الناس شاشة لكل الناس"، هذا شعار قناة"الناس"التي بدأت بثها التجريبي قبل أسابيع. هدف القناة وما ستعرضه واضح من التقارير الإعلانية التي تُعرض على القناة ذاتها. فهي تستهدف شريحة كبيرة. تستهدف كل الناس. وسنشاهد في هذه القناة"تلفزيون الواقع"، وپ"تلفزيون المُشاهد"، وخصوصيات يريد أصحابها أن تعرض في الفضائيات. سيصور المشاهد نفسه أو غيره، سيصور مناسباته وحفلاته، سيصور أفلامه، سيقدم النصائح ويخطب، سيصور برامجه التي كتبها وأعدها وقدمها. كل ما عليه أن يقرر ذلك فقط، لتقوم القناة بدورها وتعرض ما أُرسل اليها. "في قناة الناس تحقق أحلامك، أهدافك، رغباتك، أمنياتك وطلباتك"."أنت المذيع، المقدم، المحاور، الضيف، البطل، النجم... أنت الكل في الكل". وإذا كنت"شاعراً فقل... كاتباً نسمع... مطرباً غنّ... مرشحاً اهتف...". الدعاية لا تقف عند هذا الحد، ثمة دمية تغني:"الكاميرا في إيدك... هي بريدك... والصورة صورتك... والشورة شورتك... والهوى هواك... والمايك معاك". الأغنيات الدعائية باللهجة المصرية المحكية كثيرة، كلها تحاول دفع المشاهد للتصوير والإرسال. إذاً سيتخلص الموهوبون من الخليج إلى المحيط، من تحكم المنتجين. الذي يريد أن يكون ممثلاً سيعرض موهبته في الشاشة والناس سيحكمون. من يظن أن في نفسه مخرجاً أو"سيناريست"مميزاً سيجبر الناس على مشاهدة ما ينتج. أصحاب المسرحيات التي لا يشاهدها إلا عدد لا يتجاوز المئة سيعرضونها في هذه القناة. إذا كنت ترى في نفسك مذيعاً أو محاوراً أو معداً... يمكنك أخيراً أن تجرب حظك. لن تحتاج إلى وساطة كي تظهر في التلفزيون بعد اليوم. ليس بالضرورة أن تصور مشهداً مكتوباً أو محبوكاً درامياً. ليس بالضرورة أن يكون هناك ديكور أو موسيقى. ليس بالضروة أن يكون المشهد كوميدياً أو تراجيدياً. يمكنك تصوير نفسك مقدماً تهنئة لشخص ما أيضاً. يمكنك أن تعزي شخصية عامة أو صديقاً بالصوت والصورة. لن تكون الصحف هي المكان الوحيد لذلك بعد اليوم، فالصورة الآن تسرق شيئاً من ذلك. الصحف والمجلات كانت المتنفس الوحيد لمن يريد أن يعبر عن رأيه من العامة. يكتبون مقالاتهم وشعرهم وقصصهم ولكن مع تعديل وتحريف من المحرر أحياناً. الصحف والمجلات تنشر رسائل الباحثين عن أزواج أو زوجات وصورهم لو أرادوا. تنشر أيضاً صور أطفال القراء. اليوم قناة"الناس"تفعل كل ذلك. رسائل كثيرة تكتب في الشريط النصي أسفل شاشة قناة"الناس"، ربما كان ضرورياً أن يسجل بعضها. معظمها يبدأ بپ"تعال نصورك أو أرسل شريط فيديو..."، وينتهي بپ"وسوف نعرضها فوراً". وهناك رسائل تبدأ بپ"تعالوا الى قناة الناس لتصوير..."وتذيل طبعاً بپ"وسوف نعرضها فوراً". إذاً فالمشاهد مخير بين أن يصور هو أو أن تصور له القناة، المهم أن يفكر في ماذا يود أن يعرض؟ الرسائل تشير إلى أن القناة ستعرض كل ما يرسل:"حفلات زواجكم، حفلات أعياد ميلادكم، خبراتكم ونصائحكم ومواعظكم الدينية، أفكاركم الجديدة في كل المجالات، تعريف بالعائلات والمدن والشخصيات، تعريف بعلاقاتك وخدماتك...". طبعاً القناة جهزت برامج منوعة فهناك برنامج"حفلاتكم"وپ"ساعة بر"وپ"ساعة مزاد"وپ"ساعة سينما"وپ"ساعة سياسة"وپ"ساعة إبداع"وپ"أسواق الناس"وپ"نصائح"و"أطفالنا"... كل ما سيرسل الناس يفند بحسب نوعه. هناك أيضاً مسابقات:"أحلى نكتة"،"يلا نفنن"- تعرض أفلاماً ومسرحيات يصنعها المشاهدون... فالتقارير تقول:"هات أعمالك... هات موهبتك نعرضها لك...". ليس كل ما كُتب إعلاناً عن قناة"الناس". فتقارير الدعاية والإعلان عن البرامج وما تستقبله القناة كثير كثير، وما كُتب جزء بسيط منها، للوصول إلى صورة واضحة عما ستعرض هذه القناة. إذاً هل تمهد قناة"الناس"المصرية لصناعة صورة جديدة في العالم العربي؟ عدد سكان مصر يفوق السبعين مليوناً، والقنوات المصرية الأخرى لا تعرض إلا أفلاماً وپ"كليبات"وبرامج ومسلسلات مصرية فقط. قناة"الناس"تقول إنها لكل الناس، وستستقبل كل ما سيرسل اليها. هل تكفي 24 ساعة لعرض حفلات ومناسبات وأفلام ومسرحيات ونصائح... من كل العرب المشاهدين الذين يودون مشاهدة"أنفسهم"في الفضائيات؟ ما يقبع في ذاكرة الهواتف المحمولة السعودية من مشاهد صورت في العام الماضي، يحتاج إلى مئات من الساعات وربما ألوف منها ليعرض، بعيداً من كون بعضها سيتعرض للتقطيع أو الإهمال لعدم صلاحية عرضه على العامة. هل يقود نجاح هذه القناة مستثمرين سعوديين وخليجيين ولبنانيين ومغاربة... إلى تدشين قنوات مماثلة؟ قبل أيام أعلن عن قرب موعد إطلاق قمر عربي جديد من مصر. وبالتأكيد ستنطلق أقمار أخرى. لن يكون صعباً حجز قناة للبث، المهم أن تملك قيمة البث. عدد القنوات يزداد. هناك قنوات عامة وقنوات أفلام وقنوات متخصصة بالأخبار وأخرى بالمسلسلات، هناك أيضاً قنوات غنائية وإعلانية وقنوات رسائل نصية... اليوم هناك قناة مصرية واحدة، سيكون فيها أخبار الناس وأفلامهم ومسلسلاتهم وكليباتهم وحفلاتهم. فيها حياة الناس. كم قناة تشبه هذه القناة ستبدأ بثها التجريبي قريباً؟