اتفقت الحكومة السودانية مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان على هشاشة الوضع الأمني في اقليم دارفور المضطرب في غرب البلاد، وطلبت من المجتمع الدولي مساعدتها لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في الاقليم، ونفت أن تكون الإدارة الأميركية طرحت عليها تعيين مبعوث الى دارفور. وقال أنان في تقريره الشهري الى مجلس الأمن، الذي وزعه مبعوثه في الخرطوم أمس، إن الحكومة والفصائل المسلحة في دارفور لم تقوما بجهود حقيقية من اجل ايجاد حل سياسي للنزاع الدائر بينهما، وفشلا في انتهاز الفرصة التي وفرها اتفاق السلام في جنوب البلاد. ووجه أنان انتقادات لاذعة الى الحكومة السودانية، وقال إنه في الوقت الذي أصدرت فيه تصريحات عدة عن استعدادها لاجراء محادثات مع متمردي دارفور، إلا أنها لم تتخذ خطوات لمنع ميليشيا"الجنجاويد"من مهاجمة المدنيين، ولم تتخذ كذلك أي اجراء لرفع الحصانة عن منتهكي حقوق الإنسان في الاقليم. ورأى ان أفعال"الجنجاويد"واستمرارها سواء في السرقة أو مهاجمة المدنيين، هي نتيجة حتمية لعدم قيام الحكومة باتخاذ اجراءات ضدها. كما انتقد أنان متمردي دارفور واتهمهم بمهاجمة عمال الاغاثة، ورفض كشف مواقعهم لبعثة الاتحاد الافريقي، واطلاق النيران على مروحيات تابعة للاتحاد وبرنامج الغذاء العالمي. كما رأى انهم منقسمون سياسياً مما يعرقل اجراء المفاوضات لتسوية الأزمة في الأقليم. وطالب بتعزيز قوة الاتحاد الافريقي في هذه الفترة التي يسودها هدوء نسبي لمنع وقوع مواجهات مستقبلاً ووقف فرار المدنيين من قراهم، مؤكداً أن الوضع الأمني في دارفور لا يزال هشاً على رغم انخفاض المواجهات بين الحكومة والمتمردين والميليشيات خلال الشهرين الماضيين. وفي السياق ذاته، حض تحالف لمنظمات الاغاثة الرئيس الأميركي جورج بوش على تعيين مبعوث خاص الى السودان للمساعدة في حل أزمة دارفور على غرار مبعوثه السابق جون دانفورث الذي نجح في دفع مساعٍ قادت الى إقرار اتفاق في جنوب البلاد أنهى نحو 22 عاماً من الحرب الأهلية. وقالت منظمة"انتراكشن"في رسالة الى بوش إن الشخص الذي يختاره يجب أن يكون مكلفاً بقيادة جهود الإدارة الأميركية لتشجيع حل المشكلات الأساسية المسؤولة عن استمرار الصراع في دارفور. واضافت الرسالة:"نقدر الدور القيادي الذي تلعبه الحكومة الأميركية في توفير إمدادات الاغاثة لانقاذ أرواح مليوني منكوب في دارفور، ولكن الجهود الرامية الى احلال السلام في الاقليم توقفت على ما يبدو". وتابعت انه"إذا ظل المشردون خائفين جداً من العودة الى ديارهم في غضون الشهور القليلة المقبلة، فإنهم لن يتمكنوا من زراعة المحاصيل، وسيتطلب ما ينجم عن ذلك من عدم توافر محاصيل، أن يستمروا في تلقي مساعدات دولية لمدة عام آخر على الأقل". والتقى أعضاء تحالف منظمات الاغاثة الذي يقول إنه أكبر تحالف لمنظمات الاغاثة والتنمية غير الحكومية التي تعمل في الخارج، مع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض ستيفن هادلي قبل يومين، وناقش الجانبان تطورات الأوضاع في السودان. ولكن وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل، الذي قال للصحافيين أمس إنه يتفق مع أنان على هشاشة الوضع الأمني في دافور، حمل المتمردين مسؤولية انتهاك وقف النار والهجوم على المدنيين وقوافل الاغاثة، وطلب مساعدة المجتمع الدولي لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في دارفور. وتجاهل الرد على اتهام أنان حكومته بعدم اتخاذ اجراءات لمنع ميليشيا"الجنجاويد"المتحالفة معها من مهاجمة المدنيين وعدم رفع الحصانة عن المتهمين بارتكاب انتهاكات في دارفور، مؤكداً جدية الخرطوم لايجاد تسوية سلمية للأزمة في الاقليم. وأكد اسماعيل ان حكومته لم تتلقَ اقتراحاً أو طلباً من الإدارة الأميركية بتعيين مبعوث خاص الى دارفور، وستدرس هذا الطلب اذا طرح عليها بصورة رسمية، موضحاً أن الخرطوم تعاونت مع مبعوث الرئيس جورج بوش السابق الى السلام في السودان جون دانفورث. الى ذلك، ذكر وزير الخارجية أنه سيتوجه اليوم الى المملكة العربية السعودية حاملاً رسالة من الرئيس عمر البشير الى ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز تتعلق بتعزيز العلاقات الثنائية وتطورات الاوضاع العربية. وأفاد أنه سيجري محادثات في السعودية مع زعيم"التجمع الوطني الديموقراطي"المعارض محمد عثمان الميرغني الموجود هناك، من أجل دفع جهود المصالحة وتوقيع اتفاق بين الطرفين في القاهرة.