حذر رئيس منظمة اوبك وزير الطاقة الكويتي الشيخ احمد فهد الصباح في مؤتمر نفطي في ابو ظبي من ان استمرار الارتفاع في اسعار النفط"سيؤدي عاجلاً ام آجلاً الى انهيار الأسعار". وقال الوزير في كلمة في"مؤتمر النفط والغاز في الخليج العربي: نحو ضمان الامن الاقتصادي"ألقاها نيابة عنه الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح العضو المنتدب للخدمات البترولية في مؤسسة البترول الكويتية، وعضو وفد الكويت في مؤتمر اوبك الأخير في فيينا، ان اسعار النفط المرتفعة"تؤذي اقتصادات الدول المستهلكة، ولا تخدم الدول المنتجة وخصوصاً دول اوبك". وأكد الوزير ان من مصلحة دول اوبك"الحفاظ على طلب عالمي صحي على النفط عبر مستوى اسعار منصفة لا يؤثر سلباً على هذا الطلب". غير ان طلال الصباح قال في تصريحات له على هامش المؤتمر ان السعر العادل"يتراوح بين 24 و28 دولاراً للبرميل"الأمر الذي اثار استغراب الخبراء الذين يشاركون في المؤتمر ويعتبرون ان هذا المعدل"اصبح من الماضي". وقال رئيس اوبك في كلمته امام المؤتمر ان اوبك ادركت دائماً مخاطر الارتفاع الكبير في الأسعار"وحاولت وما زالت تحاول خفض الأسعار الراهنة بأي وسيلة ممكنة"، ولفت الى ان اوبك زادت سقف الإنتاج مرات عدة في الفترة الأخيرة التي شهدت ارتفاع الأسعار. وأكد"ان المنظمة ستزيد السقف متى رأت ذلك مناسباً حتى تخلق الاستقرار في السوق". وقال ان دول اوبك تستجيب بشكل ايجابي للوضع الراهن بطاقتها القصوى او ما يقاربها، ولفت الى ان انتاج المنظمة يزيد حالياً عن 30 مليون برميل يومياً بزيادة 1.5 مليون برميل يومياً عن السقف الإنتاجي الرسمي. وأكد الوزير الصباح ان اوبك ستعمل ايضاً على خفض الأسعار من خلال اتباع وسائل اخرى من بينها التأكيد للسوق استعدادها لتلبية الطلب العالمي على النفط. ولفت الى انه على رغم الارتفاع الحالي في اسعار النفط فإن السوق لا تعاني من أي نقص فعلي في امدادات النفط. وقال ان اوبك ستعمل ما في وسعها كي تعيد الاستقرار الى السوق على المديين القصير والطويل من طريق التوسع في سعة الانتاج، الأمر الذي يتطلب استثماراً كبيراً في صناعة النفط الخليجية وتعاوناً اكبر بين اطراف صناعة النفط العالمية. ولفت الى ان اعصار كاترينا قد بين استعداد اوبك للعمل مع المستهلكين من خلال التزامها بتغطية أي نقص في الإمدادات، وأكدت ان التعاون بين الدول المنتجة والدول المستهلكة يظل حيوياً في عملية تحقيق اقتصاد عالمي مستقر. وأكد رئيس اوبك في المؤتمر، الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وهو"رقم 11"في سلسلة مؤتمرات الطاقة التي يعقدها سنوياً، إن الارتفاع في الأسعار حالياً وخلافاً للهزات النفطية السابقة هو نتيجة انتعاش الاقتصاد العالمي الذي ادى الى زيادة استهلاك النفط والطلب عليه, ووجود خفض كبير في القدرة الإنتاجية الاحتياطية على الصعيد العالمي ما اسهم في حدوث مزيد من تقلبات اسعار النفط. وسجل مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي ينظم المؤتمر خلافاً مع رئيس اوبك في رؤيته لمستقبل اسعار النفط. وقال مدير المركز جمال سند السويدي ان ثمة مؤشرات تؤكد ان اسعار النفط التي وصلت الى مستويات قياسية غير متوقعة"ستحافظ على ارتفاعها في المستقبل المنظور". ولكن السويدي لفت الى ان استمرار ارتفاع الأسعار والعوائد العالية تنطوي"على مخاطر هائلة ومتعددة الجوانب على الدول المنتجة اضافة الى اثارته قلق ومخاوف الدول المستهلكة". وقال ان استمرار ارتفاع اسعار النفط سيؤدي الى نشوء"اقتصادات مشوهة في الدول المنتجة"تعتمد الى حد كبير على العوائد النفطية على حساب نشاطات وقطاعات اقتصادية تم تهميشها، كما سيؤدي الى تعرض هذه الاقتصادات لقوى خارجة عن سيطرتها، ومنها ظاهرة تقلب اسعار النفط و"الفقاعات"الاقتصادية التي تنتج عنها، اضافة الى ان ارتفاع اسعار النفط يعجل خطر انهيار معدلات النمو الاقتصادي العالمي على المديين المتوسط والبعيد مما يهدد بتراجع الطلب على النفط مستقبلاً، وينعكس بالتالي هبوطاً حاداً في الأسعار والعوائد معاً. ولفت الى ان دول الخليج لم تستطع خلال فترات الازدهار السابقة التغلب على مثل هذه التحديات, وعانت كثيراً من هشاشة وضعها امام تقلبات اسواق النفط، اضافة الى ان الاعتماد على العوائد النفطية خلق في دول الخليج انماطاً استهلاكية ضارة، وقوض قطاعات غير نفطية منتجة وقلص من فرص تنويع النشاطات الاقتصادية. وأكد مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ان دول الخليج تدرك الآن ضرورة اعطاء اهتمام اكبر بمستقبل الأمن الاقتصادي من خلال وضع خطط منهجية مدروسة لتوظيف الموارد المالية، بهدف بناء اقتصادات اكثر تنوعاً... وقال ان دول الخليج تدرك من خلال المعطيات الحالية في اسواق النفط والاقتصاد العالمي ضرورة توسيع صناعات النفط والغاز فيها من خلال التعاون بين طرفي المعادلة النفطية، من اجل اقامة صناعة عالمية للطاقة اكثر استقراراً ودعماً للاقتصاد العالمي، وأكثر قدرة على مواجهة الأزمات وامتصاص الصدمات. وأضاف السويدي ان الارتفاع الحالي في اسعار النفط والذي يقترن بارتفاع الإنتاج، يتيح امام الدول المنتجة للنفط فرصة ترسيخ اسس التنوع الاقتصادي، وتعزيز التنمية والأمن الاقتصادي في منطقة الخليج العربي. وسيبحث المؤتمر الذي يستمر ثلاثة ايام ويضم مجموعة من صانعي السياسات والمحللين والخبراء الدوليين من الخليج ومناطق العالم الأخرى، الدور الذي سيلعبه النفط مستقبلاً في اقتصادات الدول الخليجية المنتجة، وأمن واستقرار المنطقة، اضافة الى المكاسب التي تحققت لمصادر الطاقة في الخليج في اطار تراجع معدلات الإنتاج في بقاع اخرى من العالم, وانتهاج سياسات استراتيجية لتحقيق الحد الأقصى من المنافع الاقتصادية لهذه الدول.