يقول بعض اركان المعارضة انه لم يكن يتوقع انفراط التحالف الانتخابي في دائرة عاليه - بعبدا المتن الجنوبي بين اللقاء النيابي الديموقراطي وتيار المستقبل من جهة والتيار الوطني الحر من جهة ثانية، مؤكداً ان اهدار فرصة امكان التعاون شكّل صدمة لمعظم القوى المعارضة التي باتت مضطرة الى التكيف مع واقع انتخابي جديد يمكن ان يسلك طريقه الى مناطق اخرى وتحديداً الشمال والبقاعين الأوسط زحلة والغربي. ويؤكد هذا البعض ان اللقاء الديموقراطي وتيار المستقبل وضعا التيار الوطني الحر امام خيارين لا ثالث لهما، اما التحالف في المناطق او خوض المعركة على لوائح متنافسة، مشيراً الى ان العماد ميشال عون كان يراهن على امكان انقاذ الائتلاف في مناطق اخرى على رغم انهياره في بعبدا - عاليه. ويضيف ان عون سيضطر للجوء الى البدائل بحثاً عن حلفاء جدد وخصوصاً في بعبدا - عاليه والدائرتين الانتخابيتين في الشمال، لافتاً إلى ان"الجنرال"سيخوض معركة اختبار للقوة في بعض المناطق لتأكيد زعامته في الشارع المسيحي كواحد من ابرز قادته. ويؤكد ان لا مشكلة امام عون في التحالف مع النائب طلال ارسلان في بعبدا - عاليه وأن رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون يضغط باتجاه تركيب لائحة ائتلافية في هذه الدائرة متمنياً ان يتمدد التعاون الى دائرة الشوف ولو من باب الإعداد لخوض معركة إثبات وجود ضد رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط. ويضيف ان لا مشكلة امام قيام تحالف بين عون وأرسلان في بعبدا - عاليه، وأن التيار الوطني قادر على تسويقه بين محازبيه وقاعدته الانتخابية من زاوية انه لا يجوز شطب البيت الأرسلاني من الحياة السياسية، وأن الأمير طلال لا يشكل تحدياً للمسيحيين على رغم ما لديه من مواقف متناغمة مع سورية بخلاف جنبلاط الذي ينظر إليه الشارع المسيحي على انه متقلب وأنه يريد تهميش قياداته. وفي هذا السياق يعتبر مصدر في التيار الوطني ان تحالف عون وأرسلان طبيعي ولا يشكل احراجاً للقاعدة العونية من زاوية ان الأخير حليف لسورية وأحد ابرز رموزها في الحقبة السياسية الماضية. ويؤكد ان"الجنرال"قادر على اقناع قاعدته ليس بالتصويت له فحسب وإنما بالتحالف معه، وأن علاقة ارسلان بسورية لن تشكل عقدة له، تحت عنوان ان جنبلاط وآخرين كانوا لفترة زمنية مضت وقبل التمديد للرئيس اميل لحود من ابرز الرموز السورية في البلد. لكنه يلفت الى وجود صعوبة امام التيار الوطني في تسويق تحالفه في بعبدا - عاليه مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، إلا ان المشكلة على هذا الصعيد لن تكون مستحيلة وبالتالي يمكن للواقعية ان تلعب دوراً في تمرير مثل هذا التحالف بأقل الأضرار الانتخابية. وبالنسبة الى ما تردد حول احتمال تعثر الائتلاف الانتخابي بين التيار الوطني والرئيس امين الجميل، اكد المصدر ان هناك مشكلة قائمة على هذا الصعيد في المتن الشمالي. ورأى المصدر ذاته ان التيار الوطني قد يجد صعوبة في اقناع محازبيه بضرورة التحالف مع الجميل في المتن الشمالي فيما الأخير باق على تحالفه مع جنبلاط وتيار المستقبل في دائرة بعبدا - عاليه. وتابع:"اننا سنواجه امراً غير طبيعي في جبل لبنان، من خلال دخولنا في مواجهة مع الجميل في بعبدا - عاليه، من ناحية وفي تحالف معه في المتن الشمالي". ولم يستبعد امكان حصول تبدلات في المواقف الانتخابية مشيراً الى ان التيار الوطني يدرس فكرة الطلب من الجميل اعادة النظر في خياراته"فإما ان يتحالف معنا او ان يذهب كلياً مع جنبلاط وهذا ما يفرز انقلاباً في خريطة التحالفات السياسية الانتخابية". اما على صعيد الشمال، فأكد المصدر تكثيف الاتصالات بين ممثلين عن التيار الوطني وآخرين عن الرئيس عمر كرامي على رغم قرار الأخير بعدم خوض المعركة اضافة الى النائب سليمان فرنجية. وراهن المصدر على الدور الضاغط للماكينة الانتخابية للرئيس كرامي في احتمال دفعه الى اعادة النظر في قراره بعدم الترشح للانتخابات في الشمال ومقاطعتها، وعزا السبب الى ان لا مشكلة امام التيار في التعاون مع منافسي تحالف نايلة معوض وتيار المستقبل والقوات اللبنانية والحركة الإصلاحية الكتائبية والتكتل النيابي الطرابلسي محمد الصفدي، محمد كبارة، موريس فاضل، لكنه رأى ان تبدل موقف رئيس الحكومة السابق يمكن ان يشكل رافعة طرابلسية في وجه