لم تمر 24 ساعة على مغادرة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس العاصمة الباكستانية، حتى أجرت إسلام أباد أمس تجربة لصاروخ يصل مداه الى ألفي كيلومتر وقادر على حمل رأس نووي، في أحدث تجربة لبرنامجها لتطوير الصواريخ البالستية. وجاءت التجربة وسط تقارير عن ضغوط تواجهها إسلام آباد من أجل السماح لمفتشين دوليين بإجراء تحقيقات مباشرة مع عبدالقدير خان، مؤسس البرنامج النووي الباكستاني. وشهد الرئيس برويز مشرف، وهو أيضا قائد الجيش، تجربة إطلاق الصاروخ الذي يحمل اسم "شاهين 2 - حتف 6"، وهو صاروخ أرض - أرض أطلق من مكان مجهول. وكان ملفتاً توقيت التجربة وبعدها التقني هذه المرة، رغم البيان التقليدي الصادر من الجيش ومفاده أن التجربة استهدفت"اختبار المؤشرات التقنية"للصاروخ، وهو البيان الذي يصدر تقليداً عقب مثل هذه التجارب. وظهر مشرف على شاشة التلفزة الرسمية"بي تي في"في لباسه العسكري كقائد للجيش ليعلن أن بلده"اجتاز اليوم بنجاح الحد الأدنى لسياسة الردع النووي"بتجربته هذا الصاروخ، معلناً أن التكنولوجيا التي اختبرت في هذا الصاروخ تمهد الطريق أمام إجراء"تجارب إطلاق المركبات الفضائية". وقال مسؤول باكستاني أمس ل"الحياة"إن"التجربة ليست تحدياً للأميركيين بل تأكيد للثقة بالنفس". وعلى رغم أن مثل هذه الخطوة كان يمكن تفسيرها في الأحوال العادية بأنها تحدٍ لواشنطن، خصوصاً أن باكستان تستهدفها التحقيقات الدولية في انتشار الأسلحة النووية، إلا أن مراقبين في العاصمة الباكستانية يؤكدون أن إسلام آباد اختارت هذا التوقيت بعدما شعرت بأن واشنطن باتت مستعدة للاعتراف بها ضمنا كقوة نووية، خصوصاً أن الأميركيين يتهيأون لتسليم باكستان نحو 70 مقاتلة متطورة من طراز"أف - 16"قادرة على حمل رؤوس نووية. وقدمت واشنطن للهند عرضا مماثلاً. وليس واضحاً عقب مرور يوم على مغادرة رايس مدى صحة التقارير عن محاولات واشنطن الضغط على إسلام آباد من أجل إجراء تحقيقات مباشرة مع عبدالقدير خان الموضوع حالياً قيد الإقامة الجبرية في منزله في إحدى ضواحي إسلام آباد، بعدما عفا عنه مشرف تقديرا لخدمته بلده. وترفض باكستان السماح لواشنطن أو لمفتشين دوليين بالتحقيق المباشر معه. ولا يمكن فصل هذا الموضوع عن النزاع حول البرنامج النووي الإيراني، إذ أن وزير الإعلام الباكستاني شيخ رشيد أحمد قدم دعماً غير مباشر وغير متوقع أيضاً للموقف الأميركي، عندما أعلن الأسبوع الماضي أن التحقيقات التي أجرتها بلاده مع خان تؤكد أنه باع لإيران نظاما للطرد المركزي لتنقية اليورانيوم. ويضعف هذا التصريح موقف إيران الرسمي الذي يصر على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية.