تخيم أجواء النقمة الاجتماعية في أكثر من بلد أوروبي على افتتاح القمة الأوروبية اليوم في بروكسيل. ويتركز اهتمام زعماء الدول الأعضاء ال26، حول الصعوبات التي تواجهها الاقتصاديات الأوروبية ومحدودية قدرتها على إحداث فرص عمل جديدة. كما تبحث القمة في الصيغة التي تم التوصل إليها لإدخال بعض المرونة على قواعد "ميثاق الاستقرار" النقدي، الذي يحكم شروط عجوزات الموازنات والديون الحكومية. ويخشى المسؤولون الأوروبيون من جهة أخرى ان تنعكس الصعوبات الاجتماعية على مسار المصادقة على الدستور، خصوصاً في فرنسا التي ترجح فيها استطلاعات الرأي احتمال رفض الغالبية نص الدستور عندما يعرض على الاستفتاء في أيار مايوالمقبل. ويبحث الزعماء الأوروبيون حل الوسط الذي صاغه وزراء المال ليل الأحد - الاثنين، والذي يمهل البلد الذي تتجاوز نسبة العجز فيه ثلاثة في المئة لفترة أربعة أعوام، مقسمة على مرحلتين، للعودة الى مستوى الثلاثة في المئة الذي حددته معايير الوحدة النقدية. وتبلغ هذه النسبة 6.1 في المئة في اليونان، تليها كل من ألمانيا 3.7 في المئة وفرنسا 3.7 في المئة، وبريطانيا 2.3 في المئة التي لا تنتمي لمنظومة العملة الموحدة. وتستجيب قواعد المرونة لحاجات كل من فرنسا التي تفسر العجز فيها بأهمية الاستثمار العام في قطاع الأبحاث العلمية والتكنولوجية، وألمانيا التي لا تزال تسدد فواتير وحدتها منذ مطلع العقد الماضي. وقال وزير المال الألماني هانز ايشيل ان ميثاق الاستقرار "يبدو أكثر عقلانية ويشجع النمو". ورأى نظيره الفرنسي تيري بريتون ان أوروبا "تحرز تقدماً كلما جلس الأعضاء إلى طاولة المفاوضات". إلا ان الصيغة الجديدة لا ترضي البلدان التي تتمسك بشدة بالمعايير التي حددتها معاهدة الوحدة النقدية، مثل النمسا. وتشترط هذه الشروط على بلدان الاتحاد، ان يكون العجز دون ثلاثة في المئة والمديونية العامة دون سقف 60في المئة وان لا يتجاوز التضخم اثنين في المئة وان تكون معدلات الصرف مستقرة. وعقب وزير المال في النمسا كارل هاينز غراسير بأن التعديلات الجديدة "لا تمثل أفضل حل ممكن". وينتظر ان تشهد القمة نقاشات حادة بين فرنساوألمانيا وبلجيكا من جهة، وغالبية البلدان التي يسودها المناخ الليبرالي. ويتركز الخلاف حول رفض فرنسا القوانين الجديدة التي وضعتها المفوضية العام الماضي لتحرير أسواق الخدمات. وتحمل القوانين اسم المفوض السابق بولكشتاين هولندا وقد اقترن، في صفوف الفئات الشعبية وأوساط النقابات، برموز الليبرالية المفرطة. ويتوقع ان يلح الرئيس الفرنسي جاك شيراك اليوم، مدعوماً من المستشار الألماني غيرهارد شرودر، على ضرورة سحب المفوضية القوانين وأن تعاد صياغة مقترحات بديلة. ويعتبر الموقف حيوياً بالنسبة الى فرنسا التي دخلت مرحلة حملة الاستفتاء على الدستور الأوروبي إذ ترجح استطلاعات الرأي في مطلع هذا الأسبوع فوز دعاة رفض الدستور وهم ينتمون إلى عدد من أحزاب اليمين واليسار.