أحداث التاريخ تتكرر وتعيد نفسها فما أشبه اليوم بالماضي القريب. إن ما حدث في ايران بالأمس قد تكرر فعلاً اليوم في لبنان، فأوجه الشبه كثيرة ما بين شخصية الإمام الخميني الراحل وشخصية العماد ميشال عون وما بين ثورة الخميني وثورة العماد عون، فكلاهما أبعد الى خارج الوطن وكلاهما ثار ضد الفساد والظلم والطغيان وكلاهما بذكاء وحنكة قاد الثورة من خارج الوطن واستطاع في آخر المطاف ونهايته تحقيق النصر والفتح المبين على الطاغوت الظالم الفاسد المستبد وسحقه. وكما تمتع الإمام الخميني بشخصية قوية وإرادة صلبة لا تلين هكذا ايضاً هو العماد عون العسكري المنضبط الحازم الذي لا يفرط قيد أنملة بحقوق الوطن والمواطن. وكما استمد الخميني قوته وعظمته من تعاطف ودعم وتأييد الاكثرية الساحقة للشعب الايراني هناك التفاف وتأييد شعبي كبير من مختلف فئات الشعب اللبناني للجنرال عون وذلك للخلاص من النظام المذهبي الطائفي المقيت، نظام المحاصصة والفساد والإقطاع المناطقي الذي تقاسمه عنوة أمراء الحرب الاهلية. وكلاهما، أي الخميني وعون، لم يساوما ايضاً على حق العودة الى ارض الوطن من دون قيد او شرط. الخميني عاد الى ايران وأقام الجمهورية الاسلامية وتطلع الى تصدير ثورته الاسلامية الى سائر دول الجوار فتسبب ذلك بالكثير من الويلات والحروب المدمرة والكوارث لايران ودول الجوار ولشعوب المنطقة كافة، فهل يتطلع الجنرال عون العائد الى لبنان منتصراً مظفراً ليقيم الجمهورية اللبنانية الفاضلة جمهورية العدل والمساواة والعلمانية الديموقراطية الخالية من الفساد والمحاصصة، فيطمح كما طمح الخميني الى تصدير ثورته وتجربته وأفكاره التحريرية الديموقراطية العلمانية الفاضلة الى دول الجوار والمحيط العربي ذات الانظمة الشمولية المحتكرة للسلطة، فيكون ذلك سبباً للتآمر الاقليمي على وحدة وسيادة وحرية واستقلال لبنان. التجربة الثورية الايرانية الخمينية والتجربة الثورية اللبنانية العونية جديرتان بالاحترام والتقدير، ولا بد من التوقف عندهما ملياً لاستخلاص العبر. فمتى توافرت القيادة الحازمة الرشيدة ذات الارادة الصلبة التي لا تلين ولا تستكين للظلم والقهر ولا تساوم على مصالح وحقوق الشعب، لا بد لها من ان تحقق النصر والظفر والفلاح للشعب والأمة، وهذا فعلاً ما استطاع تحقيقه الإمام الراحل الخميني في آخر القرن الماضي والجنرال عون في بداية قرننا الحالي، فدخلا التاريخ من اوسع ابوابه... د. قاسم اسطنبولي - صور لبنان