أصبح حديث كلّ الصحف ووسائل الإعلام في شمال أوروبا اختيار أميرة النروج ميرتا لويس الانتقال إلى شاليه العائلة في شمال البلاد، قبل أسابيع من وضع مولودها، لتلد هناك. فهي فضّلت مثل كثيرات من النساء في اسكندنافيا، الولادة المنزلية على أن تضع مولودها في المستشفى. وهذا الحدث ليس مصادفة بل يدخل ضمن موضة العودة إلى الماضي في أسلوب الولادة واختيار المنزل والعائلة والمقربين بدلاً من المستشفى وفي حضور الأطباء ومعاونين غرباء. الباحثة السويدية هلينا ليندغرين من المشجعات على الولادة المنزلية، هي أيضا اختارت أن تلد في المنزل ثلاث مرات. وفي كل مرة يقوم زوجها بوضع الشمع حول المغطس المملوء بالمياه الدافئة ويقف مع قابلتين قانونيتين بالقرب منها لتضع مولودها في منزلهما في العاصمة استوكهولم. بعد ساعات طويلة من الصبر والجهد والدعم المعنوي من المحيطين بها، أنجبت بطريقة طبيعية ومن دون أي مخاطر تذكر. قبل شهرين، انجبت هلينا ولدها الرابع وهي الآن في حال جيدة كما أنّ مولودها ينمو بشكل طبيعي. لا ينفك عدد النساء اللواتي يخترن الإنجاب في المنزل في السويد ودول الجوار في شمال أوروبا في الارتفاع. وتقول هلينا الباحثة في قضايا النساء:"في السنوات الأخيرة، لمست أن الكثير من النساء يرغبن في الولادة المنزلية لا سيما أنّ هناك وعياً كبيراً حول هذه القضية عندهن. كما أنّ المرأة الحبلى تريد ان تكون محاطة بأشخاص تثق بهم وتشعر بأنهم من أهل بيتها عندما تلد ولا ترغب في الولادة في المستشفى على يد طبيب قد تشعر انه غريب عنها، إضافة إلى الممرضات اللواتي يعملن هناك ولا تراهن المرأة سوى ليلة الولادة". وتشرح هلينا أنّ أحد أهم الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ هذه الخطوة التي لا تحبذها وزارة الصحة السويدية، الشعور بالأمان في منزلها كما"انني اعرف بأنّ المغطس الذي أتمدد فيه لم يستخدمه أحد غريب قبلي، إضافة إلى الشراشف والمناشف وكل الأدوات الأخرى التي تستخدم اثناء الولادة هي خاصة بي ولم تستخدم من قبل". وتشير هلينا الى ان كثيرات يشعرن بالحرج من الولادة على ايدي اشخاص لا يقابلنهن سوى ليلة الولادة. فهنا في السويد تلد المرأة في قسم الطوارئ ولا تعرف من هو الطبيب او من هن الممرضات اللواتي يعملن ليلة الولادة. لذا، اللواتي يخترن الولادة المنزلية يتفقن مع ممرضة او اثنتين منذ بداية الحمل ويتعرفن اليها عن قرب طيلة فترة الحمل ما ينمي الثقة والصداقة بينهما. يختلف اسلوب العناية السويدية بالحبلى عن الدول العربية اذ لا يتابع الطبيب، المرأة الحبلى نهائياً بل تقوم بهذا الدور ممرضة متخصصة في شؤون الحبل. ولا يأتي دور الطبيب الا في حال استدعى الامر ذلك أثناء الولادة. ويقول المدير في الهيئة الاجتماعية المنبثقة من الوزارة، البروفسور بو ليندهولم:"الإنجاب المنزلي ليس ممنوعاً في السويد. لكن لا نرغب في أن يصبح ظاهرة تجذب الكثير من النسوة. إذ تتوافر في السويد أهم مستشفيات مجهزة بكل الاجهزة الطبية الحديثة. لو اردنا ان نشجع الولادة المنزلية لما صرفنا كل هذه الأموال لبناء مستشفياتنا وبقينا على الأسلوب القديم في الولادة". لكن النساء اللواتي يشجعن الولادة المنزلية تكتلن واسسن جمعية"الولادة المنزلية"التي تشكل تكتلاً اجتماعياً يضغط على القوى السياسية في السويد من اجل تنفيذ مطالبهن. واهم المطالب التي وافقت عليها الدولة تخصيص مبلغ 15000 كورون سويدي ما يقارب 2100 دولار لكل امرأة تختار الولادة المنزلية اضافة الى ضمان تأمين ممرضتين تتابعين حبلها حتى الولادة. وتشرح هلينا:"من ايجابيات الولادة المنزلية انك تعرف من هن الممرضات اللواتي يقفن إلى جانبك كما انك تعرف قدرتهن". لا توجد احصاءات رسمية حول حالات ولادة منزلية تعرضت خلالها الام او المولود للخطر. لكن هلينا تشير الى ان المرأة التي تختار ان تلد في المنزل يجب ان تكون"في صحة جيدة وتخضع لفحوصات طبية للتأكد من قدرتها على الانجاب الطبيعي في المنزل. والمرأة التي تلد في البيت من المفضل ان يقع منزلها بالقرب من المستشفى لان في حال حصل اي طارئ اثناء الولادة يمكن نقلها الى المستشفى بسرعة". تشير هلينا الى ان ظاهرة الولادة المنزلية دخلت الآن في مرحلة الموضة، اذ ان هناك نساء شهيرات في شمال اوروبا يخترن الولادة المنزلية. وبسبب ازدياد عدد النساء اللواتي يتجهن الى الولادة المنزلية، قامت جمعية"الانجاب المنزلي"بنشر نصائح على صفحتها على الإنترنت إلى اللواتي يرغبن بالانجاب في المنزل، منها الاتصال بممرضة او اثنتين في وقت باكر من الحبل والاطلاع على كيفية الولادة المنزلية لتتحضر نفسياً لذلك.