نجحت صناديق التحوط في استقطاب عشرات البلايين من الدولارات من المؤسسات الحكومية الخليجية، بعدما"احترقت اصابعها"من الاستثمار في اسهم الاقتصاد الجديد"الدوت كوم"، قبل أن تلجأ الى ما يوصف ب"الملاذات الآمنة". وقدر مسؤولون في شركات استثمارية عالمية حجم استثمارات الخليجيين في صناديق التحوط بأكثر من 50 بليون دولار، غالبيتها حكومية ومرشحة لتزيد أكثر من عشرة في المئة في السنوات المقبلة، في ضوء تراكم السيولة في خزائن دول المنطقة نتيجة الارتفاع القياسي لاسعار النفط. وتعتمد"صناديق التحوط"اساساً على اسهم"الاقتصاد القديم"مثل النفط ومشتقاته والبتروكيماويات والعملات والمعادن وتعد ملاذات آمنة للمستثمرين ابان الازمات وشح البدائل الاستثمارية الاخرى. ويبدو ان المؤسسات الحكومية الخليجية لجأت الى هذا النوع من الاستثمار الخارجي، بعدما"تلطمت"اموالها بين صناديق استثمارية"تقليدية"غير مجدية وفوائد مصرفية لا تسد الرمق. ويتجه مديرو هذا النوع من الصناديق التي تندرج في اطار ما يسمى"الاستثمارات البديلة"، الى الاستثمار القصير الاجل، ويعتمدون على تقلبات اسعار اسهم القطاعات التي يستثمرون فيها، علماً انهم لا يستطيعون الاستثمار في اسواق يقل تذبذبها عن خمسة في المئة صعوداً وهبوطاً. وقال رئيس شركة الاستثمار العالمية"مان انفستمنت"المتخصصة في هذا النوع من الصناديق انطوان مسعد ل"الحياة"على هامش مؤتمر"الاستثمارات البديلة"الذي افتتح امس في دبي ان"هذه الحكومات حصدت عائدات مجدية من استثماراتها في صناديق التحوط في الاعوام الثلاثة الماضية، بفعل انتعاش اسهم الشركات النفطية وارتفاع اسعار الذهب والمعادن الاخرى وزيادة سعر صرف اليورو في مقابل العملات العالمية". ويشار الى ان سعر اونصة الذهب ارتفع في الاعوام الثلاثة الماضية من نحو 320 دولاراً الى 400 دولار. كما زاد سعر برميل النفط من نحو 30 دولاراً الى اكثر من 50 دولاراً. وقفز سعر صرف الجنيه الاسترليني في مقابل الدولار من 1.75 دولار الى نحو 1.90 دولار واليورو من 1.2 دولار الى 1.3 دولار. واعتبر مسعد ان"ثقافة"صناديق التحوط بدأت تدخل الى منطقة الخليج"وباتت المؤسسات الحكومية والافراد يأتون الينا طالبين الاستثمار في صناديقنا بعدما كنا نذهب اليهم لاقناعهم بالاستثمار". ولفت الى أن"معظم الحكومات الخليجية تستثمر الآن في هذه الصناديق سواء من خلال مصارفها المركزية او وزارات المال او مؤسساتها الاستثمارية"، مشيراً الى"مؤسسة حكومية خليجية واحدة تستثمر 20 بليون دولار"في صناديق التحوط التابعة ل"مان انفستمنت". وقال مسعد ان هذه الظاهرة"عالمية ولو أنها تبدو جلية في منطقة الخليج، وهي انتشرت في ظل غياب الرقابة الدولية"، مشيراً الى"الضغط المتزايد من المستثمرين وشركات الاستثمار المتخصصة في هذه الصناديق على المشرعين حول العالم لصوغ قوانين تنظم سوقها وتضبطها في ظل تنامي هذا النوع من الاستثمار". وأعلن ان"حجم الاموال التي استقطبتها صناديق التحوط حول العالم تصل الى تريليون دولار"، لافتاً الى أن"حصة دول الخليج منها تبلغ خمسة في المئة، ويبلغ عدد مديري الاستثمار في هذا النوع من الصناديق حول العالم نحو 8500 مدير". وتلجأ شركات الاستثمار الآن الى"الاستثمارات البديلة"التي تعمل صناديق التحوط في اطارها، بعد ابتعاد المستثمرين عن صناديق الاستثمار"التقليدية"، اثر انهيار اسهم ما يسمى ب"الدوت- كوم"قبل نحو أربعة اعوام. وتوقع الخبراء ان تكون الاستثمارات الخليجية التابعة للحكومات والافراد في الخارج خسرت عشرات البلايين من الدولارات، دفترياً على الاقل نتيجة لذلك، وان هؤلاء في حاجة الى وقت لاستعادة الثقة بهذه الاسهم والصناديق الاستثمارية.