فجر الثلثاء استيقظ بعض أحياء بغداد ومدن اخرى في العراق قبيل الفجر لتناول السحور، وكان ذلك ايذاناً بحلول شهر رمضان المبارك، فيما انتظرت أحياء اخرى فجر الاربعاء لإعلان حلول الشهر الكريم، وكان ذلك مظهراً آخر من تفاوت بات تقليدياً بين دول وطوائف في العالم الاسلامي بشأن رؤية الهلال. وبصرف النظر عن تحديد اليوم الاول لشهر رمضان، فإن الشهر المقدس لدى المسلمين يحل هذا العام على العراق في ظل ظروف أمنية واقتصادية صعبة. وعلى رغم إعلان وزير التجارة العراقي عبدالباسط تركي توفير مستلزمات البطاقة التموينية للعائلات العراقية قبيل رمضان، إلا أن العديد منها لم تستلم تلك المواد او استلمتها ناقصة. ويقول محمد منتظر الأوسي، صاحب وكالة لتوزيع مواد البطاقة التموينية، إن الأهالي اعتادوا منذ شهور تأخر وصول حصصهم من المواد الغذائية الرئيسية بسبب تعقيد الاجراءات الحكومية او تأخر وصول الشحنات اللازمة ومعظمها مستورد من دول جنوب شرقي آسيا. ويؤكد الأوسي انه مع حلول اليوم الاول من رمضان لم توزع حصص الأهالي في منطقة الدورة جنوبيبغداد. ومع تصاعد العمليات العسكرية في غرب العراق يبدو انتظار وصول مواد البطاقة التموينية ميؤوساً منه بانتظار انهاء الحصار عن كثير من المدن، كراوة وحديثة وسامراء، حسب أهاليها. لكن هموم توقيتات الحصص التموينية ورداءة نوعياتها والاضطراب الأمني والسياسي الذي يلف مدن العراق، لم تمنع الاهالي من الابتهاج بحلول شهر رمضان والتهيؤ له مسبقاً بشراء ما يحتاجونه من مؤن وأغذية من السوق المحلية. يقول بائع للمواد الغذائية في سوق شورجة وسط بغداد إن الاقبال في شهر رمضان على شراء المواد الاساسية كالرز والسكر والشاي والعدس والبقوليات يرفع من اسعارها إلى النصف، لكن متسوقين عبروا عن استيائهم من استغلال بعض التجار لتأخر مواد البطاقة التموينية وحلول شهر رمضان لرفع الاسعار. وتجازف عائلات بمغادرة منازلها بعد الافطار لتناول المرطبات والحلوى او زيارة الأهالي الاصدقاء لكن الجميع يحرص على العودة قبل حلول موعد حظر التجول المسائي، وليل بغداد كعادته منذ عامين ونصف العام يخلو من المظاهر الاحتفالية بالمناسبات الدينية، لكن بعض المطاعم يفتح ابوابه مساءً لاستقبال عائلات لم يتبق امامها للترويح عن النفس سوى تناول الافطار في مطعم ومغادرته في ساعة مبكرة. وفي النجف امتزجت فرحة النجفيين بقدوم شهر رمضان بالقلق من ارتفاع اسعار المواد الغذائية فضلاً عن تأخر تسلم اكثر مواد الحصة التموينية، خصوصاً ان ما يتطلبه هذا الشهر تفوق تكاليفه ضعفي الدخل الشهري للفرد. وفي جولة ل"الحياة"على بعض الأسواق التجارية، وقالت احدى ربات البيوت ان ارتفاع الاسعار خلال شهر رمضان ينطبق عليه القول"مصائب قوم عند قوم فوائد"، موضحة"ان زيادة الارباح التي يجنيها التجار تنعكس سلباً على المواطن". وأكدت ان شهر رمضان في الاحوال الراهنة للبلد يفاقم الأزمة المادية للعديد من الاسر. وقال احمد المختار صاحب مخزن مواد غذائية ان"الاسعار هذا العام مرتفعة جداً بسبب انقطاع الحصة التموينية لشهور عدة، خصوصاً المواد الغذائية الرئيسية كالسكر والزيت واللحوم". ويصف الباحث الاجتماعي ياسين البكري شهر رمضان في العراق، بالاضافة إلى قدسيته الدينية، بأنه مناسبة للم شمل العائلات التي اضطرتها الظروف الامنية إلى هجر عادة التزاور التي اشتهر بها العراقيون، وهو كذلك مناسبة لاظهار براعة العراقيات في اعداد وجبات يحرص الأهالي رغم ضيق اليد على ان تكون باذخة تضم مختلف انواع الاكلات العراقية المعروفة ك"المسكوف"و"الدولمة"و"القوزي"وسواها. ويضيف البكري ان البعض يتخذ من شهر رمضان مناسبة لتخفيف الوزن او الاقلاع عن التدخين لكن معظم العراقيين تزداد أوزانهم خلال هذا الشهر، خصوصاً ان الدوائر الرسمية والشركات اعلنت تقليل ساعات العمل.