عادت الجمعية الوطنية العراقية البرلمان أمس عن قرارها تغيير شروط الاستفتاء من اجل الحؤول دون رفضه من جانب السنة استجابة للأمم المتحدة، التي أعربت عن قلقها ورغبتها في ان تكون عملية الاستفتاء مطابقة للمعايير الدولية. وعارض بعض النواب الشيعة التعديل الجديد، فيما اعتبره نواب سنّة"تصحيحاً لخطأ وليس تعديلاً"، في الوقت الذي أكد فيه الناطق باسم الحكومة ليث كبة"حرص الحكومة شرعية العملية الدستورية وصدقيتها اكثر من نتائجها"، مشيراً الى ان الحكومة العراقية اتخذت اجراءات امنية مشددة لضمان اوسع مشاركة في الاستفتاء. أقرت الجمعية الوطنية العراقية البرلمان بغالبية 119 نائباً من اصل 147 قراراً اعتبر أن"كلمة ناخب الواردة في الفقرة ج من المادة 61 من قانون ادارة الدولة تعني الناخبين المسجلين والذين ادلوا بأصواتهم في سجل الناخبين". وقال نائب رئيس الجمعية حسين الشهرستاني بعد عملية التصويت التي لاقت اعتراض عدد من النواب الشيعة ان"كلمة الناخب الواردة في الفقرة ج من المادة 61 من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية تعني الناخبين المسجلين في سجل الناخبين والذين أدلوا بأصواتهم فعلاً في الاستفتاء."واضاف:"ان هذا التفسير هو الذي سيعتمد الآن وستبلغ الأممالمتحدة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات بهذا الرأي". وقال الشهرستاني ان البرلمان سعى من تلقاء نفسه للحصول على مشورة الاممالمتحدة في هذه القضية، وانه لا يعرف لماذا لم يطرح مسؤولو الاممالمتحدة الامر قبل التصويت الأول الاحد الماضي. وتابع:"لو طرح الأمر قبلها لكان النواب راعوا مواءمة القيم العامة وراجعوا تعريفهم للأمور". ولكن البرلمان، الذي يهيمن عليه الشيعة والأكراد، وضع ثلاثة شروط اضافية هي ان من حقه قانوناً الطعن في نتيجة التصويت في مناطق معينة اذا شعر بأن الناخبين تعرضوا للترهيب. وقال الشهرستاني انه قلق خصوصاً من التصويت في المناطق المختلطة التي تضم سنة وشيعة مثل المنطقة المحيطة ببعقوبة، الواقعة الى الشمال الشرقي من بغداد، حيث هدد المسلحون السنة بشن عمليات عنف ضد من يدلون بأصواتهم في الاستفتاء. ولفت الى"هناك فئة تريد أن تعطل عملية الاستفتاء". وتابع ان الحكومة وافقت على 3 شروط وضعها البرلمان لضمان ممارسة العراقيين حقهم في الاستفتاء بحرية تامة أولها:"وضع قوات أمن في المناطق الخطرة وأن تبقى هناك بعد التصويت تجنباً لوقوع عمليات انتقامية". والثاني"تبديد القلق لدى المواطنين من سيطرة بعض الأطراف على عملية الاستفتاء، بالتشدد في انتقاء العاملين في مراكز الاقتراع واستبعاد أي شخص قد ينقل معلومات بشأن الناخبين الى المتشددين". أما الشرط الثالث الذي وضعه البرلمان فهو"حقه في الطعن في النتيجة في عملية قضائية تشرف عليها لجنة الانتخابات المستقلة اذا شعر بأن التصويت في المنطقة شابته أعمال عنف أو تهديدات". اعتراضات شيعية وسبق عملية التصويت أمس اعتراضات من جانب عدد من النواب الشيعة في لائحة"الائتلاف العراقي الموحد". وقال النائب سامي العسكري ان"هذا موضوع خطير يجب مناقشته". واضاف"تصويتنا السابق كان صحيحاً والرضوخ لإرادة الاممالمتحدة يعد سابقة خطيرة". وتساءلت النائب من"الائتلاف"مريم الريس:"هل نحن ملزمون بأي اقتراح صادر من الاممالمتحدة". واضافت انه"لا يجوز ان تسحق ارادة الغالبية أمام الاقلية". وطالبت الجمعية الوطنية باتخاذ"قرار شجاع"يرفض تدخل الأممالمتحدة أو أميركا أو أي جهة أجنبية أخرى في عمل الجمعية الوطنية. اما النائب الكردي محمود عثمان فقال انه"كان يجب مشاورة الاممالمتحدة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات قبل ان يتم تبني القرار السابق". واضاف ان"هذا يذكرنا بأيام مجلس الحكم 2003-2004 اذ كنا عندما نتخذ قراراً يأتي الحاكم المدني على العراق بول بريمر ليلغيه". ووصف سعدون الزبيدي، أحد الأعضاء السنّة البارزين في لجنة كتابة الدستور، التعديل الأخير للبرلمان بأنه"حالة طبيعية. ولم يكن تعديلاً بقدر ما كان تصحيحاً لخطأ ارتكب الاحد الماضي". ووصف تصويت الأحد الماضي بأنه"كان حماقة ارتكبت بحق الديموقراطية وكان ينبغي ان تصحح. كان ظلماً كبيراً وقد ازيل". وأبدى الزبيدي أسفاً مما سماه تهميشاً للأعضاء السنّة في لجنة كتابة الدستور في مناقشات الايام الماضية، وقال:"من المؤسف ان لا يتم التصحيح إلا بعد تدخل