رافضاً الإفصاح عن معلومات.. هوكشتاين: نمشي خطوة خطوة    ماذا سيواجه أطفال 2050؟    «السعودية للكهرباء» شريك استراتيجي في النسخة الثانية من منتدى المحتوى المحلي    وزراء داخلية الخليج يعززون التعاون الأمني المشترك في اجتماعهم ال41 بالدوحة    العيسى يستقبل باحثين ومُتخصصِّين بالشؤون السياسية والعلاقات الدولية بمجلس العلاقات الأمريكية الخارجية    24,487 طفلاً وطفلة بتعليم جازان يحتفون باليوم العالمي للطفل 2024م    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    هتان السيف: جاهزة لمواجهة الجزائرية ليليا عثماني.. والجمهور سبب قوتي    دراسة تقول إن كرة القدم الاحترافية لا تشهد تطبيق معايير السلامة المطلوبة    أمير الرياض يرأس الاجتماع السنوي الثاني للمحافظين ومسؤولي إمارة المنطقة    أمير تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وزير العدل يبحث مع رئيس مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص سبل تعزيز التعاون    بعد صواريخ «أتاكمز».. أمريكا تدعم أوكرانيا بألغام مضادة للأفراد    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل نائب وزير خارجية جمهورية طاجيكستان    المرأة السعودية أثبتت كفاءتها في سوق العمل وارتفعت نسبة تقلدها للمناصب القيادية    NHC تطلق مشروعًا تعليميًا في وجهة خزام بمعايير عالمية بالشراكة مع مجموعة مدارس الرياض    حرس الحدود يحبط محاولات تهريب 939 كيلوجرامًا من الحشيش المخدر و82,409 أقراص من مادة الإمفيتامين    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام التعليم    استخدام «الجوال» أثناء قيادة المركبة يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في منطقة المدينة المنورة    المملكة ترسّخ ريادتها "الإنسانية" باستضافة مؤتمر "التوائم الملتصقة"    "السعودية للكهرباء" و"كاوست" تطلقان أول مشروع بحثي من نوعه على مستوى العالم لاحتجاز الكربون في محطة توليد رابغ    ارتفاع أسعار الذهب    استشهاد وفقد 20 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على منزل بمخيم جباليا    دراسة التوجهات الدولية في العلوم والرياضيات والمعروف ب TIMSS    «الوظائف التعليمية»: استمرار صرف مكافآت مديري المدارس والوكلاء والمشرفين    السواحة: ولي العهد صنع أعظم قصة نجاح في القرن ال21    «الموانئ» للشركات المتعاقدة: التزموا ببطاقات تشغيل الشاحنات    نائب أمير جازان يطلع على جهود تعليم جازان مع انطلاقة الفصل الدراسي الثاني    تحالف ثلاثي جامعي يطلق ملتقى خريجي روسيا وآسيا الوسطى    مصير «الأخضر» تحدده 4 مباريات    ياسمين عبدالعزيز تثير الجدل بعد وصف «الندالة» !    22 ألف مستفيد من حملة تطعيم الإنفلونزا بمستشفى الفيصل    الرومانسية الجديدة    واعيباه...!!    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم عدد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية وتفتح فرصاً تطوعية    فرص تطوعية لتنظيف المساجد والجوامع أطلقتها الشؤون الإسلامية في جازان    رهانات زيارة ماكرون للمملكة العربية السعودية    خبر انطلاق منتدى مكة لريادة الأعمال وحفل التدشين    كلب ينقذ سائحاً من الموت    إدارة الخليج.. إنجازات تتحقق    المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل    القراءة واتباع الأحسن    جمع الطوابع    في مؤجلات الجولة الثامنة بدوري يلو.. النجمة في ضيافة العدالة.. والبكيرية يلتقي الجندل    تعزيز البنية التحتية الحضرية بأحدث التقنيات.. نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية    صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين.. استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    نجوم العالم يشاركون في بطولة السعودية الدولية للجولف بالرياض    25% من حوادث الأمن السيبراني لسرقة البيانات    مراحل الحزن السبع وتأثيرتها 1-2    الاستخدام المدروس لوسائل التواصل يعزز الصحة العقلية    تقنية تكشف أورام المخ في 10 ثوانٍ    نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي    محافظ الطائف يستقبل الرئيس التنفيذي ل "الحياة الفطرية"    مجمع الملك فهد يطلق «خط الجليل» للمصاحف    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    سلطنة عمان.. 54 عاماً في عز وأمان.. ونهضة شامخة بقيادة السلطان    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    لبنان نحو السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مهرجان الهيكل" ومخططات الجماعات المتطرفة لتهديم الأقصى
نشر في الحياة يوم 03 - 04 - 2005

من النشاطات التي تميزت بها الأشهر الماضية في اسرائيل هي تلك التي قامت بها الجماعات اليهودية المتطرفة حول بناء ما يسمى بالهيكل اليهودي الثالث مكان المسجد الأقصى. وكان أكبر هذه النشاطات وأكثرها تجمعاً وأهمية هو المهرجان الذي عقد في القدس في شهر كانون الثاني يناير من هذه السنة والذي يسمى"مهرجان الهيكل". وهو مهرجان تقيمه جماعات يهودية ومسيحية سنوياً، فهذه هي السنة الحادية عشرة لاقامته. وقد حضر المهرجان حوالي ألف شخص من داخل اسرائيل وخارجها. ولم يقتصر الحضور على اليهود بل كان من الحضور عدد كبير من المسيحيين الصهيونيين، الذين هم من دعاة بناء الهيكل.
