات الاستراتيجية. وأشارت هذه المصادر إلى أن الإدارة الأميركية ستتابع عن كثب نشاطات الحكومة التركية في ما يتعلق بجهودها الهادفة إلى تقليص حملة العداء ضد الولاياتالمتحدة في الشارع التركي، والمساعي التركية الرامية إلى دعم مشروع الشرق الأوسط الكبير والإصلاح في المنطقة. وبناء على ذلك، ستحدد الإدارة الأميركية ما إذا كانت ستعود إلى استخدام مصطلح الشريك الاستراتيجي عند الحديث عن تركيا أم لا. وفي هذا الإطار، تولي الخارجية التركية اهتماماً بالغاً للزيارة التي يقوم بها أردوغان في الثامن عشر من الشهر الجاري إلى لبنان، ليكون أول الشخصيات الأجنبية التي تزور هذا البلد بعد الانتخابات التشريعية فيه، وهي فرصة مهمة لأردوغان للتعليق على التجربة اللبنانية واعتبارها مثالاً مهماً للإصلاح. وفي ما يتعلق بالملف السوري، أكد جميع من حضر لقاء الرئيسين انه شكل نقطة الخلاف الرئيسية بينهما، إلى حدّ جعل الحوار ينتهي إلى صمت عميق استغرق قرابة دقيقة كاملة. وقال أحد المسؤولين الأتراك المقربين من أردوغان ل"الحياة":"أكدت واشنطن لأردوغان ضرورة فرض عزلة كاملة على سورية لأنها لا تزال تدعم المقاومين في العراق وتتدخل في شؤون لبنان، إلا أن أردوغان الذي لم يلمس وجود أي إستراتيجية أميركية واضحة تجاه سورية أو نية لتغيير النظام هناك أو للقيام بعمل عسكري ضد دمشق، أصر على موقفه في شأن ضرورة دعم جهود الرئيس السوري بشار الأسد الإصلاحية". وفي ما يتعلق في الشأن السوري، تبدو حكومة حزب"العدالة والتنمية"مقتنعة تماماً بوجود فرصة أمام الرئيس الأسد لتنفيذ مشروع إصلاحي سياسي في سورية، على رغم قناعة الحكومة تلك"بوجود عناصر استخباراتية سورية تعمل لمصلحة عدد من القيادات السورية في لبنان من دون علم الرئيس الأسد".