بعد مرور اعوام قليلة على تخبط الاتحاد الايطالي في حجم فساد اللعبة بين انديته، ومحاولات الاتحاد الانكليزي احتواء دور سماسرة اللعبة الهدام في انديته، فإن الدور حان على الكرة الفرنسية التي تواجه سلسلة من التحقيقات القضائية على أعلى مستوى عن دور السماسرة ووكلاء اللاعبين وعقود انتقالات اللاعبين وعقود حقوق النقل التلفزيوني بين الاندية خلال السنوات العشر الاخيرة. وهذه التحقيقات التي بدأت منذ شهور، وطالت العشرات من السياسيين الفرنسيين ورجال الاعمال الاثرياء بتهمة الفساد ودورهم المريب في اللعبة، كشفت عن عشرات الصفقات غير القانونية في الكرة الفرنسية. ومن بين التهم الموجهة الى اكبر الاندية الفرنسية ومسؤولين في الاتحاد، حالات نصب كثيرة واهمال لقوانين اتحاد اللعبة المحلي وتعمد التلاعب عليها في كثير من الاحيان، ويبرز في وسط هذه الاتهامات دور سماسرة اللاعبين في كل الصفقات. ووصفت احدى المحاكم الفرنسية حال الفساد في البلاد، بأن الكرة الفرنسية تدار من زمرة ضيقة وعلى اعلى المستويات من السرية، تسمح بتنقل عشرات الملايين من اليورو بين مجموعة صغيرة من الافراد. وتركز التحقيقات على"قيمة العمولة"التي تنتج من كل صفقة من الصفقات التي تدار من هذه الزمرة. ويقول العضو في البرلمان الفرنسي ايف كولين، الذي قدم تقريراً الى البرلمان عن الفساد في الكرة الفرنسية:"حال كرة القدم الآن تذكرني بحال السياسة قبل عشرين عاماً، فالنشاطات غير القانونية اصبحت امراً عادياً، وكثير من صفقات انتقال اللاعبين تبدو مريبة ومثيرة للشك". وتجرى الآن خمسة تحقيقات مستقلة عن صفقات انتقال اللاعبين ودور سماسرة ووكلاء فيها، في كل من باريس ومرسيليا وتولوز وكان وغراس، واكثرها أهمية هي التي يقودها القاضي رينو فان ريمبيك، الذي له سمعة كبيرة في مجال تعقب خيوط الفساد والمفسدين. وهو ايضاً كان كشف عن مدى تفشي الفساد في"الحزب الاجتماعي"الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، خلال مطلع التسعينات. ويقوم فان ريمبيك حالياً بدرس ملفات 30 صفقة انتقال عقدها نادي باريس سان جيرمان ما بين 1998 و2003، وقام بالتحقيق مع رئيس النادي السابق وصاحب حصة الغالبية فيه بيير ليسكيور، اضافة الى مسؤولي القناة التلفزيونية الخاصة"كانال بلوس"، وأيضاً مع الرئيسين السابقين للنادي لوران بيبير وشارل بييتري، في شأن صفقات انتقال لاعبين مثل نيكولاس انيلكا وجاي جاي اوكوتشا وماركو سيموني ولوران روبير. ويسعى القاضي الى معرفة قيمة العمولات التي جناها وكلاء اللاعبين والسماسرة من هذه الصفقات، التي من المفترض ان تكون بين 7 و10 في المئة من قيمة الصفقة. ويعتقد فان ريمبيك ان بعض هذه المبالغ استخدمت في دفع مكافآت خالية من الضريبة الى اطراف ثالثة. وفي حال أخرى، من المتوقع ان يمثل اربعة وكلاء لاعبين على المحاكمة خلال العام الحالي، بتهم النصب والاحتيال والفساد في 14 صفقة انتقال عقدها نادي مرسيليا. ويجرى التحقيق حالياً مع السمسارين ألان موريل وفرانك بلحسن بتهمة عدم حيازتهما رخصة عمل من الاتحاد الفرنسي لممارسة مهنتهما. ورداً على الاتهام قال موريل ان"الاتحاد الفرنسي للعبة يعلم بعدم قانونية الكثير من ممارسات ونشاطات السماسرة لكنه يغض النظر متعمداً لأنه يعلم انه بهذه الطريقة فإن نشاطات السماسرة ستدر أموالاً كثيرة لأنها لن تخضع للضريبة". وقبل اكثر من شهر شن خمسون محققاً من وزارة المال الفرنسية عمليات دهم على خمسة اندية وعلى"جمعية الاندية المحترفة"وعلى"الاتحاد الفرنسي لكرة القدم"وعلى"جمعية اللاعبين المحترفين"، لايجاد دلائل تؤكد الشكوك بمخالفة الاندية لقوانين المسابقة عندما وقعوا عقداً مع شركة"كانال بلوس"بقيمة 250 مليون يورو في العام 1999. وتحقق وزارة المال ايضاً في عقود مشبوهة بين المنتخب الفرنسي الاول وعدد من الوسائل الاعلامية والتلفزيونية والشركات التجارية، في حين كشف"مكتب الحسابات العامة"الحكومي عن"تلاعبات كبيرة ونشاطات غير قانونية"في كشوفات الحسابات السنوية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم.