يدخل برنامج"نلتقي مع بروين حبيب"عامه الثاني خلال أيام، ومعه تكون الشاعرة والإعلامية البحرينية حققت خطوة مهمة ليس فقط في تلفزيون"دبي"وإنما في مسيرتها الإعلامية الرصينة والفريدة. وقد يسأل سائل: كيف تمكّنت بروين حبيب ان تتخلى عن خلفيتها الأكاديمية، كونها تحمل شهادة الدكتوراه في الأدب العربي، لتطل اطلالة تلفزيونية، فيها من العمق والثقافة ما فيها من اللطافة والأنس؟ لم تكن بروين في أي اطلالة لها متغطرسة او مدعية بل كانت دوماً على مقدار كبير من التواضع والألفة اللذين يخفيان الكثير من الوعي والمعرفة. تخلت بروين عن لقب"الدكتورة"وعن صفتها كناقدة اكاديمية وأبرزت وجهها الإعلامي المناضح بالثقافة والعلم. ونجحت حتماً في توظيف خبرتها الأكاديمية في عملها الإعلامي، من خلال الأسئلة التي تواجه بها ضيوفها، من ادباء وفنانين وإعلاميين، وعبر الحوار الذي تدخل فيه معهم، متطرقة الى قضايا عدة، بسيطة ومعقّدة، وشائكة في احيان. ولا غرابة ان تبدو بروين حبيب في بعض الأحيان اشد إلماماً بالشؤون المطروحة من بعض الضيوف. وهذا الكلام لا مجاملة فيه، فهذه الإعلامية الآتية من الاختصاص الأكاديمي ليست مجرد مقدمة برنامج او معدة له، بل هي صاحبة رؤية وموقف، تنطلق منهما لتحاور وتناقش فاتحة امام الضيف باب الحرية في التعبير والرد والمساجلة. نادراً ما يلتقي في شخصية الإعلامي او الإعلامية ما التقى في شخصية بروين حبيب: المعرفة والحذاقة والبداهة والتواضع والقدرة على الإصغاء الى الآخر، عطفاً على الحضور اللطيف والإطلالة الجميلة وغير المصطنعة. وكم تذكر بروين ببعض الإعلاميات العالميات اللواتي يعتبرن ان الإطلالة التلفزيونية هي اولاً وأخيراً إطلالة ثقافية، لا علاقة لها بالجمال الخارجي او الاستعراض او الشكلانية. هكذا تطل بروين اطلالة خاصة جداً لا تشبه إلا نفسها، دامجة بين الإحساس المرهف والذكاء والعفوية والبداهة البارقة. فهذه الإعلامية هي شاعرة قبل أي صفة اخرى، وهي ايضاً ناقدة اكاديمية اصدرت دراسة مهمة عنوانها"تقنيات التعبير في شعر نزار قباني"1999، المؤسسة العربية، عمان -بيروت، وكاتبة صحافية صاحبة زوايا عدة في مجلات خليجية، ولديها خبرة طويلة في حقل الإعلام الإذاعي والدراما الإذاعية والتمثيل المسرحي. وكانت قدّمت الكثير من البرامج في قناة البحرين الفضائية وإذاعة البحرين وتلفزيون دبي وإذاعة دبي. وشاركت في الكثير من المؤتمرات الأدبية والإعلامية ويصدر لها قريباً ديوان شعري جديد بعد ديوانها"رجولتك الخائفة طفولتي الورقية"وكتاب في عنوان"دانتيلا"وآخر عنوانه"قصيدة المرأة في الخليج 1975 - 2001". ومن تابع برنامج"نلتقي..."لاحظ من دون شك، صفة التنوع التي تسمه، فهي شاءت هذا البرنامج ثقافياً في ما تعني الثقافة من تعدد واختلاف وتنوع: من الرواية الى الشعر فإلى النقد والسينما والتلفزيون والمسرح، من التمثيل الى الإخراج، من الموسيقى الى الرسم، من الإعلام الى النشر، من قضية المرأة الى قضايا المجتمع... وهكذا استقبلت الكثير من الأسماء اللامعة عربياً: عبدالله الغذامي، واسيني الأعرج، هيثم حقي، نضال الأشقر، عادل امام، علوية صبح، رفيق علي احمد، سميحة ايوب، جمال الغيطاني، نوال السعداوي، امل عرفة، تركي الحمد وسواهم وسواهم... واللافت ان بروين حبيب تسعى الى التوفيق بين الذائقة العامة او الشعبية في معنى ما، والذائقة النخبوية او الثقافية، وكأنها تتوجه الى الجمهور العريض، فتجذبه، اياً كانت مشاربه وهمومه. وعبر هذه الطريقة استطاعت بروين ان تصالح الجمهور العادي مع الثقافة، معتمدة اسلوباً ذكياً، بعيداً من الادعاء المعرفي والمجانية. وهي غالباً ما ترفق لقاءاتها بأفلام وثائقية قصيرة او تحقيقات تتناول الوجه الآخر من الضيف الذي تحاوره. قد لا تحتاج بروين حبيب الى أي مديح، ما دامت فعلاً في طليعة الإعلاميين العرب، لما تتمتع به من علم ومعرفة ولطافة وتواضع، وما دام برنامجها في تلفزيون"دبي"من ابرز البرامج العربية نظراً الى فرادته وعمقه وانفتاحه عل كل القضايا، الثقافية والفنية والإعلامية والاجتماعية. إنه من البرامج النادرة التي يمكن القول عنها انها نجحت في مخاطبة الجمهور وفي النزول اليه للارتقاء به.