احتشد نحو عشرة آلاف مسلم داخل المسجد الاقصى في القدسالشرقيةالمحتلة أمس، تلبية لنداءات حركات سياسية واسلامية دعت الى التحرك"دفاعاً عن الاقصى"بعد اعلان مجموعة يهودية متطرفة عزمها اقتحام باحته. وعلى مداخل المسجد الاقصى ومسجد قبة الصخرة وفي الطرق المجاورة، انتشر نحو ثلاثة آلاف شرطي اسرائيلي بهدف الحفاظ على النظام ومنع حصول اعمال"استفزازية"، في حين تولى منطاد حراري أعمال المراقبة في الموقع الذي حلقت فوقه طائرة مروحية صباحاً. وحصلت صدامات قبيل الظهر بين الشرطة الاسرائيلية وشبان فلسطينيين حاولوا الدخول الى الحرم القدسي عند باب الاسباط في المدينة القديمة. والقى رجال الشرطة قنابل صوتية لتفريق الحشد الذي يعد بنحو الف شخص. وقال الناطق باسم الشرطة شمويل بن روبن ان ثلاثة رجال شرطة اصيبوا في المواجهات. وكانت السلطات الاسرائيلية قررت السماح فقط للمسلمين من سكان القدسالشرقيةالمحتلة ومن العرب الاسرائيليين ممن هم فوق سن الاربعين بدخول باحة المسجد، في حين منعت دخول المسيحيين واليهود. لكن هذا لم يمنع عدداً كبيراً من الاشخاص من التجمع عند بوابات الحرم رغم صعوبة الوصول اليها. وقال النائب في الكنيست احمد الطيبي من الحركة العربية للتغيير:"اوقفونا ساعة ونصف ساعة قبل ان يسمحوا لنا بالدخول". وبدأ التجمع داخل المسجد بعد صلاة العشاء مساء السبت. وبعد مفاوضات مع رئيس حرس الحرم محمد اسماعيل، سمح لنحو 1500 شخص بالبقاء داخل المسجد الاقصى طيلة الليل في مقابل التزامهم الهدوء والسماح لهم بالخروج كل ساعتين فقط حتى الرابعة صباحاً عندما فتحت الابواب لدخول المصلين لأداء صلاة الفجر. ومعظم المحتشدين داخل المسجد من سكان القدسالشرقية، في حين تمكن احد قياديي"حركة المقاومة الاسلامية"حماس في الضفة الغربية الشيخ حسن يوسف من الوصول الى المسجد رغم منع فلسطينيي الضفة الغربية من دخول القدسالمحتلة. وقال وزير الامن الداخلي جدعون عزرا معلقاً على وجود مسؤول"حماس"في الاقصى:"ليست نهاية العالم". وأضاف:"هويته ليست مرسومة على وجهه، وبما انه في الستين من العمر تمكن من الدخول لان هناك جزءاً من الجدار الامني الذي سيعزل القدس عن رام الله لم ينته العمل فيه". من جانبه، دعا الشيخ يوسف في كلمة امام المحتشدين في باحة المسجد، الى الهدوء قائلاً:"لسنا معنيين بالاحتكاك مع الشرطة لاعطائهم مبرراً للدخول الى الاقصى". وأضاف:"المتطرفون يتوعدون باقامة الهيكل مكان الاقصى... نريد من خلال حشدنا هذا ان نوجه رسالة حضارية للعالم ونقول اننا جئنا الى الاقصى لنؤكد ان القدس بمقدساتها المسيحية والاسلامية بحاجة الى دعمنا وندعو العالم العربي والاسلامي الى الدفاع عن الاقصى". وفي وقت لاحق، أعلن ناطق اسرائيلي ان الشرطة اعتقلت الشيخ يوسف بعد أن دخل القدس سراً ليؤم المصلين في الحرم القدسي الشريف. وأضاف أن يوسف المفرج عنه من سجن اسرائيلي العام الماضي تمشياً مع اتفاق مع الرئيس محمود عباس، اعتقل عند مغادرته الحرم القدسي الشريف وسيجري التحقيق معه. وذكرت مصادر قريبة من يوسف انه تسلل الى الحرم القدسي الشريف متنكراً في زي رجل دين كبير في السن. وشارك في التجمع في الاقصى نواب مقدسيون في المجلس التشريعي الفلسطيني هم احمد البطش وحاتم عبدالقادر واحمد هاشم الصغير وعدد من مسؤولي الحركة الاسلامية في اسرائيل. وقال المسؤول في الحركة الشيخ هشام الخطيب في كلمة امام الحشد:"الاقصى خط احمر واي مس به معناه خلط الاوراق". وأضاف متوجهاً الى الامة العربية والاسلامية:"لا نطلب اكثر من دعمكم معنوياً". وتابع:"جئنا نصلي في الاقصى لنرابط فيه. ارفعوا ايديكم عن اقصانا ومساجدنا ومقابرنا. نحن لا نريد اكثر من ان نكون آمنين في ديارنا واقصانا"، متهماً الحكومة الاسرائيلية"بتشجيع