الدولار يتراجع إلى أدنى مستوى في 11 أسبوعًا    بحث أهمية الأمن السيبراني في الإعلام الرقمي ودور الذكاء الاصطناعي بهيئة الصحفيين بمكة    مجموعة stc تحقق 86% نمو في صافي الأرباح لعام 2024م، و 13% في حال استبعاد البنود الغير متكررة    لموظفيها العزاب : الزواج أو الطرد    5 عادات شائعة يحذر أطباء الطوارئ منها    الحسم في «ميتروبوليتانو»    وزير الشؤون الإسلامية: رصدنا حملات تبرع غير نظامية    «ساما» يصدر لائحة المقاصة النهائية    السعودية تتصدر مؤشر الأعلى ثقة عالمياً    وزير الدفاع ووزير الخارجية الأميركي يبحثان العلاقات الثنائية    وسط ترحيب لا يخلو من ملاحظات.. البيان الختامي لمؤتمر الحوار: الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها.. وإعلان دستوري مؤقت    البرلمان العربي يرفض مخططات تهجير الشعب الفلسطيني    اليمن.. مطالبة بالتحقيق في وفاة مختطفين لدى الحوثيين    مملكة السلام.. العمق التاريخي    وزير الدفاع يبحث العلاقات الاستراتيجية مع مستشار الأمن القومي الأمريكي    في نصف نهائي كأس آسيا تحت 20 عاماً.. الأخضر الشاب يلاقي كوريا الجنوبية    لاعبون قدامي وإعلاميون ل"البلاد": تراجع الهلال" طبيعي".. وعلى" خيسوس" تدارك الموقف    اجتماع سعودي-أمريكي موسع يناقش تعزيز التعاون العسكري    أكد ترسيخ الحوار لحل جميع الأزمات الدولية.. مجلس الوزراء: السعودية ملتزمة ببذل المساعي لتعزيز السلام بالعالم    مجلس الوزراء: المملكة ملتزمة ببذل المساعي لتعزيز الأمن والسلام في العالم    وافدون يتعرفون على تأسيس المملكة في تبوك    سفير خادم الحرمين لدى فرنسا يقيم حفل استقبال بمناسبة «يوم التأسيس»    تأسيس أعظم وطن    الفريق البسامي يستعرض الخطط الأمنية والتنظيمية مع قادة قوات أمن العمرة    شهر رمضان: اللهم إني صائم    وزير الشؤون الإسلامية يحذر من الإنجراف وراء إعلانات جمع التبرعات    تشغيل «محطة قصر الحكم» بقطار الرياض اليوم    خفاش ينشر مرضاً غامضاً بالكونغو    «صراع وطني» في مواجهة الاتفاق والتعاون    سعود بن نايف يطلع على مبادرة «شيم»    عبدالعزيز بن سعد يرعى حفل إمارة حائل ب«يوم التأسيس»    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة الكويت بمناسبة اليوم الوطني    أنشطة تراثية في احتفالات النيابة العامة    النائب العام يبحث تعزيز التعاون العدلي مع الهند    الصقيع يغطي طريف    الأمن المجتمعي والظواهر السلبية !    آل يغمور يتلقون التعازي في فقيدتهم    أوكرانيا وافقت على بنود اتفاق المعادن مع أميركا    «الأمن المجتمعي».. حوكمة الضبط والمسؤولية التشاركية!    عُرس الرياض الإنساني    النحت الحي    جبل محجة    ليلة برد !    اختبارات موحدة    أمير تبوك يرأس اجتماع الإدارات المعنية باستعدادات رمضان    120 خبيرًا ومتخصصًا من 55 دولة يبحثون أمن الطيران    قصة نهاية «هليّل»    مسابقة الوحيين في إندونيسيا..التحدي والتفوق    مدير الأمن العام يتفقّد جاهزية الخطط الأمنية والمرورية لموسم العمرة    فيصل بن بندر يرعى احتفاء «تعليم الرياض» بيوم التأسيس    القيادة تهنئ أمير الكويت بذكرى اليوم الوطني    تقنية صامطة تحتفي بذكرى يوم التأسيس تحت شعار "يوم بدينا"    155 أفغانيا يصلون إلى برلين ضمن إجراءات إيواء الأفغان المهددين في بلادهم    سقوط مفاجئ يغيب بيرجوين عن الاتحاد    دونيس: مهمتنا ليست مستحيلة    «الصحة»: تحصّنوا ضد «الشوكية» قبل أداء العمرة    غزارة الدورة الشهرية (1)    جامعة الملك سعود توقع مذكرة تعاون مع مركز زراعة الأعضاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر اقتصادية - "المصرف المتوسطي" يطل برأسه في مرحلة اقليمية معقدة
