عاد الهلع إلى نفوس سكان شواطئ المحيط الهندي، ليبيتوا ليلة الاثنين - الثلثاء في العراء، إثر زلزال بحري قوي تسبب في سقوط ألف إلى ألفي قتيل في نياس قبالة الساحل الغربي لجزيرة سومطرة الاندونيسية القريبة من مركز الزلزال، والمقدر عدد سكانها بنصف مليون نسمة. كما دمر الزلزال مدينة غونونغ سيتولي ومدرج طائراتها، في حين لم تعلن الدول الأخرى عن عدد ضحاياها. وقال نائب الرئيس الإندونيسي يوسف كالا إن الزلزال الذي بلغت قوته 8.7 درجات على مقياس ريختر"ربما يكون"أوقع"ألف إلى ألفي"قتيل في نياس. وعلى عكس ما حدث في أعقاب زلزال كانون الاول ديسمبر الماضي، كانت ردود الفعل قوية في الدول المطلة على المحيط الهندي. وصدرت تحذيرات من أمواج المد عبر أنحاء المنطقة، ولكن قبل الفجر ألغت تايلاندا وسريلانكا الإنذارات تلاها المسؤولون في الهند. استنفار ولدى وقوع الزلزال، دوت صفارات الإنذار وأجلي عشرات الآلاف من سكان المناطق الساحلية الذين انتابهم الفزع في حين قاد آخرون سياراتهم أو ركضوا إلى مناطق مرتفعة. ودعا الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو إلى مجلس وزراء استثنائي أمس. كما أرجأ زيارة كان من المقرر أن يقوم بها لأستراليا، ليتوجه إلى المنطقة المنكوبة. وقال وزير الإعلام سفيان جليل إن السلطات خصصت مطاراً قبالة نياس ليكون مركزاً لرحلات نقل مواد الإغاثة. وأضاف انه يجري إرسال معدات لمعالجة المياه إلى مطار سيبولغا من جاكرتا وباندا آتشيه إضافة إلى مروحيات عسكرية. وأعاق سوء الأحوال الجوية جهود الإغاثة بحسب تأكيد محافظ إقليم الشمال رزال نوردين الذي لفت إلى أن عمال الإغاثة الأجانب ومجموعة من ممثلي المنظمات غير الحكومية يأملون في التوجه إلى هناك فور تحسن الأحوال الجوية. وكانت إندونيسيا أصيبت بأفدح الخسائر اثر زلزال 26 كانون الأول ديسمبر 2004 الذي نجمت عنه أمواج تسونامي أسفرت عن اكثر من 273 ألف قتيل أو مفقود في 11 دولة في المحيط الهندي. إجلاء سكان وفي وقت سابق، نقلت محطة"مترو"التلفزيونية عن نائب رئيس بلدية غونونغ سيتولي آغوس مندروفا قوله إن نحو عشرة آلاف من سكان البلدة البالغ عددهم 27 ألفاً نزحوا إلى مناطق مرتفعة. كذلك اجلت تايلاندا المقيمين في أجزاء من الساحل الغربي من بينهم سياح في جزيرة فوكيت، في حين أصدرت ماليزيا تحذيراً لسكان السواحل. وأصدرت السلطات في جزر أندامان ونيكوبار الهندية شمال مركز الزلزال، تحذيراً من أمواج مد، كما فعلت الحكومة الفيديرالية في نيودلهي. وشعر الناس بالزلزال في مناطق بعيدة وصلت إلى سنغافورة ومدينة بينانغ الساحلية الماليزية. زوال التهديد وصباح أمس، الغت ماليزيا الإنذار من حصول تسونامي. وقال لو كونغ شيو مدير قسم الزلازل في دائرة الأحوال الجوية الماليزية"الإنذار رفع، لا وجود لتهديد". وفي سيدني، الغت السلطات الأسترالية الإنذار في ما يتعلق بالساحل الغربي للبلاد، معتبرة أن التهديد من حصول تسونامي بعد الزلزال العنيف، تبدد. وفي طوكيو، وجهت اليابان إنذاراً مماثلاً إلى ست دول بعد الزلزال، هي: الهند وإندونيسيا وماليزيا والمالديف وسريلانكا وتايلاندا. أما في بانكوك، فرحب رئيس الوزراء التايلاندي تاكسين شيناواترا بالإنذار الذي أطلق في الساعات الأولى من النهار بعد الزلزال في إندونيسيا. وقال مكتب الأرصاد الأسترالي انه رصد موجتين صغيرتين في جزر كوكوس، الأولى ارتفاعها عشرة سنتيمترات فقط والثانية ارتفاعها 25 سنتيمتراً. وأكد شاهد عيان في جزيرة نياس التي لم تنس بعد الأضرار الكبيرة الناجمة عن التسونامي الماضي، أن البحر تقدم مسافة"30 متراً"إلى اليابسة بعد الزلزال العنيف. من جهة أخرى، أفاد مرصد هونغ كونغ ان هزتين ارتداديتين قويتين ضربتا أمس جزيرة سومطرة بعد ساعات على الزلزال، أولاهما على بعد 620 كلم جنوب بندا آتشيه، والهزة الثانية بقوة 5.8 درجات على بعد 350 كلم جنوب إقليم آتشيه. عودة ومع زوال الخطر، بدأ السكان بالعودة على منازلهم، لا سيما السريلانكيون من سكان المناطق الساحلية الشرقية والغربية، بينما ظل بعض مترددين في العودة خشية استمرار خطر أمواج المد البحري العاتية. واستخدمت الشرطة مكبرات الصوت لتحذير المواطنين في المناطق الساحلية واتصلت لاسلكياً بالصيادين الذين كانوا خرجوا للبحر. وتكبدت سريلانكا خسائر فادحة في كارثة كانون الأول الماضي حيث أسفرت عن مقتل أربعين ألف شخص وتدمير أكثر من مئة ألف منزل. كذلك في الهند، بدأ عشرات الآلاف من سكان الساحل الشرقي يعودون إلى ديارهم، بعد تأكيد مجموعة إدارة الأزمات التابعة للحكومة زوال الخطر. وبذلك، تكون دول المحيط الهندي أظهرت أمس أنها أصبحت اكثر قدرة واستعداداً على التعامل مع احتمال أن تشهد أمواج مد قاتلة أخرى في أعقاب زلزال إندونيسيا. تقويم أضرار ومساعدات من ناحيتها، أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المكلف العمليات الإنسانية يان إيغلاند، عن إرسال مروحيات صباح أمس لتقويم الأضرار الناجمة عن الزلزال. وفي ويلينغتون، أعلنت السلطات النيوزيلاندية تكليف مروحية بنقل فريق من أربعة أطباء إلى جزر نياس لمساعدة المصابين من الضحايا، وتعهدت رئيسة الوزراء هيلين كلارك في اتصال هاتفي مع الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو بتقديم المزيد من المساعدات. وفي طوكيو، أعلن رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي أن بلاده ستقدم المساعدات التي يحتاج إليها ضحايا الزلزال. يذكر أن علماء زلازل بريطانيون توقعوا حدوث الزلزال الذي سجل ليل الاثنين -الثلثاء قبل أسبوعين على الأقل، بعد ملاحظتهم قوة اشتداد الضغوط وتراكمها في المنطقة منذ الزلزال والمد البحري الكارثي الذي تبعه أواخر العام الماضي.