المتطرفين". توقيف زعيم"ريفافا" وفي الصباح، اعلنت الشرطة الاسرائيلية توقيف 16 من ناشطي اليمين المتطرف الاسرائيلي في المدينة القديمة خارج باحة المسجد الاقصى، كما منعت اربعة من نواب المعارضة من اليمين المتطرف من الدخول الى الحرم. ومن بين الموقوفين اسرائيل كوهين زعيم مجموعة"ريفافا"المتطرفة التي دعت الى الصلاة في باحة الاقصى الاحد احتجاجا على خطة رئيس الوزراء ارييل شارون للانسحاب من قطاع غزة واجلاء مستوطنيه. وكان كوهين مختبئا في مراحيض عامة قريبة من حائط المبكى المحاذي لباحة الحرم. من جهة اخرى، اوقفت الشرطة 25 متطرفا من اليمين الاسرائيلي اغلقوا الطريق السريع في محيط تل ابيب باحراق اطارات على الطريق للتنديد بخطة الانسحاب من قطاع غزة كما قالت مصادر في الشرطة. "الهدوء لا يعني توقف الاعتداء" واعتبر وزير الاوقاف الفلسطيني الشيخ يوسف سلامة ان منع المتطرفين من دخول باحة المسجد الاقصى لا يعني توقف مسعاهم للسيطرة عليه، مشددا على ضرورة عدم السماح ابدا بتقسيم المسجد. وقال لوكالة"فرانس برس":"حتى لو سارت الامور بشكل هادئ اليوم، فان اعتداءات المتطرفين ضد الاقصى لن تتوقف، والخطر يكمن في مخططهم المستمر لاقامة هيكل مزعوم مكان المسجد". واضاف:"نحن عازمون على ردعهم ولن نسمح بتكرار ما حدث في المسجد الابراهيمي في الخليل، لن نسمح ابدا بتقسيم المسجد الاقصى". واكد انه"لولا الحماية التي تقدمها سلطات الاحتلال لما تمكن المتطرفون اليهود من مواصلة اعتداءاتهم والسلطات الاسرائيلية تتحمل كامل المسؤولية". وقال الناطق باسم السلطة نبيل ابو ردينة للصحافيين ان الاقصى"خط احمر واي مس بالاماكن المقدسة سواء كانت اسلامية او مسيحية سيؤدي الى نتائج وخيمة في المنطقة". وذكر ان السلطة اتصلت بعدد من الدول العربية والاجنبية ودعتها الى"تحمل مسؤولياتها في مسألة الاقصى"، مشددا على ان"المناخ الذي خلقه الشعب الفلسطيني في التهدئة يشكل لحظة ثمينة يجب استغلالها". واضاف:"على المجتمع الدولي ان يعرف ان الطريق الى السلام لن يمر الا عبر التفاهم مع الشعب الفلسطيني ومع الثوابت التي اتفق عليها عربيا ودوليا". وجدد مطالب السلطة"للبدء في تنفيذ بنود خريطة الطريق وارسال مراقبين دوليين الى المنطقة"، مشيرا الى ان هناك"عناصر اسرائيلية لا تريد السلام وتعمل جادة على وضع العراقيل امام التقدم في العملية السلمية". واثار التوعد بدخول باحة الاقصى مشاعر المسلمين في العالم العربي ونظم الفلسطينيون تظاهرات غاضبة في رام الله وفي نابلس والخليل في الضفة. آلاف الطلاب يتظاهرون في غزة وفي قطاع غزة، تظاهر الاف الطلاب لنصرة الاقصى داعين كافة فئات الشعب الفلسطيني الى الدفاع عن الحرم القدسي في حال نفذ المتطرفون تهديدات باقتحامه. وشارك نحو ثلاثة الاف طالب في التظاهرة التي نظمها مجلس الطلاب في الجامعة الاسلامية التابع لحركة"حماس"والتي انطلقت من مقر الجامعة وسط غزة باتجاه المجلس التشريعي ومنه الى شوارع المدينة الرئيسة. وردد المشاركون الذين وضعوا ملصقات لصورة الاقصى على اكتافهم هتافات تدعو للدفاع عن الاقصى وتتوعد بالرد على اي مس به، منها"بالروح بالدم نفديك يا اقصى"، كما رفعوا اعلام"حماس"الخضراء والسوداء، الى جانب يافطات تنادي بالدفاع عن الاقصى منها"يا قدس اننا قادمون". وتظاهر صباح امس المئات من طلاب المدارس في جميع انحاء قطاع غزة ورددوا هتافات تدعو للرد بقوة على اي مس بالمسجد الاقصى. في الوقت نفسه، شارك الالاف من مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية في مسيرة جنائزية لتشييع الشبان الثلاثة الذين قتلوا برصاص القوات الاسرائيلية في رفح وهم خالد غنام واشرف موسى وحسن احمد ابو زيد. وانطلقت المسيرة باتجاه مقبرة الشهداء في منطقة حي السلام شرق المدينة.