وكان من الذين حضروا المهرجان رئيس"معهد بحوث الهيكل"يسرائيل ارئيل الذي قال في كلمته انه"لا يمكن لاسرائيل أن تكون دولة ذات سيادة كاملة الا اذا كان الهيكل في وسطها وان كل المشاكل التي تحدث الآن انما سببها عدم وجود الهيكل وانه هو الحل لكل مشاكلنا".
ويسرائيل ارئيل هو واحد من المجموعة التي حاولت في الثمانينات تدمير الأقصى، ولكن المحاولة اكتشفت وافشلت. والمعهد الذي يرأسه كان قد انشئ في الثمانينات بمساعدة جمعيات يهودية ومسيحية وهو يتلقى مساعدة من الدولة كذلك. فهو يقوم بعمل الأشياء التي تستعمل في الهيكل مثل المنوراه الشمعدان وتابوت التوراة الذي يعتقد اليهود بأنه موجود في مكان سري تحت مسجد قبه الصخرة ويقوم المعهد بعمل أدوات التنظيف التي تستعمل في المذبح وغيره من أقسام الهيكل، وكذلك يقوم بصنع الآلات الموسيقية التي يعزف بها المنشدون والمغنون ويقوم ايضاً بصناعة ملابس الكهنة ورئيسهم. وهو قد قطع شوطاً كبيراً في ذلك. وقد عرض مسؤولو المعهد نماذج مصغرة لهذه في المهرجان المذكور وأقبل المشاركون على شرائها. ويزور هذا المعهد اليوم آلاف الزوار من اليهود والمسيحيين الذين يدفعون أجوراً لدخولهم اليه.
وكان من الحاضرين والمتكلمين يهودا عصيون وهو كان على رأس المجموعة التي حاولت تهديم الأقصى التي ذكرتها. وقد أسس في الثمانينات من القرن الماضي منظمة باسم"حي وقيام". وهو يعتبر وجود الأقصى كارثة لليهود وقوة للمسلمين ولذلك يحاول تهديمه. وقد قال في المهرجان انه"يجب علينا أن لا ننتظر عمل الرب بل لا بد لنا أن نستعجله ويجب أن نأخذ المسؤولية على عاتقنا ثم هو بعد ذلك لا بد ان يوافق على ما نقوم به". وهذا الكلام يقصد به الاسراع بعملية التهديم. وهو يعتقد كغيره من هؤلاء بأن الرب سيبارك ما يقوم به. وتقوم منظمة"حي وقيام"بجمع الأموال لبناء الهيكل، وقد انشأت صندوقاً قبل بضع سنوات باسم"بيت مال الهيكل". كما حضر ممثلون عن"حركة مؤمني الهيكل وأرض اسرائيل". وهذه منظمة كبيرة ونشيطة جداً ولها موقع كبير على الانترنت يتوسطه نموذج للهيكل. وقد انشأ هذه المنظمة قبل ما يقرب من ثلاثة عقود شخص اسمه غرشون شولم، وهدفها الرئيس هو العمل على تهديم الأقصى وبناء الهيكل اليهودي. ويقوم مسؤولو هذه الحركة بالتظاهر عند مسجد قبة الصخرة مع عدد كبير من اليهود والمسيحيين في كل مناسبة دينية وهم يحملون الاعلام ذات اللون الابيض والازرق والتي تتوسطها خريطة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات باللون الاصفر. وشارك ممثلون ايضا عن"حركة بناء الهيكل"التي يرأسها يوسف البويم وهذه ايضا حركة نشطة، وهي تصدر منذ سنين مجلة باسم"الهيكل سيبنى". ورئيسها هذا يأخذ مجموعات الى المسجد الاقصى بانتظام ويقومون بالصلاة عنده. وقد ألف عدداً من الكتيبات تتعلق بطقوس الهيكل وخدمته. وشارك كذلك اعضاء من"حزب كاخ"وهو حزب معروف بتطرفه الشديد، وكان هذا الحزب انشأه الحاخام كهانا ومنعت نشاطه اسرائيل، كما حضر المهرجان ايضاً اعضاء من احزاب متطرفة اخرى ومنظمات، مثل"غوش أمونيم"التي يضع الكثير من اعضائها صورة الهيكل في بيوتهم وهو في موقع مسجد قبة الصخرة، وهؤلاء اليوم يقودون رفض عملية الانسحاب من غزة ومحاولة منعها.
