في بلد كلبنان، حيث يصعب على من لا ارث سياسياً أو حزبياً أو عائلياً له اقتحام ميدان السياسة، فإن مجرد تفكير أي شخص عادي في الترشح الى النيابة يعد ضرباً من الجنون، فكيف اذا أقدم شخص على اعتماد السخرية والتهكم حملةً يتوسل أن تصل به الى"جنة البرلمان"، في ظروف توصف بأنها"الأدق التي يمر بها البلد"؟ عندئذ سيكون الأمر هو الجنون بعينه. "مجنون"هو الانطباع الأول والبديهي الذي يتكون لدى كل من يزور شمال لبنان، حالما تقع عيناه على صور المرشح عن المقعد الماروني عن منطقة البترون بيار الحشاش. فالملصق الانتخابي الذي يحمل صورته أشبه ما يكون بملصقات أفلام"جيمس بوند"، الا أن بيار يستبدل مسدس العميل السري الشهير ب"مقدح"يقول انه ل"خرق اللوائح المنافسة". "الوضع في لبنان بات مدعاة للسخرية، لذلك أستخدم التهكم لمحاربة الاقطاع المتجذر". يرفض بيار 33 عاماً الذي يعمل في مجال الاعلانات، الخوض في السياسة"لأن الكيل طفح لدى الناس من التكاذب السائد"، لذلك يفضل عدم الاجابة عن أسئلة من نوع موقفه من العلاقات مع سورية أو القرار 1559 أو اتفاق الطائف الى ما بعد الانتخابات. الا أنه يعطي فكرة عن وعوده الانتخابية استناداً الى شعارات أطلقها في الانتخابات السابقة عام 2000 من نوع"انشاء مركز للتزلج في البترون"الساحلية واقامة مركز للأبحاث الفضائية في المدينة و"جعل الاستشفاء بسعر الفجل"و"توزيع حبوب الفياغرا على المسنين"! ويؤكد بيار انه تعرض لضغوط أمنية عام 2000 لسحب ترشيحه بعدما تأكد المعنيون انه قادر على حصد"20 في المئة من أصوات الناخبين ما كان يعني تأثيراً أكيداً في النتائج". وهو خاض حملته تلك تحت شعار"سأجعل الزفت يصل الى الركاب"غامزاً من قناة النواب الذين يستخدمون مخصصاتهم لفلش الطرق بالاسفلت كلما اقترب موعد الانتخابات، وساخراً من وعودهم التي سرعان ما ينسونها بعد الانتخابات بتعهده"العمل على زيادة نسبة الأمطار في بلدة حامات الشمالية حلاً لمشكلة انقطاع المياه". مع بعض الالحاح يكشف عن جزء من برنامجه الانتخابي، الذي يتضمن العمل على تغيير كتاب التربية الوطنية"لما فيه من كليشيهات كاذبة لا وجود لها في حياتنا"، والغاء تدريس الحروب اللبنانية من كتاب التاريخ"ليصبح لنا لبنان جديد يقطع مع تاريخ الحروب الطائفية". ويؤكد انه مع الزواج المدني"لأنه يحقق اختلاطاً وينشئ جيلاً بعيداً من الطائفية والمذهبية". ويجمل برنامجه الانتخابي تحت معادلة:"سأفعل كل ما لم يفعله النواب، ولن أفعل أي شيء فعلوه". ألا تخشى وصمك بالجنون؟ يجيب بيار:"عام 2000 كنت أمام خيارين: أن أتهم بالجنون أو أقدم شيئاً جديداً، واخذت بالخيار الثاني بغض النظر عن التعليقات". ويشدد على أن ترشيحه ليس مزحة وأنه ماض فيه الى النهاية خصوصاً انه دفع عشرة ملايين ليرة بدل الترشح. ولتأكيد صدقيته طبع رقم الترشيح تحت صورته في ملصقه الانتخابي وهو ما لم يفعله أي مرشح آخر في لبنان. يبدو بيار مرتاحاً لوضعه،"اذ أن تظاهرات سيارة تحمل صوري تخرج في بعض البلدات التي أزورها". ويؤكد انه لن ينسحب لمصلحة أي مرشح ولن يتحالف مع أي منهم، على رغم ان بعضهم عرض عليه ذلك. عن مصادر تمويل حملته وتكاليفها يؤكد انه ونحو 15 شخصاً من أصدقائه وفروا 15 ألف دولار دفعوا منها بدل الترشح وكلفة طبع الملصقات"، مشيراً الى أن ماكينته الانتخابية مؤلفة من نحو 200 شخص جميعهم متطوعون. أما اللقاءات الانتخابية فتتم في المقاهي"ويدفع فيها كل ناخب عن نفسه". ودعماً لحملته طرح بيار أغنية من تأليفه وتلحينه وغنائه تبثها الاذاعات المحلية فيها: والله بيحقلي عيش بهالبلد شي يومين/ بزحلة أو ترشيش وصيدا وصور وكسروان...