يتخلى غالبية الأكراد العراقيين عن اللغة العربية لمصلحة الانكليزية، واصبح معظم الشبان اليوم عاجزين عن التحدث بالعربية وفهمها، ما سيؤدي عاجلاً الى خلق مشاكل جدية، تتعلق بالتعايش مع باقي العراقيين. مدير اكبر ثانوية في مدينة اربيل شمال العراق، هيني قادر خضر 42 سنة قال لوكالة"فرانس برس":"الفرح يغمر طلابنا ال1442 لتمكنهم من تحصيل العلم بلغتهم، ولم يعودوا يعرفون العربية". حدثت القطيعة عام 1991، بعدما حصل الاكراد على الحكم الذاتي، في أعقاب انتفاضتهم نهاية حرب الخليج. ولم يعد تدريس كل المواد باللغة العربية الزامياً، كما كان يفرضه الرئيس السابق صدام حسين. وأصبحت المواد تدرس باللغة الكردية، وتحولت العربية الى لغة ثانوية تدرس أربع أو خمس ساعات في الاسبوع، اي أقل بساعة من الساعات المخصصة لتدريس الانكليزية. وتابع خضر:"العربية اصبحت عندنا اللغة الثالثة، فالتلاميذ يفضلون الانكليزية لاعتبارهم ان العربية لغة الحكم القمعي... ورمز الفظائع التي ارتكبها النظام السابق". وأدى ذلك الى تعقيد الوضع في كردستان العراق، حيث يتكلم الناس لغتين اخريين، السورانية والكرمنجية، ولا تزال العربية لغة التواصل بين كبار السن في كل المناطق. عبدالله ياسين 35 سنة الذي يدرّس اللغة العربية منذ 11 سنة، شدد على ان"المستوى متدن جداً ولا يمكن أياً من التلاميذ أن يدعي القدرة على التعبير في شكل جيد في صفوف الباكالوريا". واعترف بأن ليست لديه حجج لاقناع الشبان بتعلم العربية، وزاد:"في كل صف 73 تلميذاً والكتب المدرسية مثيرة لنفورهم، لأنها تركز على القواعد على حساب التعبير والمحادثة". ورافق التعليم بالكردية تغيير جذري في كتب التاريخ والجغرافيا التي كانت معتمدة في عهد صدام. وقال صباح عرم 55 سنة وهو خبير يشارك في اعادة النظر في الكتب المدرسية، بطلب من وزارة التربية في حكومة منطقة الحكم الذاتي:"لم تأت هذه الكتب في السابق على ذكر كردستان، فكان التلاميذ يعرفون تاريخ كل البلدان العربية وجغرافيتها ولا يعرفون منطقتهم، اما اليوم، فالتلاميذ يدرسون ويتعرفون اولا الى منطقتهم ثم العراق، واخيراً بقية بلدان العالم". والحكومة العراقية تعترف بشهادة البكالوريا التي تمنح في كردستان. في جامعة صلاح الدين في اربيل، لا يعير الطلاب اهتماماً واسعاً بالعربية. وبرر ذلك عميد كلية اللغات علي محمود جوكل بقوله:"كنا على خلاف مع العرب على مدى 1400 سنة. لغتهم لغة الجلادين، اما الانكليزية فهي لغة الحداثة والعولمة". والأرقام تتحدث: هناك 999 طالباً يتعلمون الانكليزية و555 الكردية و359 اللغة العربية. ولفت الاستاذ المساعد في الكلية طاهر مصطفى 42 سنة الى ان الذين يدرسون العربية"مرغمون لأنهم لم يحصلوا على علامات كافية ليتمكنوا من اختيار اللغة الانكليزية، او لاسباب دينية لأنهم يريدون فهم القرآن الكريم، او لأنهم يريدون العمل كوسطاء بين المنطقة الكردية وباقي المناطق العراقية". سلام خوشناو، عميد كلية العلوم الانسانية في جامعة صلاح الدين يحمل شهادة دكتوراه في التاريخ الاسلامي، وهو الوحيد الذي تحدث الى"فرانس برس"بلغة عربية ممتازة. قال:"من المقلق ان نسمع انه يجب التوقف عن تعلم العربية، وثمة متطرفون يطالبون حتى بأداء الصلوات بالكردية، وهناك من هم اكثر تطرفا، يتجاسرون على القول ان العرب بعثوا الينا بلغتهم على ظهر الجمال، ويجب ان نعيدها اليهم في سيارات مرسيدس". واستدرك:"عانينا في عهد صدام، ولكن نحن مجموعة من المثقفين نحارب هذه العقلية ونعتبر ان لا بد من التعايش مع المحيط. ومحيطنا عربي، لذلك لا بد من الاعتراف بهذه اللغة".