الاممالمتحدة، ولم يأخذ أحد برأينا". من جانبه، انتقد النائب مشعان الجبوري تغيير شروط التصويت التي تبناها البرلمان قبل ثلاثة ايام. وقال:"اذا استمر الحال على ما هو عليه لن يذهب المغيبون العرب السنّة للتصويت". ودان علاء مكي القيادي في"الحزب الاسلامي"الذي يتزعمه محسن عبدالحميد سني"محاولة التلاعب بالقوانين ما سيجعل العملية السياسية في العراق واهية لا تنال رضا الشعب العراقي". واوضح ان"العراقيين يقولون ان هذا استهزاء بهم ولعب بمصير الأمة ومحاولة لمصادرة آرائهم حتى يمر رأي معين هو المطلوب". وقال صالح المطلك الناطق باسم"مجلس الحوار الوطني"ساخراً ان"الآلية الجديدة التي تبنتها الجمعية الوطنية تظهر نوعية هذه الجمعية والقوانين ومدى احترامها للبشر". واضاف:"انها جمعية تزور القوانين. وهذا ليس غريباً إذ سبق لها ان مررت مسودة الدستور خارج القانون من دون الالتفات لاحد". وتابع:"ان الناس على قناعة بأن هذه الدولة ستمرر الدستور أياً تكن نسبة المشاركة في الاستفتاء. فالحكومة القادرة على تزوير قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية لا يصعب عليها ان تمرر الدستور". كبة: تحديات فئات مارقة لكن ليث كبة، الناطق باسم رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري، أكد"حرص الحكومة على ان تكون هذه العملية الدستورية شرعية ذات صدقية عالية اكثر من نتائجها". وأوضح في مؤتمر صحافي:"المهم ان يقال انها عملية الاستفتاء تمت بشفافية ومعايير واضحة وصريحة بغض النظر عن النتيجة ان كانت سلباً أم ايجاباً". وأضاف ان الحكومة العراقية اتخذت اجراءات أمنية مشددة لضمان أوسع مشاركة في الاستفتاء على الدستور. واعتبر"التحديات التي تواجهنا اقل بكثير من تحديات الانتخابات السابقة لأن الدعوة لمقاطعة الاستفتاء والانتخابات ضعيفة جداً"واستدرك قائلاً:"وعلى رغم ذلك امامنا مخاطر من فئة مارقة جاءت من خارج البلاد لتعيث وتفسد في هذه الارض وهي مصممة على عرقلة مسار العراق". واضاف:"اعلن تنظيم القاعدة في بيان دعوته لمقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها وتوعد بايقاف العملية الانتخابية"وتابع انهم"لا يترددون في استخدام اي وسيلة لنشر الرعب بين المواطنين". واوضح في هذا السياق"لدينا مجموعة من الاجراءات التي تصب في أمن المواطن وأمن العملية الانتخابية فضلاً عن الاجراءات الاخرى التي تسبق عملية الاستفتاء". قلق الأممالمتحدة وتأتي عملية التصويت الجديدة أمس استجابة لإرادة الأممالمتحدة التي انتقدت شروط التصويت في الاستفتاء على الدستور العراقي عبر التعبير عن"قلقها ووجهة نظرها"للحكومة العراقية. كما أعربت الولاياتالمتحدة عن قلقها ورفضها التعديلات التي سبق وادخلت على شروط التصويت مما يجعل من الصعب رفض مشروع الدستور من جانب الناخبين. واعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان البرلمان العراقي"فسر القانون"وشدد على ضرورة"احترام قانون ادارة الدولة نصاً وروحاً". وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان باريس"تشارك"الاممالمتحدة"ملاحظاتها". وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي ان"فرنسا أخذت علماً بهذه التفسيرات لشروط التصويت التي ظهرت قبل اسبوعين من العملية، وهي تشارك الامين العام للامم المتحدة الملاحظات التي أبداها الثلثاء هذا الصدد". وشدد على ان"الاستفتاء على الدستور في ينبغي ان يتيح لكل العراقيين التعبير عن رأيهم في ظروف من الشفافية والمساواة". وقال ان"فرنسا تشدد مجدداً على اهمية اشراك كل مكونات المجتمع العراقي في العملية السياسية". وكانت الجمعية الوطنية العراقية شددت قبل ثلاثة ايام من شروط رفض مسودة الدستور في الاستفتاء المزمع في 15 الشهر الجاري، على أساس انه لا يمكن رفضه إلا في حال صوت ضده"ثلثا الناخبين المسجلين"في ثلاث محافظات. وتحدد المادة 61 من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية الذي وضعه مجلس الحكم 2003-2004، قواعد التصويت في الاستفتاء باستخدام تعبير"الناخب"غير الواضح، من دون ان تحدد ما اذا كان الأمر يتعلق بالمسجلين او الذين يدلون بأصواتهم. الى ذلك، أعلن ديندار زيباري، ممثل حكومة اقليم كردستان لدى الاممالمتحدة ان المنظمة الدولية طبعت مليون نسخة من مسودة الدستور العراقي باللغة الكردية تمهيداً لتوزيعها على المواطنين في اقليم كردستان.