يتردد اسم الرئيس عمر كرامي كمرشح وحيد لتشكيل الحكومة الجديدة في نهاية الاستشارات النيابية التي يجريها اليوم رئيس الجمهورية اميل لحود بعدما اصبحت الخيارات الاخرى محدودة جداً ولا مجال لخوض التجربة بأسماء اخرى باستثناء الرئيس سليم الحص الذي يبدو انه غير متحمس. ويرجح ألاّ يواجه تكليف كرامي مشكلة وهذه ستواجه عملية التأليف التي ستخضع لتجاذبات في ظل اصرار المعارضة على دفتر الشروط الذي اعلنته في اجتماعها الاخير في المختارة في مقابل اشتراكها في حكومة وحدة وطنية ببرنامج عمل لن يقتصر على متابعة التحقيق الجدي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بل سيتجاوزه الى التحضير لاجراء الانتخابات النيابية ضمن المهلة الدستورية المنصوص عنها في قانون الانتخاب، اضافة الى تحديد الاطار العام للتعاطي الرسمي مع تطبيق القرار الرقم 1559. وعلمت"الحياة"من مصادر رئاسية ان قضيتي تأليف حكومة جديدة واجراء الانتخابات النيابية وان كانتا غابتا كلياً عن جدول اعمال المجلس الاعلى اللبناني ? السوري الذي عقد اول من امس في دمشق، فإن الملف الحكومي كان حاضراً بقوة في المشاورات التي أجريت بين رؤساء: الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة المستقيلة عمر كرامي ونائبه عصام فارس على هامش مباحثات المجلس الاعلى. وبحسب المعلومات ان كرامي لم يبد حماسة للعودة الى رئاسة الحكومة، وكذلك الامر بالنسبة الى فارس الذي سيشارك في الاستشارات ويتوجه بعدها الى الولاياتالمتحدة الاميركية في زيارة خاصة. وقالت المصادر ان ضغوطاً ستمارس على كرامي وفارس ليكونا في عداد الحكومة الجديدة، كالضغوط التي تمارس حالياً على وزير الداخلية والبلديات سليمان فرنجية الذي يفضل ان تتمثل كتلة نواب الشمال بوزير آخر. وعزت سبب عدم حماسة كرامي الى انه كان استقال في الجلسة النيابية التي خصصت لمحاسبة الحكومة على خلفية البند الوحيد الذي نوقش والمتعلق بالاغتيالات، مؤكداً انه لا يحمل دم الشهيد الحريري في اشارة الى كلمة شقيقة الاخير النائب بهية الحريري. واضافت انها لا تعرف ماذا سيقول كرامي في اول رد فعل في حال تكليفه اعادة تأليف الحكومة على رغم ان البعض يتعامل مع هذا الامر على انه سيعيد الاعتبار له، في مقابل رصد الموقف الذي ستتخذه المعارضة إزاء تكليفه. وقالت المصادر ان كرامي وان كان يعتقد بأن مهمة التكليف لن تواجه صعوبات نظراً الى توافر الاكثرية النيابية المؤيدة له، فإن التأليف سيصطدم بشروط مضادة من المعارضة في حال تعذر التفاهم معها على تسوية تدفعها للقبول في الاشتراك. وكشفت عن ان كرامي سيتوجه الى الرأي العام ومن خلاله الى المعارضة ببيان سياسي يدعوها فيه الى الاشتراك في حكومة وحدة وطنية على قاعدة استعداده للمضي قدماً في كشف الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري وابقاء الباب مفتوحاً امام الدور الذي يقوم به فريق التحقيق الدولي. وتابعت ان المشكلة الاساسية تكمن في مطالبة المعارضة باقالة قادة الاجهزة الامنية والمدعي العام التمييزي الأصيل الوزير المستقيل عدنان عضوم وان الرئيس كرامي سيحاول طرح نصف حلول تاركاً النصف الآخر معلقاً ريثما تنجلي نتائج التحقيق في الجريمة. وأوضحت ان كرامي لا يفضل ان يترأس حكومة لون واحد، في اشارة الى الحكومة المستقيلة التي لم تتمثل فيها المعارضة لكنه سيحاول اقناعها بضرورة الاشتراك، وإلا سيكون مضطراً لاعادة تعويم الحكومة الحالية بادخال تعديل يقضي بضم وزراء جدد اليها. ولفتت الى ان كرامي لن يلجأ الى تشكيل حكومة متجانسة أي من الموالاة الا بعد ان يقطع الامل من حواره مع المعارضة. وقالت ان لا مانع لديه من اتباع سياسة النفس الطويل في المفاوضات ليستطيع في النهاية تحميل المعارضة مسؤولية رفضها المشاركة، مشيرة الى استبعاد اقالة قادة الاجهزة الذي هو من صلاحيات مجلس الوزراء خوفاً من لجوء المعارضة الى متابعة هجومها على الحكم والحكومة. الا انها لاحظت ان البحث في ملف الجريمة من زاوية التقصير في مواكبة تداعياتها الامنية أمر وارد لكن من دون شروط مسبقة. كما لاحظت ايضاً ان التأخر في تشكيل الحكومة قد يدفع بالانتخابات النيابية الى المجهول، مؤكدة ان هذا الأمر سيترك للمجلس النيابي ليتخذ فيه القرار المناسب من دون ان تستبعد احتمال مبادرته الى التمديد لنفسه ريثما تسمح الظروف باجراء الانتخابات. ورأت ان قرار التمديد يجب ان يتخذ باجماع الموالاة والمعارضة باعتبار ان الاخيرة لم تتعامل بمرونة مع دعوة كرامي، وبالتالي، فإن موافقتها يمكن ان تخفف من الاحتجاج الدولي والاقليمي على مثل هذه الخطوة. وبالنسبة الى الخيارات المفتوحة امام كرامي اذا ما تعذر عليه التفاهم مع المعارضة لاشتراكها في الحكومة قالت المصادر ان هناك امكاناً لتأليف حكومة وحدة وطنية مصغرة مشروطة بدخول المعارضة فيها، والا فإن البديل سيكون بتأليف حكومة موسعة أسوة بالحكومة المستقيلة لتوسيع رقعة المشاركة من اجل حشد كل الطاقات للدفاع عنها في وجه المعارضة. وأكدت ان مسألة اشتراك"حزب الله"في الحكومة أياً كانت تركيبتها توافقية او مواجهة غير واردة في الوقت الراهن لكنها تتوقع من كتلته النيابية ان تمنحها الثقة ليس على اساس الوعود التي ستطلقها او الحلول للمشكلات المستعصية التي تتوخاها وانما لمصلحة الخيارات السياسية التي تمثلها الحكومة بصرف النظر عن تركيبتها. وبالنسبة الى الانتخابات النيابية، كررت المصادر قولها ان الحكومة ستحاول ان تحمّل المعارضة بسبب رفضها الاشتراك فيها، مسؤولية التأخر في انجاز الاستحقاق النيابي، مضيفة ان لا شيء نهائياً على صعيد التقسيمات الانتخابية، ومؤكدة انها ستكون مرتبطة مباشرة بموقف المعارضة من الحكومة. وبكلام آخر، قالت المصادر ان اشتراك المعارضة من شأنه ان يبقي على القضاء دائرة انتخابية وانه في مقدور الحكومة والمجلس النيابي اقراره في اقصى سرعة، بينما قد يتم استبداله في حال رفضها الاشتراك بالدوائر الكبرى. ولفتت الى ان الرهان على عامل الوقت ضروري لأن السلطة ستحاول اقتحام المعارضة لاقناعها بأهمية الاشتراك الا ان انقضاء المهلة الدستورية سيضغط باتجاه التأجيل. اما على صعيد التعاطي الرسمي مع القرار الرقم 1559، فنقلت المصادر عن مشاركين في اجتماع المجلس الاعلى ان الرئيس السوري بشار الاسد ابلغ الجانب اللبناني ان سورية قامت بما يتوجب عليها بالنسبة الى اعادة الانتشار التي ستستكمل بخطوة لاحقة بتحقيق الانسحاب الشامل من لبنان، وان دمشق ستبلغ الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن انه عليه البحث مع الحكومة اللبنانية في البنود الاخرى الواردة في القرار الرقم 1559، وخصوصاً حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وجمع سلاح"حزب الله". وذكرت ايضاً ان قضية الانسحاب العسكري السوري الشامل لن تكون مشكلة في محادثات لارسن في دمشق ما دامت الاخيرة مستعدة لانجاز المرحلة الاخيرة من الانسحاب بالتفاهم مع الحكومة وبالتالي فإن دمشق تعتبر ان ما يعنيها في ملف القرار الرقم 1559 سينفّذ.