كما حضر ممثلون عن جمعيات مسيحية، كما ذكرت، منها اتحاد المسيحيين من أجل اسرائيل وأصدقاء اسرائيل المسيحيين، والمسيحيون المهتمون بإسرائيل ومركز المسيحيين الصهيونيين ومؤتمر الزعامة المسيحية الوطنية من أجل إسرائيل، وكذلك منظمة السفارة المسيحية العالمية، وهي من أكثر المنظمات المسيحية الصهيونية نشاطاً ودعاية وانتشاراً ودعماً لإسرائيل. وهي لها فروع كثيرة في انحاء العالم عدا عن مقرها الرئيسي في القدس.
وهي تقوم بالدعم المادي والمعنوي لإسرائيل، خصوصاً للمستوطنات. وهي إضافة الى ذلك، تعقد مؤتمراً سنوياً حاشداً يحضره الآلاف من اليهود والمسيحيين من أجل دعم اسرائيل. وكانت هذه المنظمة قد عقدت مؤتمراً في ثمانينات القرن الماضي في سويسرا في المكان نفسه الذي عقد فيه ثيودور هرتزل مؤتمره الصهيوني الأول. وتصدر هذه المنظمة أدبيات تشيد باسرائيل وتؤيد سياستها نحو الفلسطينيين الذين تصفهم بالإرهابيين"الذين يجب القضاء عليهم". وهي تتجاوز نقد الفلسطينيين الى نقد العرب والمسلمين عامة وتحرض عليهم. ومن يريد الاطلاع على ايديولوجيتها وافكارها ونشاطاتها فما عليه إلا أن يتصفح موقعها على الانترنت International Christian Embassy.
وترى هذه المنظمات المسيحية أن تدمير الأقصى وبناء الهيكل اليهودي مكانه هما علامة على قرب ظهور عيسى المسيح مرة أخرى. وفي رأي أعضاء هذه المنظمات أن حدوث ذلك شيء مؤكد وهو سيحدث في المستقبل القريب. وهال لندسي يؤكد على ذلك في كتابه The Great Planet Earth الذي يعتبر من أهم الكتب لدى المسيحيين الصهيونيين. ومعروف عن هؤلاء انهم يرفضون أي انسحاب من الأراضي المحتلة. وهم اليوم يقومون بحملة واسعة ضد الانسحاب من غزة ويخططون لجلب الآلاف من الولايات المتحدة وغيرها اليها للاعتصام فيها لمحاولة منع الانسحاب منها.
والتخطيط لتدمير الأقصى ليس جديداً، بل كان هناك حديث عن ذلك بين بعض يهود فلسطين قبل انشاء الدولة بعقود ولكن الحديث أخذ يكثر ويشيع منذ حرب عام 1967، بل لقد دار نقاش حوله ولما تضع الحرب أوزارها على ما يذكره الجنرال عوزي نرجس الذي كان أول جنرال من الجيش الاسرائيلي يصل الى الحرم القدسي بعد احتلال القدس كاملة.
