على وقع انسحابات سورية جديدة من منطقة البقاع تسبق الجدولة الزمنية للانسحاب الشامل التي كان وعد الرئيس السوري بشار الأسد بإبلاغها الموفد الدولي تيري رود لارسن، مطلع نيسان ابريل المقبل، تكثفت الاتصالات الديبلوماسية، عشية الاجتماع المقرر اليوم لمجلس الأمن الدولي من اجل التداول في نتائج تقرير بعثة تقصي الحقائق في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري وفي توصيته تشكيل لجنة تحقيق دولية. راجع ص2 و3 لكن الرئيس السوري بشار الأسد استبق اجتماع مجلس الأمن بانتقاد تقرير بعثة التقصي الدولية لأنه"كان سياسياً يرتكز الى تقديرات"... ونفى في حديث لصحيفة"إلموندو"الإسبانية"في شكل قاطع مسؤولية القوات السورية عن أمن لبنان". مؤكداً انها لم تتحمل يوماً مسؤولية الأمن. وسأل:"كيف توصلوا البعثة الى النتيجة القائلة إن سورية هي المسببة لهذا العمل؟"اغتيال الحريري. وأشار الى ان الانسحاب السوري الكامل من لبنان"تلزمه شهور عدة بعد ان تضع اللجنة العسكرية المشتركة اللبنانية - السورية الجدول الزمني...". وفيما عاش اللبنانيون خصوصاً في العاصمة بيروت وضواحيها رعب المسلسل الدامي للتفجيرات المتنقلة، أبلغ المواطنون في عدد من الأحياء، القوى الأمنية عن وجود سيارات مشتبه بوقوفها في بعض الأمكنة، ثم تبين انها لا تحوي متفجرات، واعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك من طوكيو ان بلاده"ستفضح كل من يعمل على زعزعة استقرار لبنان في هذه المرحلة الصعبة". وراح المواطنون في منطقة الدكوانة حيث وقع انفجار السبت الماضي يعالجون ما أمكن من الأضرار التي أصابت ممتلكاتهم، في ظل ترقب الاتصالات الجارية في شأن تأليف الحكومة الجديدة. وسعى لبنان الى الدخول على خط تشكيل لجنة التحقيق الدولية عبر اجتماعات وزير الخارجية محمود حمود مع سفراء دول اعضاء في مجلس الأمن. وقالت مصادر ديبلوماسية ان الجانب اللبناني يهتم بصلاحيات اللجنة، وأن التوجه هو ان يشكل مجلس الأمن اللجنة ويترك تشكيل المحكمة الخاصة الى ما بعد انتهاء التحقيق ليتقرر في ضوئه تشكيل المحكمة الخاصة. وبموازاة ذلك بقي موضوع استقالة او إزاحة قادة الأجهزة الأمنية والنائب العام التمييزي بالأصالة القاضي عدنان عضوم من مناصبهم في أولويات البحث في الكواليس السياسية ومواقف قادة المعارضة. وقالت مصادر رسمية ان موافقة لبنان على لجنة التحقيق الدولية، تلزمه معنوياً بإزاحة قادة الأجهزة الأمنية، خصوصاً ان تقرير بعثة التقصي أشار الى ان بقاء هؤلاء في مواقعهم يضع الشكوك حول إمكان انجاز التحقيق الدولي ووصوله الى نتائج. وفي هذا المجال علمت"الحياة"ان الجانب اللبناني الرسمي بات يرى ان لا مناص من اتخاذ خطوة ما في شأن وضع هؤلاء القادة وأن المخارج التي نوقشت حتى الآن تراوح بين ان يضع هؤلاء استقالتهم في تصرف رئيس الجمهورية وبين ان يعطي المسؤول المباشر عن كل منهم رئيس الحكومة عمر كرامي، وزير الداخلية سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد ميشال سليمان اجازة ادارية طوال مدة التحقيق الدولي، خصوصاً ان بعثة تقصي الحقائق اشارت الى طمس معالم الجريمة بسبب بعض الإجراءات وعدم القيام بجمع أدلة من ميدان الجريمة او بالاستماع الى شهود. وتوقعت مصادر مطلعة ان يكون هذا الموضوع مدار نقاش في اللقاء المرتقب بين رئيس الجمهورية اميل لحود وكرامي في لقائهما المحدد سلفاً غداً، في وقت اشارت مصادر رسمية ل"الحياة"الى انه لا بد من القيام بخطوة على صعيد قادة الأجهزة التي لم تعد مطلباً للمعارضة، بل اجراء مطلوب على الصعيد الدولي، لكن ما لم يحسم بعد هو هل تتخذ هذه الخطوة قبل او بعد تشكيل الحكومة، وما هو الإجراء الذي يتيح تجنب التحدي والتشنج؟ وأوضحت ان ما يؤخر أي اجراء ان اياً من المسؤولين يتجنب اتخاذ أي قرار وحده، او انه ينتظر ثمناً سياسياً له على صعيد تشكيل الحكومة مثلاً. وكان تردد ان كرامي سيعتذر عن عدم تأليف الحكومة الجديدة غداً الأربعاء، لكن اوساطاً رسمية افادت ان اللقاء الأسبوعي مع لحود لا يعني بالضرورة ان يؤدي الى اتخاذ قرار الاعتذار، في ظل بعض المعطيات لدى محيط كرامي بأن اتصالات عدة أجريت خلال الأيام الماضية، تناولت امكان تشكيل حكومة انتقالية موثوقة للإشراف على الانتخابات، التي باتت مسألة ضاغطة على كبار المسؤولين بسبب الأجواء الدولية الملحة على اولويتها. وتساءلت مصادر معارضة عن كون تأخير حسم كرامي موقفه من تأليف الحكومة مرتبطا بالتريث اللبناني - السوري، في انتظار انتهاء اجتماع مجلس الأمن للبحث في تشكيل لجنة تحقيق دولية، ثم انتظار النتائج العملية لزيارة لارسن لدمشق ما بين الثاني والثالث من نيسان للحصول على جدولة للانسحاب الشامل للقوات السورية قبل اجراء الانتخابات النيابية. واعتبرت مصادر واسعة الاطلاع ان الاتجاه العام هو نحو عدم الأخذ بفرضية الحاجة الى شهور عدة لإتمام الانسحاب السوري، بل السعي الى إنجازه خلال اسابيع قليلة، خصوصاً ان لارسن سيناقش مع الأسد، وقبل عودته الى بيروت مسألة اجراء الانتخابات باعتبارها اولوية دولية ولأنها بند يتعلق ببسط سيادة لبنان على ارضه الذي نص عليه القرار الرقم 1559، ومن بينها استقدام مراقبين دوليين للإشراف على الانتخابات بعد تشكيل حكومة جديدة. وأمس كرر نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد تأكيد ان مصلحة واهتمامات المجتمع الدولي هي ان يسمح للبنانيين في التحرك قدماً لتكون هناك حكومة تعكس ارادتهم عبر انتخابات مع وجود مراقبين دوليين، وتسمح لهم بصناعة خياراتهم من دون تدخل خارجي، في سياق تأكيده على تطبيق القرار الدولي الرقم 1559. من جهة ثانية، كان لافتاً امس اعلان احد اركان المعارضة المسيحية الرئيس السابق امين الجميل ترحيبه بتصريحات رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط بعد لقائه مع الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله عن ان هذا اللقاء بداية حوار لحل المشكلات التي نتخبط بها. وقال الجميل:"نحن متفاهمون على كل الأمور والخلاف على سلاح"حزب الله"يجب ان يبحث على الساحة اللبنانية وحدها".