قوى المعارضة. ورداً على سؤال اوضح المصدر ان لا مشكلة امام التحالف مع فرنجية على رغم ما للأخير من مواقف اكثر تصلباً الى جانب دمشق من مواقف ارسلان الذي يبدو مقبولاً في الشارع المسيحي. وأكد ان لدى الشارع المسيحي قبولاً ازاء التحالف مع فرنجية الذي يعتبر الأقوى في قضاء زغرتا، مشيراً الى ان هذا الشارع سيظهر حداً اقصى من التعاطف معه، انطلاقاً من احساسه بأن هناك من يخطط لإقفال هذا البيت العريق في السياسة اللبنانية بغض النظر عن الاختلاف في وجهات النظر بينه وبين التيار الوطني الحر. وأشار المصدر ايضاً الى ان التحالفات الانتخابية تبقى محكومة باعتبارات محلية لا يجوز اغفالها او القفز فوقها"خصوصاً اذا اخذنا في الاعتبار ان القوى الأخرى في المعارضة لا تستهدف فرنجية وكرامي فحسب وإنما تخطط لاستبعادنا من الشمال". مؤكداً ان الفارق بين سليمان فرنجية وقريبه سمير يعود في الدرجة الأولى الى"اننا ننظر الى الأول على انه الأصيل في الحياة السياسية ويتمتع بنفوذ في الشمال لا يجوز الاستخفاف فيه". ويواصل التيار الوطني الحر التشاور مع فرنجية من خلال العقيد المتقاعد فايز كرم الذي يتحرك ورفاقه على طول الساحة الشمالية بغية توفير الشروط لقيام ائتلاف انتخابي يشمل الدائرة الأولى عكار، بشري، الضنية ويغطي بكثافة الدائرة الثانية زغرتا، طرابلس، المنية، الكورة، البترون. واعترف المصدر بوجود اتصالات مع شخصيات طرابلسية، لكنه اكد في المقابل انه يعلق اهمية على الدور الذي يلعبه سليمان فرنجية باتجاه طرابلس. وفي هذا الصدد علمت"الحياة"ان فرنجية قطع شوطاً في إقناع الحزب القومي بضرورة عودة النائب سليم سعادة الموجود حالياً في لندن الى بيروت ليكون احد ابرز المرشحين عن الكورة اضافة الى النائب فايز غصن على ان يترك المقعد الثالث فيها للمرشح الذي يختاره التيار الوطني الحر، في حال انتهت الاتصالات الى التوافق على قيام حلف انتخابي في الشمال. كما ان فرنجية الذي لا ينظر إليه عون بحذر خلافاً لنظرته الى القيادات المارونية الأخرى، لا يزال ينشط طرابلسياً لإقناع النائب السابق عبدالمجيد الرافعي قيادي في حزب البعث المنحل في العراق بتشكيل لائحة بالتعاون مع النائب السابق احمد كرامي ونقيب المحامين السابق في الشمال رشيد درباس ومحمد نديم الجسر وصفوح يكن والأخير يعتبر من الوجوه المستقلة في التيارات الإسلامية، اضافة الى النائب العلوي احمد حبوس ونقيب المهندسين السابق في الشمال عطا جبور ممثلاً عن الحزب الشيوعي اللبناني، على ان يترك المقعد الماروني لمرشح التيار الوطني جبران باسيل. اما في دائرة عكار، بشري، الضنية، فإن الصورة النهائية للتحالفات ستتبلور في اليومين المقبلين، على ضوء مصير الاتصالات الجارية بين النواب مخايل الضاهر ووجيه البعريني ومحمد يحيى وممثلين عن التيار الوطني والحزب الشيوعي اللبناني من خلال الدكتور غسان الأشقر. ويأتي تحرك الضاهر بعد انفراط تحالفه مع تيار المستقبل في عكار الذي قرر التريث في التعاون مع النائب يحيى. وفي معلومات"الحياة"ان الضاهر كان توصل مع سعد رفيق الحريري والنائب احمد فتفت تيار المستقبل الى اتفاق مبدئي بأن يكون الدكتور قاسم عبدالعزيز الى جانب فتفت مرشحين عن الضنية. وبحسب المعلومات، فقد وافق الحريري على اقتراح الضاهر المدعوم من نائب طرابلس محمد الصفدي، لكنه عاد وطلب الموافقة بأن يكون رياض رحال واحداً من المرشحين عن المقعدين الأرثوذكسيين في عكار. ولم يلق طلب الضاهر أي اعتراض، لكن الاتصالات تأزمت بسبب اصرار الأول على التحالف مع النائب يحيى الذي كان التقاه الحريري وطلب منه امهاله لبعض الوقت ليدرس الأمر. لكن تيار المستقبل بحسب اوساطه فوجئ بمبادرة الضاهر الى الدعوة لاجتماع انتخابي عقد في مكتبه في بيروت وحضره عدد من المرشحين بينهم رحال ويحيى... واعتبر ان تحركه هذا يهدف الى الضغط للموافقة على يحيى كمرشح امر واقع وهذا ما رفضه التيار وبدأ يعد العدة لخوض المعركة انطلاقاً من تأليف لائحة متكاملة في عكار تتعاون انتخابياً مع فتفت وعبدالعزيز في الضنية وستريدا سمير جعجع وإيلي كيروز في بشري. لذلك فإن الضاهر والمتحالفين معه يميلون الى الائتلاف مع التيار الوطني باعتبار ان لعون تأثيراً في عكار من خلال العسكريين المتقاعدين في منطقة تعتبر الأولى في ضخ المجندين والضباط الى المؤسسة العسكرية.