نشر في الحياة يوم 11 - 06 - 2005

في الملتقى الاول الذي نظمته مجموعة"يوروميد"يومي 26 و27 ايار مايو الماضي في مدينة ليون الفرنسية تحت عنوان:"رأس المال المُستثمر"، فاجأ رئيس نادي باريس، جان بيار جوييه الحضور بتجاوز موضوع الدين المتعلق بدول جنوب البحر الابيض المتوسط، ليركز في نهاية مداخلته على ضرورة ايجاد ادوات التعاون الاقليمية الملائمة، المتمثلة بالدرجة الاولى في انشاء"مصرف متوسطي"جديد من مهماته الاساسية تعزيز فاعلية الشراكة المالية، وكذلك البعد الاقليمي لها على صعيد التجارة والزراعة والنقل والطاقة والبيئة والتربية وسياسات الهجرة.
في نقاش معه حول الصعوبات التي لا تزال تعترض رؤية هذا المصرف للنور، أشار جوييه الى ان الحل الوحيد يكمن في جعله فرعاً من فروع"البنك الاوروبي للاستثمار"، لكي يتمكن من الحصول، في آن معاً، على المال اللازم من الاتحاد الاوروبي، وعلى المساعدات اللوجستية التي يوفرها للمؤسسات المالية المتوسطية المحلية، المختصة برأس المال المُستثمر. وتعمد هذه الاخيرة بدورها الى تقديمها للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في القطاع الخاص. وقد اثبتت المؤسسات المالية هذه على رغم الضعف النسبي للدعم المقدم لها حتى الآن من جانب هيئات الاتحاد الاوروبي، كفايتها وقدرتها على ادارة الاستثمارات التي جمعتها بمبادرات وجهد فردي. وأعطى مثالاً على ذلك، عدداً من المؤسسات الموجودة في كل من تونس والمغرب، التي تتطور بسرعة ملحوظة، مواكبة التحولات الجارية، سواء على مستوى تحرير الاقتصاد أم لناحية التعاملات في البورصة.
في اطار هذا التشخيص، تطرق رئيس"نادي باريس"الى معارضة دول مثل المانيا والبلدان الاسكندنافية وحتى بريطانيا، قيام مثل هذا"المصرف المتوسطي"، في المرحلة الحالية على الأقل. في حين دفعت كل من ايطاليا واسبانيا والبرتغال في هذا الاتجاه، بينما ربطت فرنسا حماستها بشرط وجود"بحبوحة"لدى المصرف الاوروبي للاستثمار كي يتمكن من الاضطلاع بهذه المهمة على اكمل وجه. ويرى جوييه أن خطوة كهذه لا بد من ان تكون رسالة دعم للوسط المالي في دول جنوب المتوسط، لئلا يعتبر باستمرار ان كل دعم اوروبي بات يأخذ في الاعتبار مصالح الدول العشر المنضوية اخيراً تحت لواء الاتحاد. وبالتالي، يعتبر ان هذا الاجراء يتم على حسابه.
ففي حين يؤكد رئيس"نادي باريس"ان نشوء"المصرف المتوسطي"من شأنه تأمين حماية لتمويلات المؤسسات المالية الصغيرة المحلية، مشيراً الى انه"سيناضل"من اجل تحقيق هذه الفكرة، يرى فيليب دوفونتين - فيف، نائب رئيس"البنك الاوروبي للاستثمار"، ان"نادي باريس"ليس مؤهلاً لاعطاء رأي في هذا الموضوع. إذ ان موعد القرار بهذه المسألة سيتحدد بنهاية العام 2006، أي تاريخ عقد اجتماع المجلس الاوروبي، وستكون مناسبة للاحتفال بمرور عشر سنوات على انطلاقة مسار برشلونة تمهيداً لتقديم تصورات تهدف الى انجاز هذه الخطوة.
