كشفت القوى الأمنية اللبنانية أمس عن مقبرة جماعية جديدة، في محيط بلدة عنجر البقاعية، لهياكل عظمية لأكثر من 20 جثة لأشخاص مجهولين، قالت المعلومات الأولية انها دُفنت هناك قبل 12 سنة على الأقل وفي حفرة كبيرة واحدة من دون فواصل بين الجثث. في موازاة ذلك أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ليل أول من أمس انه سيسعى الى اقناع القاضي الألماني ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري بالاستمرار في عمله في اللجنة بعد الأول من كانون الثاني يناير المقبل، تاريخ انتهاء عقده مع الأممالمتحدة الذي أبدى رغبة في عدم تجديده.راجع ص 6 و7 وفيما واصل السنيورة أمس اتصالاته ومشاوراته في شأن فكرة طلب لبنان رسمياً من الأممالمتحدة اتخاذ قرار بإنشاء صيغة دولية للمحكمة التي ستتولى محاكمة المتهمين بالاغتيال، اجتمع أمس في دبي رئيس"تيار المستقبل"سعد الحريري مع رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي النائب وليد جنبلاط للتشاور وتنسيق المواقف. وكان جنبلاط انتقل ظهر أمس الى دبي يرافقه الوزراء مروان حمادة، غازي العريضي ونعمة طعمة الذين حضروا الاجتماع، كذلك النائب اللبناني باسم السبع. وينتقل جنبلاط اليوم الى الرياض للقاء كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية. ويتوقع ان يتوجه اليوم الى فيينا السوريون الخمسة الذين طلب القاضي الالماني ديتليف ميليس ان تستجوبهم لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الةوراء اللبناني السابق رفيق الحريري. ويتولى فريق من اللجنة الدولية يوم غد الاثنين استجواب هؤلاء في مقر الاممالمتحدة في العاصمة النمسوية. وعلم ان ميليس ينوي مواجهة بعض هؤلاء مع"شاهد جديد"بعد تراجع هسام طاهر هسام عن افادته امام اللجنة وقوله انها انتزعت منه تحت الضغط والاكراه. وتردد ان"قائمة فيينا"تضم اربعة ضباط هم الرئيس السابق لجهاز الامن والاستطلاع في لبنان العميد رستم الغزالي ونائبه العميد جامع جامع، اضافة الى العميد عبد الكريم عباس والعميد ظافر يوسف. اما الشخص فبعتقد بانه مدني، علما ان المصادر السورية ترفض ذكر اسماء المطلوب استجوابهم. الى ذلك، علم ان ستة محامين سوريين سيرافقون الخمسة الى فيينا، عرف منهم عميد كلية الحقوق السابق الدكتور عبود السراج الذي سيكون مشرفا على الفريق الذي يضم هائل اليوسفي والدكتور في القانون الدولي في مكافحة الارهاب خليل تعلوبة ومازن خضور ورمزي ديب. ومنحت السفارة النمسوية تأشيرات قصيرة الى جميع اعضاء الوفد، بمن فيهم الذين يحملون جوازات سفر ديبلوماسية كانوا حصلوا عليها نهاية الاسبوع الماضي. وكان المستشار القانوني في الخارجية السورية رياض الداودي وقع اتفاقا مع شركة قانونية بريطانية، اضافة الى توكيل ثلاثة محامين نمسويين، بحيث يكون لكل مطلوب استجوابه محام اجنبي وآخر سوري. ولم يعرف ما اذا كان الداودي اجتمع امس مع ميليس في باريس خلال توقفه فيها، قبل ان يتوجه الى فيينا. وكان السفير السوري في فيينا صفوان غانم عمل في الايام الاخيرة على استئجار شقة تحاط بحراسة امنية مع احتمال اقامة بعض اعضاء الوفد في السكن السوري الرسمي. وقالت مصادر ديبلوماسية ان"حالة طوارئ"سترافق حضور الوفد السوري في فيينا وان"الحماية الامنية المشددة والسرية المطلقة، ستميزان فترة اقامة السوريين". أما