فهو يقول كنت واقفاً عند المسجد والجنود يتطلعون حولهم كأنهم في حلم، وإذا برئيس حاخامي الجيش الياهو غورن يتقدم نحوي مسرعاً حاملاً الشوفار البوق بيده وكان قد انتهى من النفخ فيه لتوّه فقال لي: عوزي ان هذا هو الوقت المناسب الذي يجب أن نضع فيه مئة كيلوغرام من المتفجرات تحت مسجد قبة الصخرة وتفجره حتى نقضي عليه نهائياً والى الأبد. فرددت عليه أن يتوقف عن هذا الحديث، ولكن الحاخام استمر وقال لي"ستدخل التاريخ من أجل ذلك"فأجبته بأني قد دخلت التاريخ بدخولي أورشليم فقال لي"انك لا تستوعب الاهمية العظيمة لاستغلال هذه اللحظة، انها فرصة يجب اغتنامها الآن وفي هذه الساعة وأنها ستضيع غداً"وعندها طلبت منه أن يتوقف وهددته بالسجن ان لم يفعل كان هذا الحديث نشر بعد وفاة الجنرال بناء على طلبه.
وهذا الحاخام الذي أصبح فيما بعد رئيس حاخامي اسرائيل استمر بالدعوة الى تهديم الأقصى وكان يقدم طلباً الى المحكمة العليا بين وقت وآخر لبناء كنيس عند مسجد قبة الصخرة. وكان يقول إنه يريد أن يرى الهيكل مبنياً قبل وفاته.
وهذه الجماعات المتطرفة مصممة على إقامة الهيكل مكان الأقصى مع ان الآثاريين الاسرائيليين انفسهم غير متأكدين من مكانه اذ بين الحين والآخر يخرج علينا آثاري اسرائيلي برأي جديد او نفي رأي قديم وما زال الجدل محتدماً الى هذا اليوم.
كما ان مؤسسة الآثار الاسرائيلية معروفة باختراق مزوري الآثار لها وهو ما يشكون منه المختصون، وبعض القطع المزورة لا تظهر حقيقتها الا بعد فترة طويلة وبعد ان تكون قد ثبتت في اذهان الناس على انها حقيقة كالقطعة الاثرية"رأس عصا"التي اقتناها متحف اسرائيل قبل عشرين سنة والتي اعتقد بأنها تعود الى الهيكل الثاني القرن السادس قبل الميلاد وتبين الآن ان الكتابة عليها التي جاء فيها "الهيكل الرب وقدوس للكهنة"هي كتابة مزورة باتقان كما اعلن المتحف ذلك في كانون الاول ديسمبر الماضي. كانت هذه القطعة هي الوحيدة التي افترض انها دليل على وجود الهيكل الثاني.
واليوم يقيم متحف اسرائيل الدعوى ضد تاجر الآثار الاسرائيلي الذي باع تلك القطعة له والذي يملك ثلاثة آلاف قطعة أثرية اخرى.
ويدور الحديث اليوم بين هذه الجماعات عن كيفية تدمير الاقصى فبعضهم يقول بالقيام بعملية جوية انتحارية بينما يقول آخرون باستعمال طائرة من دون طيار محملة بمتفجرات واسقاطها عليه وآخرون يقولون باستعمال هجوم صاروخي وربما كانت لدى هؤلاء خطط اخرى لم يعلنوا عنها.
وتحذر مجلة"جيروزاليم ريبورت"من الجمعيات اليهودية السرية التي يصعب على جهاز الامن الاسرائيلي اختراقها، والتي تضم بين اعضائها مختصون بالمتفجرات وبالعمليات العسكرية. واعضاء هذه الجمعيات السرية كما تذكر المجلة كانوا يقومون بقتل الفلسطينيين غيلة اثناء سنوات الانتفاضة ولم يقبض على احد منهم الى اليوم.
وبين فترة واخرى يصرح بعض المتطرفين عن احتمال تدمير الاقصى. وأكد المتطرف ناعوم فيدرمان في آخر شهر شباط فبراير بأن هناك رغبة متزايدة لدى بعض اليهود لتنفيذ هجوم على الاقصى.
ويربط البعض بين الهجوم على الاقصى والانسحاب من غزة من أجل ايقافه، وكان رئيس جهاز الشرطة قد طلب زيادة اعضاء هذا الجهاز لحماية الأقصى مع ان الحكومة تغض الطرف عما يبيته هؤلاء للأقصى.
وهذا الخطر المحدق اليوم بالمسجد الاقصى يحتم انشاء هيئة دولية قد يطلق عليها"هيئة حماية الاقصى"تتضافر فيها جهود الدول العربية والاسلامية من اجل درء هذا الخطر وصده عنه.
* اكاديمي عراقي لندن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.