وضعت امارة ابو ظبي اخيراً اسساً قوية لتحقيق انطلاقة اقتصادية قوية وفق رؤية جديدة تفتح الى جانب قطاع صناعة الطاقة قفزات في مجال البنية التحتية والعمرانية ستنتج عنها آفاق جديدة للاقتصاد الظبياني الذي يتمتع ببنية آمنة مستقرة أثبتها الانتقال السلسي للسلطة في ابو ظبي اخيراً. وقال مصدر مطلع على اقتصاد ابو ظبي ل"الحياة": "انتظروا اموراً مهمة قبل نهاية هذا الشهر". وكشف المصدر ان التغييرات ستكون شاملة في القطاعين الاقتصادي والتجاري. ولفت الى انه سيطاول اجراء اول انتخابات لاختيار مجلس ادراة غرفة تجارة وصناعة ابو ظبي الذي كان يتم بالتعيين منذ قررت الحكومة وقف انتخابات غرفة التجارة قبل اكثر من 20 عاماً. وأكدت المصادر ل"الحياة" ان الانتخابات ستكون ايضاً الطريقة التي ستعتمد لاختيار المجالس البلدية في امارة ابو ظبي بعد ان كانت تُعيّن من قبل الحكومة، علماً ان مجلس ادارة "الغرفة" انتهت ولايته الرسمية منذ ثمانية اشهر فيما انتهت ولاية "المجلس البلدي" منذ اكثر من عامين الامر الذي يؤكد ان عدم تعيين الحكومة لمجلسين بديلين عنهما يعزز اتجاهها نحو اجراء انتخابات. واذا كان اختيار مجلس ادارة "الغرفة" والمجلس البلدي يخضع في النهاية الى قرار حكومي ويعود الى الحكومة وحدها تقدير وقت اصداره وربما يكون سريعاً او يتأخر لمزيد من الدرس بسبب انعكاساته السياسية والاقتصادية، فإن الحكومة اطلقت "رؤية جديدة" لاقتصاد ابو ظبي. رؤية جديدة ويرى رجل الاعمال الاماراتي حسين النويس ان "بشائر هذه الرؤية انطلقت مع اصدار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الرئيس الجديد لدولة الامارات حاكم امارة ابو ظبي قراراً الاسبوع الماضي بالسماح ببيع الاراضي والعقارات وشرائها في امارة ابو ظبي". ويؤكد النويس ان هذا التغيير "ينطلق من القاعدة القوية لاقتصاد الامارة الذي ترسخ خلال الفترة الماضية في عهد مؤسس الدولة المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان". وقال ان الشيخ خليفة بن زايد وولي عهده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "يملكان رؤية متقدمة لاقتصاد الامارة يتواكب مع مرحلة جديدة في ظل منظومة اقتصادية وعربية وعالمية". ولا تخفي الدوائر الاقتصادية في ابو ظبي ان قرار حكومة الامارة بيع الاراضي والعقارات وشرائها من جانب مواطني ابو ظبي، وما يتردد عن السماح مستقبلاً لمقيمين فيها بالتمتع بهذه الميزة سيحقق طفرة مهمة في النشاط العقاري يوازي ويتكامل مع النشاط الكبير والانجازات التي حققتها امارة دبي في السنوات الاخيرة في اطار الخصوصية التي تتمتع بها ابو ظبي كونها اكبر اقتصاد في دولة الامارات. ويؤكد النويس الذي يلعب دوراً استشارياً لدى القيادة الاقتصادية في ابو ظبي ان الحكومة "تريد من القطاع الخاص ان يلعب دوراً مهماً ومكملاً لدورها في العمل الاقتصادي الذي تحملت مسؤولياته خلال الفترة الماضية، وهي اليوم تسير في اتجاه تقليص دورها المركزي، واستقلال الكثير من المؤسسات، وتحقيق المرونة في السياسات والقرارات الاقتصادية والتجارية". قطاع الطاقة وانعكس هذا التوجه منذ سنوات عدة في قطاع الطاقة الذي كان القطاع