المؤتمر الصحفي الحكومي ال 30 يستعرض المستجدات الوطنية وتطورات «القدية»    لؤلؤة الشرقية    تجاويف العُلا الصخرية.. خزانات طبيعية    الملحق العسكري في سفارة مصر بالمملكة يزور التحالف الإسلامي    المملكة محور التضامن الإنساني عالميًا    غارات على رفح وخان يونس وتجدد نسف المنازل في غزة    برشلونة يبتعد عن الريال    صلاح يقود مصر لتعديل تأخرها إلى انتصار 2-1 على زيمبابوي    مدير الأمن العام ونائب الأمين العام لشؤون الأمن الماليزي يعقدان اجتماع لجنة التعاون الأمني بين المملكة وماليزيا    سعود بن نهار يطلق "شتاؤهم عون ودفء"    الشورى يطالب جامعة الملك خالد بتطوير الأداء وتحقيق الأهداف    تعليق الدراسة.. حل أم مشكلة؟    دراسة أثرية تكشف فجوة تاريخية منسية في وادي القرى    ترجمةُ اللغةِ العربية بينَ السهولةِ والامتناع    مجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يجري عملية استبدال للركبة باستخدام مفصل مطبوع بالتقنية ثلاثية الأبعاد    «التخصصي» يحقق جائزة «أبكس» للتميّز    القادسية بطلاً للمملكة للسباحة ب 36 ميدالية    الزعيم صدارة بلا خسارة    ترشيح الحكم الدولي د. محمد الحسين لبرنامج التعليم التحكيمي الآسيوي 2025 في سيئول    لجنة التحكيم بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل تعلن الفائز الأول في شوط سيف الملك "شقح"    اتفاق النخبة يواصل صدارته قبل التوقف    1% التغيير السنوي في تكاليف البناء    طائرات مسيرة واغتيالات نوعية تحولات في أدوات صراع موسكو وكييف    مناورات صاروخية إيرانية    الارتباك المكاني عند الاستيقاظ صباحا    السكري وتأثيره الخفي على البصر    خطر الدراما وأثرها في خراب البيوت    لماذا تخاف وقد اختارك الله من بين الملايين    أمين نجران يتفقد المشروعات البلدية بشرورة والوديعة    علي زكري إلى رحمة الله    ورشة عمل تناقش الاستفادة من الدعم الحكومي لرأس المال البشري في قطاع الإعلام    وزير الإعلام: تنفيذ المرحلة السابعة من قطار الرياض العام المقبل    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تطلق مهرجان القراءة ال 25    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان الدكتور محمد بن حسن أبو راسين    بدء الاستعدادات لتنظيم النسخة الثانية من المؤتمر الدولي للعواصف الغبارية والرملية نهاية 2026م    جناح إمارة مكة المكرمة يقدم عرضًا تعريفيًا عن محافظات المنطقة ضمن مهرجان الإبل    الإدارة العامة للاتصالات والأنظمة الأمنية تدعم الجاهزية التشغيلية في معرض «واحة الأمن»    بين الملاحظة و«لفت النظر».. لماذا ترتاح المرأة للاهتمام الذي لا يُطلب !!    زراعة النخاع العظمي الذاتية تسجل نجاحها الثالث    تنوع بيولوجي في محمية الملك سلمان    «الشؤون الإسلامية» في عسير تنفذ 30 ألف جولة رقابية    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن في جازان    خطط «الصحة» على طاولة أمير القصيم    معرض جدة للكتاب 2025 يختتم فعالياته    القراءة.. الصديق الذي لا يخذل    من هن النسويات؟    في ظل دعم ولي العهد المتواصل ل«سدايا».. السعودية الأولى إقليمياً بمؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي    بناء القدرات وتبني الابتكار وتعزيز الشفافية.. السعودية تتقدم في مؤشر أداء الأجهزة الإحصائية    تصريحات متطرفة بشأن لبنان.. توغل إسرائيلي جديد في الجنوب السوري    جهود أمين جدة وسرعة الإنجاز لشبكة تصريف الأمطار    أين يبدأ التنمر الوظيفي وأين ينتهي؟    روسيا تشكك في جدوى المبادرات.. زيلينسكي يرفض التنازل عن الأراضي    مركز الملك سلمان يعالج فلسطينية مصابة بسرطان الدم    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. سمو وزير الدفاع يُقلِّد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    أمير نجران يستعرض فرص الاستثمار    في كل شاب سعودي شيء من محمد بن سلمان    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا حل بالحركة الشعبية التي نشطت في السبعينات ؟. حماية البيئة لم تعد هماً ألمانياً في زمن العولمة الاقتصادية
نشر في الحياة يوم 09 - 04 - 2005

اذا كان الالمان يعرفون بالجدية في العمل واحترام المواعيد، فإنهم يُعتبرون أيضاً الشعب الرائد في المحافظة على البيئة، ما يجعل البعض يصف بلدهم بالنموذجي في مراعاة المحيط البيئي. فوعي الالمان بالمحافظة على بيئتهم لا يأتي من عدم بل مرده أسباب حقيقية. فإذا كان الفضل يرجع لهم في تحقيق سلسلة من الابتكارات العلمية التي أسهمت في التقدم الصناعي والتكنولوجي عالمياً، فإنهم نجحوا أيضاً في تعبئة الرأي العام الداخلي حتى على مستوى العالم وتوعيته حول أهمية المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية التي هي أساس حياة البشر.
