صفق محمود درويش طويلاً للفنان المسرحي مكرم خوري وزملائه، فور الانتهاء من عرض مسرحية"الجدارية"التي قدمت على المسرح الوطني الفلسطيني الحكواتي. وحوّل فريق العمل النص الشعري"المذهل"للشاعر الفلسطيني، ويتحدث عن تجربته مع الموت، إلى عمل مسرحي، لم يخرج حوار الشخصيات فيه عن أشعار درويش. والمسرحية التي أعدها خليفة ناطور، وأخرجها أمير نزار زعبي، كانت مجرد حلم داعب مخيلة خوري، فور قراءته"الجدارية". ويقول خوري الذي قدم شخصية درويش على فراش المرض:"منذ أن قرأت"الجدارية"، قبل قرابة الثلاث سنوات بدأت القصيدة تلاعب مخيلتي، ففكرت بضرورة العمل"، مؤكداً أن"الفكرة وحدها لم تكن عامل نجاح العمل بل إن عوامل كثيرة أسهمت في تنفيذ الفكرة في الشكل الذي شاهدتموه". ويضيف:"لم نجد أي معارضة من درويش، عند عرض الفكرة عليه قبل ثلاث سنوات. اشترط حينها عدم زيادة أي كلمة من خارج الجدارية. على رغم أنه سمح لنا بإمكانية الاختصار، وهذا ما التزمنا به. كان على اطلاع مستمر بما نقوم به، وكان يعمل على رقابة اللغة والموازين التي اشترط عدم العبث بها.. حاولنا ألا نمس"محمود والجدارية ولو بشعرة"، ونتمنى أن يكون لاقى إعجابه وإعجاب الجمهور". ويؤكد خوري أن"التجريب في مثل هكذا نص لم يكن بالأمر السهل، خصوصاً أن العمل اتكأ على مسرحة قصيدة طويلة مفعمة بكل شيء .. كل ما قمنا به هو أننا ترجمنا"الجدارية"في لغة مسرحية". بحر هائج أما الممثل خليفة ناطور، فيرى في إعداد نص مسرحي عن"الجدارية"، كمن"يركب بحراً تقفز جميع أسماكه إلى الأعلى". ويضيف:"كان لا بد من أن تحفظ وتعيش النص، لتبدأ في الإعداد، وهذا ما حصل ... ساعدني المخرج كثيراً، خصوصاً أننا بدأنا نبحر بأمان، إن جاز لي التعبير، بعد الولوج أكثر في النص". وعن خصوصية المسرحية، يقول ناطور:"كان الأمر صعباً للغاية، فنحن لا نقرأ شعراً فحسب، كما لم يكن بالإمكان الهبوط موسيقياً، أو أن تهيم في الكلمات وتنسى خشبة المسرح... نعمل على"الجدارية"منذ عام. وأعتقد أنها من أهم الأعمال المسرحية التي قدمتها". وأكد ناطور أن حضور درويش للعرض الأول زاد من حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم:" في البداية أصابني حضوره بالخوف. كاتب النص موجود بين الحضور، وبالتالي لن يكون الخطأ مغفوراً، لكن سرعان ما تبدلت الأمور، إذ بدأت أشعر بأن وجود درويش يمنحني القوة والدعم". من جهتها، تؤكد الفنانة ربا بلال التي جسدت دور الحبيبة:"حاولت قدر الإمكان أن أجد نقاط الالتقاء بين شخصيتي وبين الشخصية التي جسدتها... أتمنى أن أكون وفقت في تقديم ما كان يحب أن يراه درويش على المسرح". أما المطربة ريم تلحمي التي تخوض أولى تجاربها المسرحية بدور"الممرضة"، فتؤكد أن"العربية الفصحى، وشعر درويش الذي يغوص فينا حتى أعماق الروح"، كانا وراء مشاركتها في هذا العمل. وحول الأغنيات التي قدمتها في المسرحية، من أشعار درويش في"الجدارية"، تقول تلحمي:"أنا سعيدة بهذه التجربة .. هناك فكرة لإصدار موسيقى وأغنيات المسرحية عنات، والنشيد الملحمي، وخضراء أرض قصيدتي في اسطوانة خاصة". والمسرحية من تمثيل مكرم خوري، خليفة ناطور، ريم تلحمي، ربا بلال، جميل خوري، ريمون حداد، رمزي مقدسي، وتمام قانمبو. الإعداد كان لحبيب شحادة، والإضاءة لفيليب اندرو، وتصميم الملابس لحمادة عطالله، والأقنعة لعبد السلام عبدو. وتولت ثريا طه مهمة المساعدة في الإخراج، وكان عماد سمارة مديراً للإنتاج، ورمزي الشيخ قاسم مديراً تقنياً للعمل.