ويعتبر هذا المسؤول الاوروبي أن فريق عمل ال"فيميب"التسهيلات اليورو - متوسطية للاستثمار والشراكة، هذا الفرع المنبثق عن"البنك الاوروبي للاستثمار"يجب ان يكون الافضل لناحية الاستجابة لمطالب المؤسسات المالية المتوسطية المحلية التي تدعم القطاع الخاص. في هذا السياق، يُقر هذا الاخير بالصعوبات الموجودة لدى الاوروبيين لتفهم هذه الضرورة المتعلقة بانشاء"المصرف المتوسطي"كونهم ينظرون اليها من زاوية الكلفة الاضافية فقط. لذا، يتوجب على دول جنوب المتوسط ان تثبت ان هذه المؤسسة ستلعب دوراً تحديثياً على صعيد تطوير السوق المالية والقطاع الخاص والاندماج، لأن هذا هو الخطاب الذي يمكن ان تفهمه دول شمال اوروبا، واذا عرفت المؤسسات المالية الخاصة لدول جنوب اوروبا التوجه الى الاتحاد عبر منطق كونها ستطور مفهوم مخاطر الاستثمار والاهداف التي تحققها، من خلال وضع آليات جديدة للتمويل، مثل انشاء صناديق الاستثمار، ووكالة لقياس المخاطر المالية والاستثمارية، وايجاد رساميل للتنمية وتقديم القروض الصغيرة الحجم المايكرو-كريديت، فان الاوروبيون سيواكبون هذه الخطوات من دون تردد. والمثال على ذلك هو الموافقة على مشاركة شركات تونسية ومغربية في برنامج البحوث والتنمية الاوروبي الذي يمول من موازنة الاتحاد.
من ناحية اخرى تُبدي الاوساط في اللجان الاوروبية المختصة ببروكسيل اهتماماً بولادة المصرف التونسي الخاص بتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، كما تراقب عن كثب اذا كانت هذه المؤسسة، الاولى من نوعها في دول جنوب المتوسط، ستتبع المقاييس الدولية عموماً والاوروبية خصوصاً لناحية الآليات المعتمدة والشفافية. في هذا الاطار، تظهر هذه الاوساط استعداداً لمواكبة هذا المشروع عبر تقديم قروض تمويلية بفوائد رمزية، لكنها في المقابل، تشترط ان يكون هذا المصرف تابعاً للقطاع الخاص اكثر منه مؤسسة عامة. ولا يرى الخبراء اشكالاً في مساهمة الدولة في البداية بتسديد رأس المال المحرر، على ان تتحول الملكية تدريجياً للقطاع الخاص.
من جهة اخرى، فاذا كانت فكرة اطلاق"المصرف المتوسطي"قد نضجت لدى عدد من دول الاتحاد الاوروبي، إلا ان هذه المؤسسة"التشاركية"لن ترى النور عملياً قبل بدايات العام 2007، أي بعد ازالة الحواجز الجمركية من دول جنوب المتوسط الموقعة على اتفاقات الشراكة اليورو- متوسطية، كما من الممكن ان تكون الصورة اوضح بعد الاجتماعات الخاصة بمرور عشر سنوات على مسار برشلونة التي ستعقد في شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل.
ومن العوامل التي يمكن ان تعوق طرح انشاء"المصرف المتوسطي"فشل التصويت بنعم على الدستور في فرنسا وتداعياته على مواقف بعض الدول الاوروبية التي لا ترى في هذه المؤسسات ضرورة ملحة. ما يفرض بالتالي اولويات اخرى في هذه المرحلة لديها مثل مساندة دول شرق ووسط اوروبا التي انضمت اخيراً الى الاتحاد. ما يعني مراعاتها، الامر الذي لا يمكن الا ان يكون على حساب دول جنوب المتوسط، في طليعتها الدول المغاربية وتركيا. هذا الواقع المستجد بدأ يقلق هذه المجموعة. في هذا السياق، اكد وزير خارجية مغاربي فضّل عدم ذكر اسمه، انه"يتوجب علينا من الآن وصاعداً ألا نأمل من اللجنة الاوروبية تقديم هدايا سياسية لنا، خصوصاً بعد ان رفضت فرنسا المعاهدة الدستورية".
باحث اقتصادي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.