على صعيد اتصالات السنيورة في شأن فكرة الصيغة الدولية للمحكمة في قضية اغتيال الحريري، فقالت مصادر رئيس الحكومة انه أجرى اتصالاً، هاتفياً ليل أول من أمس مع أنان"ووضعه في صورة قرار الحكومة طلب التجديد للجنة التحقيق الدولية ستة أشهر، وفي صورة ما تبلغه من ميليس بأن عقده ينتهي في آخر كانون الثاني". وأوضحت المصادر ان السنيورة أبدى لأنان ثقته بميليس وعمله وتقديره للجهد الذي بذله وتمنى"أن يستمر في عمله على رغم ان الأمر يعود إليه". وأكدت مصادر السنيورة ان أنان أشاد خلال الاتصال بعمل ميليس وأبلغ رئيس الحكومة بأنه"سيحاول إقناعه بأن يستمر في مهمته وأبدى تقديره للمهنية العالية لعمله وللجهد الذي بذله أثناء هذا العمل". وأشارت مصادر السنيورة الى انه وضع أنان في أجواء لقائه مع وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، وخصوصاً في ما يتعلق بتناوله موضوع لبنانية مزارع شبعا ونية الحكومة اللبنانية متابعة هذا الموضوع مع الجانب السوري على الأرض واتخاذ الخطوات اللازمة من أجل ترسيم الحدود لتشمل المزارع. وقالت مصادر السنيورة انه بحث الأمور نفسها التي تناولها مع أنان خلال لقاءات أجراها أمس مع الممثل الشخصي للأمين العام غير بيدرسون، وسفيري روسيا سيرغي بوكين ومصر حسين ضرار لوضعهم في أجواء الاتصالات القائمة داخلياً وخارجياً. وفيما استمر السجال بين"حزب الله"وقوى الغالبية النيابية حول فكرة المحكمة الدولية التي رفضها الحزب في جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي علّق البطريرك الماروني نصرالله صفير على الفكرة بالقول:"إذا كان بمقدور المحكمة الوطنية ان تقوم بما يجب من العدالة في حق الفاعلين فليكن وإلا فيكون ساعتئذ المحكمة الدولية هي يجب أن تتولى الأمر". المقبرة الجماعية وكانت الأنباء عن اكتشاف المقبرة الجماعية في بلدة عنجر في البقاع هزت الأوساط اللبنانية أمس، بعد أن تم اكتشاف عدد من الجثث في باحة وزارة الدفاع قبل 3 أسابيع، خصوصاً أن هذا الأمر مرتبط بقضية المفقودين والمخطوفين الذين تتولى لجنة متابعة ملاحقة قضيتهم على انهم في السجون السورية. وقال بيان للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي صدر عصر أمس:"وردت معلومات الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي من مديرية المخابرات في الجيش اللبناني حول وجود مقبرة في مقام النبي عزيز في محلة التل في بلدة عنجر البقاعية عُثر عليها من قبل أحد أبناء البلدة. على الأثر قامت القطعات المعنية في قوى الأمن الداخلي، بناء لإشارة القضاء المختص بالاجراءات اللازمة بحيث استقدمت آليات وحفارة وبدأ العمل في ساحة المقام، فتم العثور لغاية تاريخه على بقايا جثث وعظام وجماجم وأطراف بشرية عائدة الى أكثر من عشرين جثة مهترئة لأشخاص مجهولين". وأضاف البيان:"تم تكليف طبيب شرعي للكشف عليها وجرى وضعها داخل أكياس من النايلون لإرسالها الى المختبرات لإجراء فحص ال"دي أن أي"لمعرفة هوية أصحابها". وأكد أن"أعمال البحث مستمرة وبوشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص". وقالت مصادر أمنية ل"الحياة"ان المكان الذي وجدت فيه الهياكل العظمية يبعد نحو كيلومتر عن المقر الذي كانت تستخدمه قيادة الاستخبارات السورية في لبنان في بلدة عنجر. ونظراً الى ان الجثث تحولت الى هياكل عظمية بسبب