صراخ ونقاش طويل، بين أم وابنتها، في شأن أن تسهر الفتاة لساعة أخرى، كي تعرف"ستار أكاديمي 2"، هشام أمْ أماني؟ هذا المشهد كان يتكرر في السعودية كل حفلة"برايم"يكون فيها هشام مرشحاًً للخروج. طبعاً في منازل"ربما كانت قليلة أو كثيرة"، لأن كلمة كثيرة وحدها ستزعج سعوديين كثراً. رجل أربعيني رفض ذكر اسمه، اتصل ب"الحياة"متحدثاً بحسب قوله نيابة عن آخرين منزعجين مما كتبت الصحف المحلية في شأن هشام وبرنامج"ستار أكاديمي". يقول:"إن الكلام عن شبان ومهووسين بالبرنامج في السعودية، بمثابة كشف للجروح"! الأربعيني كان في حاجة إلى من يمتص غضبه، ويخفف من انفعاله، كي تُفهم وجهة نظره. الرجل يرفض أن تكتب الصحافة عن هشام أو البرنامج، ويعد ذلك إبرازاً ومساعدة في انحلال المجتمع. هو لم يسمع ولا يعرف شاباً أو فتاة من أقاربه أو من جيرانه... يشاهد البرنامج. لم يصادف شباناً يحملون أعلاماً يوم"الانتصار"، ولا آخرين علقوا لوحات أرقام التصويت التي يمكن للسعوديين من خلالها دعم هشام. هو لم يسمع أيضاً عن حملات الشبان في شوارع بعض المدن السعودية. على أي حال، يرى الأربعيني المنزعج أن كل هؤلاء لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين. حتى الذين استقبلوا هشام في مطار الملك عبدالعزيز في جدة:"نسبتهم ضئيلة جداً في مجتمعنا. وإذا أردتم الكتابة عنهم، فاكتبوا عن الفئة المعارضة أيضاً". طبعاً، هو لم يشاهد صورهم ولا يعرف عددهم"المقدر بالآلاف"، يقول:"أنا أترفع عن كل هذا". الرجل لا يقتنع حينما تقول له إنّ مئات المتصلين يومياً بمقرات الصحف في السعودية، يطلبون صفحات عن هشام والبرنامج. لا يقتنع ولا يصدق أيضاً أن منهم كباراً في السن ومعلمات ومعلمين ودكاترة في الجامعات - نساء تحديداً. ينبهر عندما تقول له عن أناس دفعوا ألوف الريالات من أجل أن يفوز هشام. لكنه يقول أخيراً:"هؤلاء لا يمثلون المجتمع السعودي"! هو يدفع إلى أسئلة كثيرة مثل من أين جاء المهووسون بستار أكاديمي في المجتمع السعودي؟ المعارضة لا تنحصر في هذا الرجل، ففاكسات كثيرة واتصالات تصل في الشأن نفسه. امرأة أرسلت فاكساً موقعاً باسم لمياء أحمد، كتبت تحته - الاسم - رقم هاتفها المحمول. المرأة تقول في كتابها:"من أين تعرف الصحف أن المتسابق السعودي هشام عبدالرحمن أشعل أجواء الفرح في المدن السعودية بفوزه بلقب ستار أكاديمي 2؟". لعلها كانت محقة في شأن التعميم، فربما كان هناك مدن سعودية كثيرة لم تسمع بستار أكاديمي. لكن، هي تقع في الخطأ نفسه، الذي تشير إليه. تقول:"أفراد المجتمع السعودي كافة، مستاؤون من البرنامج في شكل عام، والمتسابق السعودي في شكل خاص...". هي تعمم أيضاً، على رغم أن الإشارة إلى اشعال أجواء الفرح في المدن السعودية لا تعني أن كل سكان المدن فرحون، ربما بعضهم. معارضو البرنامج الذين اتصلوا أو أرسلوا فاكسات، يطالبون بانتقاد البرنامج وتبيان خطره، أو الكف عن الكتابة عنه تماماً. معظم هؤلاء لا يقبلون بنقل الأحداث التي يعدونها خطراً على المجتمع. تزعجهم الكتابة عن استقبال هشام وتقدير أعداد المستقبلين أو المتصلين - المصوتين - كي ينال اللقب. متصلة أخرى تقول:"هناك تيار منفتح يستغل هوس نسبة ضئيلة بالبرنامج، ليظهر المجتمع بصورة هشة وخاوية". هذا الكلام ربما يقود إلى أسئلة مشروعة:"هل فعلاً هناك من يستغل هوس مشاهدي البرنامج السعوديين للكتابة عنهم؟ ألا يجوز للصحافي نقل الحدث أو"الجرح"كما شاهده أم أن ذلك يعد إفساداً وتخريباً"؟! لكن الشبان تجمهروا في المطار وسدوا الطرق التي تقود إليه، وآخرين شجعوا في الشوارع كأن منتخب كرة القدم فاز بمباراة مهمة، أو تأهل الى تصفيات كأس العالم، إضافة إلى حملات دعائية غير مسبوقة في"بعض"شوارع، المدن السعودية، قاموا بها للتصويت لهشام. أحمد الصويان رئيس تحرير مجلة البيان السعودية، يقول:"لا بد من كتابة ناقدة، لان الصحافي يرصد ايجابيات الظواهر وسلبياتها. فاتصال معارضي البرنامج وهشام يدل إلى شريحة كبيرة ترفض هذه الظاهرة، وليس من الأمانة أن تنقل صورة المهووسين بالبرنامج وتترك الشريحة الرافضة، وهي الأهم في المجتمع...". وبالنسبة إلى الصويان فالملام في هذه الموجة العارمة"القيمون على البرنامج في الدرجة الأولى على اعتبار أنهم على منبر إعلامي له دور في بناء ثقافة وفكر مجتمع. كما يلام المشاهد الذي ينساق كدمية تلعب به مؤسسات إعلامية كبرى، بلغة الإثارة". مدير تحرير صحيفة سعودية، وصحافية رفضا فكرة الإجابة عن سؤال: هل يحق للصحافي الكتابة عن هشام وبرنامج ستار أكاديمي أم لا؟ مستندين الى أن"عادات وتقاليد ومبادئ أي مجتمع تحكم أطر الكتابة"! لكنهما لم ينفيا أن بعض أقاربهما وأبنائهما مهووسون فيه. عضو مجلس الشورى سابقاً، بدر أحمد كريم، المتخصص في علم الاجتماع، يقول:"ترفيه من هذا النوع - ستار أكاديمي- أي جر الشباب إلى الاتصالات وهوس التصويت، يكشف عن مجتمع هش، ويحكي عن فراغه". ويرى كريم أن"وسائل الإعلام السعودية تتحمل مسؤولية سد الفراغ ببديل مناسب وملائم". كريم يتذكر أيام شارك فيها في برامج إذاعية وتلفزيونية، وبحسب ذلك يقول رأيه فنياً:"يجب أن نفرق بين الترفيه والابتذال، وهذا البرنامج في رأيي يتوافق مع الكلمة الأخيرة. من يهتم بمعرفة إذا كان هشام نام عند الساعة التاسعة، وأكل عند الثامنة، ويلبس خاتماً اسود اليوم، وأبيض غداً... أرى أن إعلام اليوم يبث أنماطاً تجذب كثراً على حساب الرسالة. ما الفارق إذا خسرت نصف مشاهدي كي أقدم مضموناً جيداً ونقياً وصافياً؟". على أي حال، انتهى برنامج ستار أكاديمي- 2. ستسكت الهواتف عن الرنين في أقسام الصحف - الفنية. لن يتصل أحد ليسأل من فاز في حال قطعوا بث حفلة"برايم"، أو ليحكي عن مؤامرة يحيكها أساتذة الأكاديمية ضد هشام عبدالرحمن."يتوقف هدر الأموال"، هكذا يصف معارضو البرنامج، اتصالات الشبان والفتيات والرجال والنساء."هدر الأموال"... هل يقف عند حد ستار أكاديمي؟ تتوقف الكتابة عن البرنامج أيضاً. امرأة اتصلت قبل حفلة ال"برايم"الأخيرة"بمقر"الحياة"في الرياض، تقول:"اعلم أنهم يستنزفون أموالي، لكنني سأصوت وأبنائي، كي يربح ابن بلدي"! وفتاة أخرى تصر على أن هشام"رفع رأسنا"، سرد اتصالات كهذه يعده معارضو البرنامج دفاعاً عنه أو تخريباً أو كشفاً عن"جرح". لكن ذلك لا ينفي أن الاتصالات كثيرة. بل أكثر من المعارضين - المتصلين. أسئلة كثيرة، يمكن طرحها بعد نهاية موجة عارمة اكتسحت كل البرامج العربية، بعيداً من قيمة البرنامج الأخلاقية والفنية. برامج كثيرة في الفضائيات تستحق أن يطالها الانتقاد، سوى أن جهاز التحكم أراح كثيرين من فكرة"هدر الوقت".