ضد الطاقة النووية
التقدم العلمي والصناعي المبكر في المانيا - أول اقتصاد في أوروبا - أفرز حركة شعبية واسعة النطاق منذ السبعينات حملت مشعل انقاذ البيئة ادراكاً منها للمخاطر المرافقة للتطور الصناعي بوتيرة سريعة. وكانت هذه التعبئة الشعبية موجهة اساساً ضد الطاقة النووية في البلاد، وساعدت في نشأة حزب الخضر الذي أتاحت له تلك الظروف امكان توظيف مخاوف الناس من أن الرأسمالية المتنافسة لتحقيق طاقة انتاج أكبر هي المسؤولة عن استنزاف الطبيعة وتدهور التنوع البيولوجي. وبدأ منذ ذلك الوقت يطرح حلولاً"لصيانة الوطن"بل كان بعض الخضر من أقصى اليسار يجرؤ على المطالبة ببدائل لنظام الحياة السائد. واعتماداً على الوعي الشعبي حول حجم مخاطر التقدم التكنولوجي والصناعي على الطبيعة، تمكن حزب الخضر من ولوج برلمانات عدد من الولايات الالمانية وتحقيق انتصارات بفرض قوانين صارمة تعطي الاولوية للمحافظة على البيئة، ما جعل بعض أرباب العمل يسأم من النفوذ المتنامي للخضر بدعوى أن قوانين المحافظة على البيئة تقوض الاستثمارات وتعرقل حركة النمو في البلاد. وشكّل وعي الالمان المبكر حول ضرورة المحافظة على مجال بيئي سليم ترثه الاجيال المقبلة، اللبنة المحورية ليعلن زعيم حزب الخضر السياسي المحنك يوشكا فيشر"وزير الخارجية الحالي"بملئ فمه أمام الرأي العام أن حزبه لم يعد يكتفي بالدفاع عن الحيتان الكبيرة في أعالي البحار وعن المجال الحيوي للسلاحف، بل هو يتطلع الى ممارسة سلطة الحكم والمشاركة في تحديد مسار البلاد.
وهذا ما تحقق عام 1998، عندما دخل حزب الخضر في ائتلاف حكومي مع الاشتراكيين الديمقراطيين بزعامة المستشار غرهارد شرودر. ويرجع الفضل كذلك الى حزب الخضر الالماني في الترويج لضرورة استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتصبح المانيا اليوم الدولة الرائدة في تقنيات الطاقة المتجددة وتعمل على تصديرها الى الخارج.
تجدر الاشارة الى أن نحو 70 في المئة من مساحة المانيا تغطيها غابات كما أن أنهارها تمتاز بجودة عالية، اضافة الى أن نظام فرز النفايات وإعادة تصنيعها محكم الى درجة أنه أصبح قطاعاً قائماً بذاته يحقق أرباحاً بملايين اليورو في السنة الواحدة وطبّقته دول أوروبية أخرى نقلاً عن الجارة المانيا.
كما أن المدن الالمانية كانت السباقة على الاقل على المستوى الاوروبي في ظهور محلات بيع المواد الغذائية العضوية أي التي أنتجت بعيداً من استعمال الاسمدة أو المواد الكيمياوية الاخرى. وكان زبائنها يتباهون أمام الآخرين في ترددهم على تلك المحلات. فغالباً ما كان المرء يصادف مواطنين ألماناً من الطبقة الميسورة وهم يتمايلون في مشيتهم أثناء شراء حاجياتهم داخل تلك المتاجر في تعبير عن حرصهم على دعم هذا القطاع البيولوجي الخالي من الكيماويات والمحافظة على أجسام سليمة لا تعاني من السمنة، غير مبالين بأسعارها المرتفعة.
وعلى رغم هذه الانجازات من أجل المحافظة على البيئة كأساس لضمان جودة عالية في الحياة، فان غالبية الالمان لا تزال تعتبر أن ارتفاع حرارة الارض وتلوث البيئة مشاكل قائمة لا تلقى عناية كافية من المسؤولين السياسيين ولا تشغل حيزاً كافياً في التغطية اليومية لوسائل الاعلام. ويعتبر السواد الاعظم من الالمان أن انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون التي تسببها السيارات وكثافة حركة المرور عامل رئيسي وراء تلوث الجو. لكن استطلاعاً للرأي العام أظهر أخيراً أن نسبة عالية من الالمان ترفض تقنيناً للسرعة المسموح بها على الطرقات السريعة لأنهم يريدون الوصول بسرعة الى المكان المقصود. ولا عجب في هذا الموقف لأنه كيف يعقل تحديد سرعة السيارات في بلد ينتج أرفع انواعها وأسرعها مثل بورش، مرسيدس، بي ام دابليو؟
لكن يبدو أن موضوع المحافظة على البيئة لم يعد يشغل مكانة الصدارة بين الاشكاليات التي يواجهها حالياً المجتمع الالماني. اذ أن استطلاعاً للرأي أجراه أخيراً معهد"ايمنيد"بتكليف من وزارة شؤون البيئة الالمانية، أظهر أن حماية البيئة جاءت في المرتبة السادسة بعد البطالة ومعاشات التقاعد والتأمين الصحي والتكوين ومحاربة الفقر. ولم يعد ينتاب الألمان الهلع من فناء الطبيعة كما كانت عليه الحال في السبعينات فترة جني ثمار المعجزة الاقتصادية الالمانية، لأن غالبيتهم تخشى اليوم فقدان المانيا قوتها التنافسية في عالم خاضع لاملاءات العولمة الاقتصادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.