قدم دفنها هناك، لم يتم تحديد عددها النهائي في انتظار احصائها، خصوصاً أن الحفريات مستمرة للتأكد من وجود المزيد من الهياكل العظمية. وفي وقت تردد ان قوى الأمن والشرطة القضائية وعناصر من الدفاع المدني، عثروا أثناء الحفر، حيث ضرب طوق أمني واسع لمنع الإعلاميين والمصورين من الاقتراب، عثروا على بقايا بدلة عسكرية، أشارت معلومات أمنية ل"الحياة"الى انه عثر على قطعة من بدلة عسكرية، لكن لم يتم التأكد بعد انها كذلك. وقالت مصادر في الجيش ان الحفر لاكتشاف هذه الجثث تولته قوى الأمن، وأن الجيش لم يشترك في البحث في هذه المنطقة وأن اللجنة المكلفة منه وتضم القيادة والشرطة العسكرية للبحث عن جثث عسكريين سقطوا في أحداث 13 تشرين الأول اكتوبر العام 1990، يوم ازاحة العماد ميشال عون من قصر بعبدا ينحصر نطاق مهمتها بمحيط وزارة الدفاع على اطراف بيروت وبمنطقة دير القلعة الجبلية، وانها قد وجدت جثثاً في باحة وزارة الدفاع، فيما لم تتمكن بعد من العثور على جثث في منطقة دير القلعة. وذكر المراسلون في البقاع ان المنطقة التي وجدت فيها الهياكل العظمية تبعد حوالي 3 كيلومترات عن الحدود اللبنانية - السورية. ونسبت وكالة"فرانس برس"الى الطبيب الشرعي قوله ان العظام تعود الى 12 سنة على الأقل من دون ان يحدد طريقة الوفاة. كما نسبت الوكالة الى أحد سكان بلدة عنجر ان"المعتقلين الذين كانوا يموتون في سجن الاستخبارات السورية القريب كانوا يدفنون على التلة التي وجدت فيها المقبرة". وفيما أشارت مصادر إعلامية الى ان الهياكل المكتشفة قد تصل الى 25 جثة، أوضح مصدر أمني رفيع ل"الحياة"أن تحديد العدد النهائي ينتظر عمل الطبيب الشرعي. وذكر ان انتشال الهياكل أخذ وقتاً نتيجة الحرص على فرز العظام والجماجم التي وجدت لأنها كانت مدفونة في حفرة واحدة كبيرة وليس في قبور منفصلة، من دون فواصل بين الجثث، كي لا تختلط هذه العظام وتضيع إمكانية تحديد هوية الجثث. وأوضح ان الطبيب الشرعي يحتاج الى 3 أو 4 أيام من أجل تحديد أسباب الوفاة لكل هيكل عظمي، ولأخذ العينات من أجل فحوصات الحمض النووي. ولم يؤكد المصدر ما اذا كانت الهياكل تعود لعسكريين أم لمدنيين في انتظار استكمال البحث. وأكد المصدر ان الفريق الذي قام بالحفريات توقف عن العمل مع حلول الظلام وسيتابع اليوم البحث الذي يأخذ وقتاً. وستؤدي الفحوصات والتدقيق في الهياكل العظمية الى التأكد مما اذا كانت الجثث دفنت قبل العام 1990، تاريخ المعارك التي أدت الى إزاحة عون وأدت الى أسر عسكريين أم قبل هذا التاريخ، أي في الثمانينات. وفي دمشق، قالت مصدر سوري ل"الحياة"ان القوات الامنية السورية لم تكن تدخل ابدا الى مكان اكتشاف المقبرة لان المنطقة كانت تقع تحت سلطة الوقف اللبناني، مشيرة الى ان الاعلان عبارة عن"دس اخبار ضد سورية". ونقل موقع"سيرينيوز"السوري عن مصدر سوري آخر قوله ان"بعض اللبنانيين يحاولون البحث بأي طريقة كانت لتوريط سورية و اتهامها". وأضاف المصدر:"إنهم يعرفون تماما ويتذكرون تلك الإعدامات التي قامت بها حركة فتح المجلس الثوري من العام 1986 إلى العام 1991، إذ أعدمت الحركة نحو 400 شخص أتهمتهم في ذلك الحين بالانتماء إلى مخابرات غربية وموساد، وقد أصدرت قائمة أولى تحوي نحو ثلاثين شخصية، ومن ثم قائمة أخرى إلى أن احتجت الفصائل الفلسطينية في المخيمات على تلك الإعدامات".