الرائد في مجال التخصيص في امارة ابو ظبي وفتح المجال امام الشركات العالمية للشراكة مع الحكومة في انشاء شركات الطاقة المتخصصة في توليد الكهرباء وتوزيعها او تحلية المياه. واستطاعت هيئة مياه وكهرباء ابو ظبي التي ورثت دائرة الماء والكهرباء من تخصيص معظم محطات الطاقة في الامارة وتطويرها بالشراكة مع كبرى الشركات المتخصصة الاميركية والاوروبية واليابانية. وتمكنت من خلال هذه العملية من اجتذاب استثمارات اجنبية تزيد على 20 بليون دولار ونقل التكنولوجيا المتقدمة في هذا المجال. ويؤكد النويس ان التغيير الاقتصادي سيكون واسعاً وكبيراً خلال الفترة المقبلة، لافتاً الى ان ابو ظبي وضعت اسس هذا التغيير من خلال انشاء المؤسسة العليا للمناطق الصناعية وانشاء "الشركة القابضة" التي ستعود اليها ملكية الكثير من الشركات المتخصصة في المجالات الصناعية والخدمية المختلفة. مشاريع البناء وحدد النويس عناصر الرؤية الجديدة في مجال مشاريع البناء. ويلفت في هذا المجال الى انتهاء ابو ظبي من انشاء شركة "الدار العقارية" برأس مال مقداره 1.5 بليون درهم والاعلان قريباً عن انشاء شركة "الريان العقارية" برأس مال بليوني درهم. ويمكن معرفة اهمية هاتين الشركتين من خلال المشاريع التي حصلتا عليها في أبو ظبي والتي تزيد قيمتها على 100 بليون درهم وستنفذ في غضون سنوات قليلة. وحصلت "الريان العقارية" على مشروع تطوير جزيرة ام الشعوم في مقابل شاطئ فندق "روتانا" في ابو ظبي بكلفة 35 بليون درهم اضافة الى تنفيذ مشاريع اخرى في ابو ظبي ومدينة العين، فيما حصلت شركة الدار العقارية على مشروع تطوير شاطئ الواحة بالقرب من مطار ابو ظبي الدولي بكلفة تبلغ 57 بليون درهم اضافة الى مشاريع اخرى منها السوق المركزية في ابو ظبي ومشاريع جديدة في مدينة العين. ويرى النويس ان هذه المشاريع تقع ايضاً في مجال التطوير السياسي بالاستفادة من شواطئها الممتدة والساحرة وجزرها المتناثرة في الخليج والتي يزيد عددها على 200 جزيرة من بينها جزر اعتمدتها منظمات دولية متخصصة محميات طبيعية من اهمها جزيرة صيربني ياس. ويؤكد النويس ان التوجه السياسي الجديد برز مع هذه الاشارات ايضاً من خلال انشاء هيئة السياحة في ابو ظبي، وتشارك في منتصف الشهر الجاري في المعرض السياحي العالمي في برلين، وانشاء شركة طيران الاتحاد، الناقل الوطني لدولة الامارات. وقال النويس ان عملية التطوير في هذين القطاعين، اضافة الى القطاعات الاخرى ستسير مع الاتجاه لتطوير التعليم والتأهيل والتدريب من خلال الجامعات والمعاهد العلمية المتخصصة التي تغطي الامارات حالياً. الاسواق المالية وأضاف ان عملية التطوير تبرز من خلال تطوير سوق ابو ظبي للاوراق المالية الذي يمثل القاعدة لانطلاق الشركات المساهمة العامة او تخصيص الشركات الحكومية والتي تُطرح في السوق المالية، بالاستفادة من السيولة الكبيرة المتوافرة في السوق الاماراتية والتي تزيد بحسب تقديرات شبه رسمية عن 170 بليون درهم. وتشكل سوق المال في ابو ظبي الوعاء الذي يستقطب رؤوس الاموال لضخها في القطاعات الصناعية والخدمات وقطاع المصارف الذي شهد نشاطاً واسعاً في السنوات الاخيرة.